أكد الملك محمد السادس في خطاب ألقاه يوم الجمعة الماضي، بمناسبة الذكرى 34 للمسيرة الخضراء، تشبث المغرب بالمسار التفاوضي الأممي حول مبادرة الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء، وتمسكه بالشرعية الدولية. وجدد التأكيد على استعداد المغرب الدائم للتفاوض الجاد، وحرصه على تيسير مهمة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، الأمريكي كريستوفر روس، من أجل مواصلة جهود سلفه النمساوي بيتر فان والسوم «لإيجاد حل سياسي توافقي وواقعي ونهائي على أساس مقترح الحكم الذاتي، وفي نطاق سيادة المملكة ووحدتها الوطنية والترابية». وحمل الخطاب الملكي، في تحول جديد تجاه ما بات يسمى ب«بوليساريو الداخل»، على التوجهات التي تسعى إلى استغلال تواجدها داخل التراب المغربي من أجل خدمة أطروحات الانفصال، وقال: «آن الأوان لمواجهة هذا التصعيد العدواني بما يقتضيه الأمر من صرامة وغيرة وطنية صادقة ووضوح في المواقف، وتحمل كل واحد لمسؤوليته»، مضيفا أنه «بروح المسؤولية نؤكد أنه لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع، فإما أن يكون المواطن مغربيا أو غير مغربي، وقد انتهى وقت ازدواجية المواقف والتملص من الواجب، ودقت ساعة الوضوح وتحمل الأمانة، فإما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا، إذ لا توجد منزلة وسطى بين الوطنية والخيانة، ولا مجال للتمتع بحقوق المواطنة، والتنكر لها، بالتآمر مع أعداء الوطن». وأعرب الملك محمد السادس عن رفض المغرب لأي مزايدة في القضية الوطنية الأولى للمغاربة، عبر ركوب مطية حقوق الإنسان من طرف أنظمة وجماعات«تنتهك حقوق الإنسان، وتحاول بأساليب المكر والتضليل أن تجعلها أصلا تجاريا وتتخذها وسيلة للارتزاق الرخيص داخليا وخارجيا»، وقال: «إننا لواثقون من كسب معركة النزاع المفتعل حول وحدتنا الترابية، مهما طال الزمن لأننا أصحاب حق ومشروعية تاريخية وقانونية، ولإيمان المغاربة جميعا بأنها قضيتهم العادلة والمقدسة». وأعلن الملك محمد السادس عن إطلاق مخطط مندمج في قضية الصحراء، قائم على توجهات خمسة، أولها الحرص على أن تكون الأقاليم الصحراوية في صدارة الجهوية المتقدمة المنشودة، بما يعزز تدبيرها الذاتي لشؤونها المحلية، وثانيها قيام الحكومة بجعل هذه الأقاليم نموذجا لعدم التمركز، وللحكامة الجيدة المحلية، عبر تزويدها بأجود الأطر وتخويلها صلاحيات واسعة تحت الإشراف القانوني للولاة والعمال، وثالثها إعادة هيكلة المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، في أفق انتهاء ولايته، من خلال إعادة النظر في تركيبته وتقوية تمثيليته بانفتاحه على نخب جديدة ذات كفاءة وغيرة وطنية، وتأهيل وملاءمة هياكله وطرق تسييره مع التحديات الجديدة والرفع من نجاعته، ثم مراجعة مجال عمل وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، ونفوذها الترابي، وذلك بتركيز جهودها على الأقاليم الصحراوية، والانكباب على إنجاز مشاريع للتنمية البشرية وبرامج محلية موفرة لفرص الشغل للشباب، ومعززة للعدالة الاجتماعية والإنصاف، والعمل على تيسير ظروف العودة لكل التائبين من مخيمات تندوف واستقبالهم ودعم إدماجهم، وأخيرا نهوض الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية والإعلامية والقوى المنتجة والمبدعة بواجبها في تأطير المواطنين و«ترسيخ قيم الغيرة الوطنية والمواطنة الحقة». وقال الملك إن تفعيل التوجهات السياسية والتنموية لهذه المرحلة الجديدة من قضية الصحراء «لا ينبغي أن ينحصر في الجبهة الداخلية، وإنما يتطلب أيضا تضافر جهود الدبلوماسية الرسمية والموازية للدفاع عن مغربية الصحراء وعن مبادرة الحكم الذاتي».