بنهاية اليوم الأخير من الامتحانات، زاح «الحمل الثقيل» عن الأجساد المكدودة. سباقٌ من نوع آخر ندخله وقد أنهينا الامتحانات، خصوصا خلال الأيام الأولى الموالية: نتنافس في وتحطيم الأرقام القياسية في عدد الساعات التي نمضيها ونحن نيام.. ساعاتُ نومٍ طويلةٌ كنا في أمس الحاجة إليها، في محاولة لإعادة بعض «التوازن» إلى نظام حياتنا. نظامُنا الغذائي، بدوره، يكون قد تعرّض، خلال فترة الاستعداد للامتحانات، لتعديلات اضطرارية تستلزم منا، بعد ذلك، عمليةَ «تقويم» عاجلةً، علها تتدارك عاداتِ الأكل والشرب السيئةَ التي عوَّدْنا عليها أجسادَنا المسكينةَ طيلة فترة الاستعداد.. الجوانب النفسية والعاطفية أيضا تكون قد «تضرّرت» بفعل تلك الفترات الحرجة من «حرمان النفس» الذي تتفاوت درجات تطبيقه وإلزام الذات به من طالب إلى طالب ومن طالبة إلى طالبة.. بعد أيام الخمول ومحاربة «تدارك ما فات» على أصعدة مختلفة، نعود إلى «التسلح» بدفاترنا وأوراقنا، استعداداً لفترة الاختبارات الشفوية.. اختبارات نشرع في الاستعداد لها، وكل يُمنّي النفسَ بأن تكون الألطافُ الإلهية قد شاءت له أن يُعلَن «ناجحاً» في الاختبارات الكتابية! البعض من الطلبة الذين يساورهم الشّكُّ في النجاح المرتقَب، كانوا يعمَدون إلى فتح المحاضرات التي قد «يُحكَم» عليهم ب«إعادتها» عند إعلان النتائج.. هناك دورة استدراكية تنتظر في المنعطف كلَّ من خانتهم الذاكرةُ، بشكل من الأشكال، في الامتحانات الأولى.. الامتحانات الشفوية بالنسبة إلى طلبة السنة الأولى، شعبة الآداب العربية، كانت تتمحور حول شخص أستاذ واحد شكل، على امتداد سنوات، «كابوسا» حقيقياً لأفواج الناجحين في الامتحانات الكتابية. كان احتمال «السقوط» بين يدَي الأستاذ «الذي لا يرحم» يعني بالضرورة تضاؤلَ الحظوظ إلى أبعد الحدود، في الانتقال إلى الصف الموالي.. اعتاد ذلك الأستاذ ممارسة نوع من «الاستبداد» بالرأي وطرح أنواع وأشكال غريبة من الأسئلة على طلبته الذين كانوا يتحولون في اختباره الشفوي إلى «حملان وديعة» مهما تكنْ درجاتُ اعتدادهم بأنفسهم على امتداد الموسم.. قد يطرح عليك سؤالا تعجيزيا أو يكتفي بالإشارة إلى أنك لن تنتقل إلى القسم الموالي، لا لشيء إلا لأنك «ما تزال صغيراً في السن..» أو «لأنك لستَ مؤهلا لذلك الانتقال».. لسبب لا يعرفه إلا هو شخصيا!.. وحتى إذا «سخنت الدماءُ في رأسك» جراء أسئلته أو ملاحظاته الاستفزازية وانتفختْ عضلاتُك أمام هذا «المستبد» فإنه لا يتأخر في التلميح لك بأنه على استعداد لهذا الخيار أيضا.. فقد كان يعقّب على رفض واحد من الطلبة لطريقته الفجّة في تقصُّد «إسقاط» مَن يريد بأن بإمكان الطالب «المظلوم» أن يحدد مكاناً وزماناً يختارهما في حالة ما إذا كان يرغب في «مبارزة» أو مواجهة جسدية لحل «سوء التفاهم» بطريقة «المواجهة الجسدية» على وزن «المناظرة الفكرية»!... يتبع...