أسفر التدخل العنيف لقوات التدخل السريع، أول أمس، عن عدد من الإصابات بين المحتجين على أزمة النقل التي يعاني منها آلاف المواطنين بكل من مدن تمارةوالرباط وسلا، وكذا عن إصابات أخرى في صفوف مواطنين كانوا في انتظار وسيلة نقل تقلهم إلى حيث يتوجهون، قبل أن يفاجؤوا بهجوم مباغت للقوات العمومية، التي كانت قد تلقت أوامر بجلد جميع من يوجد قرب مكان تنظيم الوقفة التي دعت إليها تنسيقية مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية. وكانت السلطة قد عمدت إلى اتخاذ قرار بمنع الوقفة واستعدت مبكرا لإجهاضها، حيث رابطت أزيد من خمس سيارات محملة بالعشرات من عناصر التدخل السريع، إضافة إلى سيارات إسعاف، بالساحة القريبة من مقهى «جور أي نوي» وسط الرباط، لتعمد دقائق بعد الشروع في الاحتجاج إلى التدخل بشكل عنيف في حق المحتجين ونزع لافتة كانوا يحملونها بالقوة. وبدا واضحا أن السلطة حاولت منع المواطنين من الالتحاق بالوقفة التي نظمت أمام محطة لسيارات الأجرة والحافلات، حيث شوهد مسؤول أمني وهو يحاول إقناع بعضهم بالمغادرة وعدم المشاركة في الاحتجاج، لأن الأمر يتعلق ب«السياسة وليس بالطوبيس»، على حد قوله. وعاشت زنقة مليلية، حيث نظمت الوقفة، أجواء متوترة نتيجة القمع الذي مارسته القوات العمومية في حق المشاركين، والذي طال أيضا عشرات المواطنين الذين فوجئوا بهراوات التدخل السريع وهي تنهال على أجسادهم بعد احتجاجهم على التدخل الأمني، وهو ما دفع عددا من التجار إلى إغلاق محلاتهم خوفا من حدوث الأسوأ. كما تمت معاينة مسؤول أمني بزي مدني وهو يحتج على بعض عناصر التدخل السريع لعدم تمكنهم من تفريق المحتجين وطردهم من المكان، ليصرخ في وجوههم بصوت مرتفع «سلخو يماهم». كما تم سحب الهواتف النقالة من بعض المواطنين الذين حاولوا تصوير وقائع التدخل العنيف، خاصة بعد أن تم طرح مواطنة أرضا بعد سحبها من شعرها من طرف ستة عناصر من قوات التدخل السريع، الذين انهالوا عليها بالهراوات والصفع بطريقة أثارت استهجانا كبيرا من طرف عدد من المارة الذين سارعوا إلى إنقاذها قبل أن يتعرضوا بدورهم للضرب والمطاردة على امتداد زنقة مليلية. واتهم محمد غفري، المنسق الوطني لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، والي الرباط ب«الاستهتار بالمواطنين والتهرب من المسؤولية»، وأكد، أن الوالي حسن العمراني «يمارس التضليل حين يدعي عدم وجود أزمة النقل»، وأضاف أن «القمع الهمجي لن يحل المشكل»، وأن التنسيقيات ستنظم المزيد من الاحتجاجات بكل من الرباط وسلا مادامت الأزمة قائمة». وأكد غفري أن المواطنين أصبحوا «يتعرضون، بشكل يومي، للاعتداء من قبل «الخطافة»، والآن حان دور القوات العمومية لتواصل مسلسل الاعتداء». وفي سياق متصل، طالب الناشط الحقوقي عبد الإله بنعبد السلام بضرورة مساءلة والي الرباط حسن العمراني بخصوص أزمة النقل الحالية. وأكد أن هذا الأخير عوض أن يقوم بالبحث عن حل للمشكل القائم، لجأ إلى مصادرة حق الاحتجاج السلمي. وأضاف بنعبد السلام، الذي شارك في الوقفة، أن التدخل العنيف في حق المحتجين دليل على أن «عقلية الدولة تتحكم فيها المقاربة الأمنية، وهو ما سيزيد من تأزيم الأوضاع ويكرس فقدان ثقة المواطن في المؤسسات لأنها لا تستجيب لتطلعاته». من جهتها، أدانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التدخل العنيف للقوات العمومية. وأكدت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية، أن ما حدث في حق المحتجين ضد أزمة النقل هو «جزء من مسلسل قمع الاحتجاجات السلمية»، وهو ما يؤكد، حسب الرياضي، «الهوة الكبيرة بين الخطاب الرسمي حول حقوق الإنسان والواقع اليومي للمواطنين».