خرج الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب بدراسة شاملة ضمنها رؤيته للوصول إلى حلول جذرية للتقليص من ظاهرة البطالة، وحل لمشكل سوق الشغل بالمغرب. الدراسة، التي أعدتها لجنة التشغيل بالاتحاد، وتزامنت مع إصدار المندوبية السامية لتقريرها الأخير حول سوق الشغل بالمغرب، أشارت إلى أن المغرب يعرف أزمة نمو تظهر جليا من خلال أزمة سوق الشغل، التي تتطلب إجابات ضرورية وعاجلة للإشكاليات التي تطرحها هذه الأزمة، حيث اعتبرت أنه بدون إصلاح حقيقي لسوق الشغل من قبل الفاعلين السياسيين والشركاء الاجتماعيين، فإن المغرب لن ينجح أبدا في تقليص الفوارق الاجتماعية التي تعمق أزمة ولوج الباحثين عن عمل إلى سوق الشغل، مقترحة القيام بثورة ثقافية لخلق العمل ملمحة إلى أن خلق فرص الشغل لا يتم بالاعتماد على الارتجالية وإنما بالاعتماد على العمل والتطبيق. ولإحداث ثورة ثقافية في سوق الشغل، اقترحت الدراسة منح المقاولات المغربية مرونة أكثر في التشغيل، دون إهمال حقوق العمال الاجتماعية والاقتصادية، لكون المرونة تسمح للمقاولات بالتأقلم مع التحولات التي يفرضها مناخ سوق الشغل بالمغرب، خصوصا فيما يتعلق بمعيقات السوق. الدراسة ذاتها أشارات أيضا إلى أن عقود العمل يجب أن تتميز بالمرونة وتتماشى مع كل ما يمكن أن يواجه المقاولة من متاعب. معتبرة أنها استراتيجية تهدف إلى ضمان استقرار سوق الشغل، حيث إنها تتسم بعدم المساواة بين الأجراء نظرا للنظام الذي تعتمده، فيما يتعلق بعقود العمل المحدد وغير المحدد. على صعيد متصل لفتت الدراسة، التي قسمت إلى قسمين أولهما قسم يتحدث عن «مرونة سوق التشغيل» والثاني يسلط الضوء على «ضمانات التشغيل للمستخدمين»، إلى أنه لا يجب أن تقتصر عقود العمل على الأجل غير محدد المدة، بل يجب أن يتنوع ليشمل عقود عمل لمهام مؤقتة، وعقود عمل لدوام جزئي، وعقود العمل الوحيد التي يمكن أن تعوض عقد العمل محدد المدة. وتشرح الدراسة أن عقود العمل الوحيد ستمكن من التخلص من مفهوم العقود محددة المدة، وستقضي على الفوارق واللامساواة بين العمال الذين يشتغلون بعقود العمل غير محددة المدة والعمال الذين يشتغلون بعقود العمل محددة المدة، مشيرة إلى أن عقود العمل من هذا النوع ستشجع المقاولات على خلق مناصب شغل وضمان حقوق العاملين. وأشارت الدراسة ذاتها إلى أنه ولضمان جعل سوق الشغل أكثر مرونة يجب على المقاولات تغيير الطرد أو الاستقالة بعقود العمل بالتراضي، لما يتميز به هذا الأخير من سهولة ومرونة في التعامل بين أطرافه دون اللجوء إلى المحاكم، ما سيوفر على المقاولة والعامل المرور بمسطرة قانونية معقدة. وحسب التقديم الذي أنجزه جمال بلحرش، رئيس لجنة الشغل والعلاقات الاجتماعية بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، فاقتراحات الباطرونا من شأنها أن تعزز سوق الشغل في المغرب وجعله يتجاوز الأزمة التي يعيشها، لأنه إذا ما تم اعتماد هذه الاقتراحات فإن المقاولات ستعمل على خلق فرص شغل أكثر، مفسحة المجال أمام العمال، والقضاء على الفوارق واللامساواة في العمل داخل المقاولة، والتخلص من المساطر القانونية التي تؤرق العمال كما المقاولات.