كشفت دراسة مثيرة حول ظاهرة الاتجار بالبشر في المغرب أن الأخير أصبح فضاء مفتوح لتكوين شبكات منظمة متخصصة في استيراد وتصدير «البشر»، وإن كان وزير العدل والحريات نفى وصول الأمر إلى مستوى «ظاهرة» وإن تم تسجيل حالات في هذا السياق. وأكد مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، في لقاء نظم أول أمس بالرباط خلال عرض نتائج الدراسة التي ساهم في إنجازها كل من منظمة الأممالمتحدة وبرنامج التعاون السويسري، (أكد) أن الاتجارَ بالبشر «من أخطر الجرائم التي تستهدف كرامة الإنسان وحقوقه، ويتخذ صورا متعددة، أهمها استغلال الأشخاص في العمل القسْري أو استغلالهم جنسيا أو في أوضاع شبيهة بالنخاسة التي كانَ الإسلام سبّاقا لتجريمها». وحسب ما تضمنته الدراسة رغم أنها لا تتوفر على أرقام وإحصائيات حول ظاهرة الاتجار بالبشر، لغياب معطيات رسمية، فإن هناك شبكات تقوم باستيراد البشر من بلدانهم الأصلية الواقعة في إفريقيا جنوب الصحراء ليتم نقلهم إلى عدد من المدن المغربية خاصة في محور الرباط والبيضاء ومراكش، وإجبارهم على احتراف الدعارة والتسول ودفع مبالغ مالية للشبكات مقابل توفير الأخيرة الحماية للضحايا. والأكثر من ذلك فإن الشبكات تفرض على المهاجرات خاصة الأفريقيات على إنجاب أطفال من أجل استغلالهم في التسول واستعطاف الناس، من أجل الحصول على المال. وأكدت الدراسة إلى كون فريق العمل الذي سهر على إنجاز هذه الدراسة وجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى الحالات والتواصل معهم خاصة النساء العاملات في الجنس، وزادت الصعوبة لعدم تجريم القانون المغربي للظاهرة، حيث ليس هناك تعريف معترف به في القانون، كما أن المغرب لا يتوفر على آليات تمكنه من حماية ضحايا الاتجار في البشر. علاوة على غياب مراكز إيواء ضحايا الاتجار بالبشر في المغرب وضعف الدعم النفسي، ولم يفت الدراسة التأكيد على أن مراحل المسطرة القضائية في المغرب غير سليمة، حيث أن بعض القضايا لا يجب أن تبدأ بالضرورة بتسجيل الشكاوى والدعاوى القضائية لدى النيابة العامة، فقد يحتاج الأمر في بعض الحالات إلى أولويات تتجلى في الحصول على معلومات آنية من قبل الشرطة القضائية قبل وضع الشكاية. وأوضحت الدراسة أن المشرع المغربي أدرج في القوانين المغربية منذ 2007 ظاهرة غسل الأموال، لكن لم يدرج فيها تعريف الاتجار. غير أن العناصر التي تطابق التعريف، تتجلى في عدة مظاهر يمكن تصنيفها في ظاهرة الاتجار بالبشر، والتحكم بالقوة في الشخص باستعمال أساليب، كالاختطاف والاحتجاز التهديد. ورصدت الدراسة تجليات الاتجار بالبشر في المغرب في استغلال النساء في الدعارة عن طريق وسطاء وتسخيرهن في الأعمال المنزلية، وكذا تشغيل القاصرين والزواج المبكر واعتبرته شكلا من أشكال الاستغلال الجنسي. وقد وقفت الدراسة على كون المغرب أصبح مصدرا للفتيات إلى دول الخليج، وهناك الكثير من الوسطاء الذين يشتغلون في هذا الإطار، حيث يتم استهداف الفتيات في عدد من الأماكن كصالونات الحلاقة والتجميل، علاوة على توظيف أداء مناسك العمرة في هذه العملية، حيث يقوم الوسطاء بإيهام الضحايا بأداء مناسك العمرة ليتم استغلالهن فيما بعد في العمالة المنزلية والدعارة، ومصادرة جميع وثائقهن وحرمانهن من حقوقهن.