نقابة «الباطرونا» صمتت دهرا ونطقت هجرا، فقد قدمت خلال اليومين الماضيين دراسة جديدة تكشف رؤية رجال الأعمال المغاربة لحل مشكل البطالة والإجراءات الكفيلة، في تقديرهم، بالحد من استفحال هذه الظاهرة وجعل سوق الشغل أكثر مرونة وقدرة على استيعاب الشباب الباحث عن عمل، معتبرة أنها ستشكل، في حال العمل بها، ثورة حقيقية. الدراسة، التي حملت عنوان «المرونة المسؤولة لخدمة التنافسية والعمل»، أشارت إلى أن المغرب يعرف أزمة نمو «حادة ومستمرة»؛ وفي حال استمرار الوضع على ما هو عليه، فإن الاقتصاد المغربي «لن يكون قادرا على تقديم الإجابات الضرورية لمشكل البطالة»، تجزم الدراسة. وبالنظر إلى أن واضع الخطوط العريضة لهذه الدراسة هو رئيس لجنة الشغل بالاتحاد العام للمقاولات ومدير إحدى كبريات الشركات العاملة في مجال التشغيل والمناولة، فإنه لم يكن من الغريب أن تركز (الدراسة) على نقطة عقود الشغل، حيث دعت إلى الانفتاح أكثر على عقود العمل المؤقتة، وعقود عمل الدوام الجزئي، وعقود العمل الوحيد. وقد حاولت نقابة «الباطرونا» تبرير هذا التوجه بضرورة التخلص من مفهوم العقود محددة المدة للقضاء على الفوارق واللامساواة بين العمال الذين يشتغلون بعقود عمل غير محددة المدة والعمال الذين يشتغلون بعقود عمل محددة المدة؛ مشيرة إلى أن عقود العمل من هذا النوع ستشجع المقاولات على خلق مناصب شغل وضمان حقوق العاملين. لكن، يبدو من المؤكد أن وراء هذه الخطوة نية مبيتة لتمييع عقود الشغل وضرب حقوق العمال، خاصة أنها تأتي ضمن مسلسل يتضمن حلقات أخرى، على رأسها إخراج التعويض عن فقدان الشغل إلى حيز الوجود. ولنا في ما يجري داخل شركات التشغيل المؤقت والمناولة من تجاوزات وهضم لحقوق العمال خير مثال على ذلك.