يرجح أن يكون مجلس الحكومة قد صادق أمس الخميس على مشروع قانون المالية للسنة المقبلة بعد ثلاث جولات من الاجتماع لمناقشة بنوده والميزانيات القطاعية لمكونات الحكومة. وحسب مصدر مطلع، فإن النقطة الوحيدة التي كانت عالقة وجعلت الحكومة لا تكمل مناقشة المشروع في ثاني اجتماع أول أمس الأربعاء هي مطالبة ثلاث وزارات أساسية الزيادة في ميزانيتها والمناصب المالية الممنوحة إليها، ويتعلق الأمر بوزارات التربية والصحة والعدل، التي ترتبط بأوراش إصلاح كبرى تحتاج إلى تمويل كبير وموارد بشرية مهمة. ومن الميزانيات القطاعية التي ستعرف زيادة ملحوظة برسم ميزانية 2010 ما يتعلق بقطاع الثقافة، الذي لم ينل السنة الماضية سوى 30 منصب شغل من أصل 12 ألفا و820 منصبا تم إحداثها بموجب قانون المالية 2009، وترجع هذه الزيادة في ميزانية وزارة الثقافة إلى كونها من أضعف ميزانيات القطاعات الحكومية، وهو ما دفع وزير الثقافة بنسالم حميش إلى الإلحاح على الوزير الأول لإيلاء اهتمام أكبر لقطاع الثقافة. ولإحداث توزان بين الزيادة التي ستعرفها نفقات الدولة، بالنظر إلى تراجع مداخيل الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات وزيادة كتلة الأجور، أقرت الحكومة برسم مشروع قانون المالية للسنة المقبلة تدابير جبائية للزيادة من مداخيلها لمواجهة تحملاتها المالية، ومن ذلك الزيادة في القيمة المضافة للمحروقات والضريبة الداخلية على استهلاك الخمور، والتقليص من الاستثناءات الجبائية، ومنها الإعفاء الذي كانت تستفيد منه صناديق التقاعد فيما يخص واجبات التسجيل، بالإضافة إلى الشركات التعاضدية والتعاونيات وشركات الإيجار العقاري وعمليات تبادل العقارات الفلاحية الواقعة خارج المدار الحضري. وتشكل الاستثناءات الجبائية، التي تأخذ شكل إعفاءات وتخفيضات ضريبية وإسقاطات من القاعدة الضريبية، فضلا عن تخصيص أسعار تفضيلية لهذا القطاع أو ذاك، هاجسا دائما لوزارة المالية التي تطمح إلى التقليل منها إلى أدنى حد منها، كماً وكيفاً، لما تشكله من نقص مالي مهم في مداخيل الميزانية العامة للدولة، وقد انتقل عدد الاستثناءات من 410 تدابير سنة 2007 إلى 392 تدبيرا في سنة 2008. وباستثناء الرسوم الجمركية والرسوم الداخلية على الاستهلاك تشكل النفقات الجبائية خلال سنة 2008 نسبة 17.5 في المائة من الموارد الضريبية المعتبرة، و3.6 في المائة من الناتج الداخلي الخام. ومن جانب آخر، اختارت الحكومة عدم الخوض في إصلاح حقيقي للضريبة على القيمة المضافة، واكتفت باعتماد بعض التعديلات الطفيفة، بحيث سبق لوزير الاقتصاد والمالية أن صرح بأن إصلاح هذه الضريبة التي تتميز بشموليتها هو إصلاح حساس ويحتاج إلى نقاش خارج سياق إعداد الميزانية العامة. وفي موضوع ذي صلة، التقى مدير الضرائب نور الدين بنسودة يوم الثلاثاء الماضي مسؤولي 18 فدرالية مهنية تابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب بمقر هذا الأخير في الدارالبيضاء، وقد التقى بكل واحدة منها على حدة لمدة ربع ساعة للاستماع إلى مطالبها الجبائية وحاجاتها إلى تسهيلات وتحفيزات ضريبية في ظل الخسائر وتراجع الأرباح التي تسجلها العديد من الشركات المغربية، سيما في القطاعات التصديرية، بفعل تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أدت إلى ركود لدى أبرز شريك اقتصادي للشركات المغربية، هو المقاولات الأوربية.