فاز محمد الشيخ بيد الله، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، برئاسة مجلس المستشارين، في مواجهة غريمه المعطي بن قدور، الرئيس السابق للمجلس، ومرشح الأغلبية الحكومية، وذلك في جلسة مارطونية انطلقت من الساعة ال11 ظهرا من أول أمس، إلى حدود الساعة السادسة مساء. وكان لافتا للانتباه أن بعض المستشارين الاتحاديين صوتوا لفائدة بيد الله، ومنهم مستشاران صحراويان، رغم أن حزب الاتحاد الاشتراكي قاد حربا ضد حزب الأصالة والمعاصرة منذ تأسيسه، معتبرا إياه «وافدا جديدا» على المشهد السياسي بهدف تمييعه. وأرغم بيد الله، الذي اخترق صفوف الأغلبية الحكومية، في سابقة أولى من نوعها، لحصد الأصوات، بن قدور على خوض الدور الثاني لحسم الموقف، ذلك أن بيد الله حاز ثقة 140 مستشارا، من أصل 244 مشاركا، مقابل 100 مستشار صوت لفائدة بن قدور. وهنأ بن قدور بيد الله، وقال في تصريح ل«المساء» بعد خروجه من القاعة «إنني لم أنهزم أمام بيد الله، الذي أتمنى له التوفيق في مهمته، ولكن أعلن أن الأغلبية الحكومية بقيادة عباس الفاسي، هي من أخفقت»، متسائلا عن الكيفية التي ستدبر بها الحكومة مشاريع قوانينها المقبلة. ولم يحدد بن قدور انتماءات أعضاء الأغلبية الذين غيروا موقفهم، حيث قال «أنا لا أعلم من صوت ضدي، لأنني لا يمكني أن أدخل معهم المعزل، لمعرفة ما قاموا به». وحاز بيد الله شرف رئاسة مجلس المستشارين، بعدما تجاوز النصاب القانوني المحدد في 136 صوتا، في الدور الثاني، حيث تمكن من اختراق صفوف فرق الأغلبية، التي عبر بعض أعضائها عن امتعاضهم جراء تلقيهما معلومات تفيد أن بعضا من مستشاري الأغلبية سيعاكسون قرارها الداعم لبن قدور. وكان الدور الأول آل لبيد الله ب133 صوتا، مقابل 111 صوتا لفائدة بن قدور، فيما تم احتساب 10 أصوات ملغاة، بينها ما كتب عليه «إدريس الهمة»، في إشارة سياسية واضحة إلى اسم وزير الداخلية الراحل إدريس البصري، مهندس الانتخابات على عهد الملك الراحل الحسن الثاني، والنائب فؤاد عالي الهمة، الوزير المنتدب السابق في الداخلية، الذي جاور البصري مدة زمنية طويلة، وتمكن من إحداث حزب الأصالة والمعاصرة. وهنأ أغلب مستشاري فريق الأصالة والمعاصرة بيد الله على الفوز بالدور الأول، بالتصفيق والتهليل، وهو الفوز الذي لم يمنحه أحقية رئاسة مجلس المستشارين، لكونه لم يحصل على الأغلبية المطلقة، ممثلة في 136 صوتا، أي نصف أصوات المجلس زائد صوت واحد، وذلك لجهلهم بالقانون الداخلي المنظم لانتخابات رئاسة مجلس المستشارين، وحار الرئيس المؤقت، علي قيوح، في الإعلان عن النتيجة، بين فوز بيد الله أو إجراء الدور الثاني، لكونه اعتقد أن الأغلبية المطلقة تتعلق باحتساب عدد المشاركين، وليس عدد أعضاء المجلس برمته، فتدخل بن قدور مفسرا الفصل 13 من القانون الداخلي، مؤكدا أن المرشح الفائز عليه الحصول في الدور الأول على الأغلبية المطلقة، ونفس الأمر في الدور الثاني، أما الدور الثالث فتكفيه الأغلبية النسبية، فتنفس مناصرو بن قدور الصعداء، فيما أجل مناصرو بيد الله فرحتهم. وشهدت جلسة أول أمس احتجاجات من المستشار حكيم بن شماش، من فريق حزب الأصالة والمعاصرة، الذي طلب من الرئاسة القيام بواجبها لوجود ما أسماه خروقات تشوب عملية التصويت، معتبرا الأمر مسا بالديمقراطية، وطلب من المستشارين الإدلاء ببطائق التعريف الوطنية أثناء التصويت. ومن جهته، احتج المستشار عبد المالك أفرياط، من فريق نقابة الفدرالية الديمقراطية للشغل، على رئاسة المجلس، وطالب بدوره بتسجيل الخروقات الحاصلة في مكتب التصويت، مؤكدا أن البعض يريد إفساد العملية الانتخابية، عير التصويت مرتين لدعم مرشح ضد آخر. وبعد انتهاء عملية التصويت، وقبل فتح الصندوقين الزجاجيين، وقف مستشار وطلب من أعضاء المكتب التوقيع في الخانة المقابلة لاسمه، ورقمها 17، فرد عليه الأعضاء المشرفون على عملية الانتخاب بأنه سبق له وأن أدلى بواجبه، فاهتزت القاعة احتجاجا واستنكارا. وبعد استشارة المرشحين بيد الله وبن قدور، قررت الرئاسة إعادة الدور الثاني، رغم أن القانون لا يمنحها هذا الحق، لكون المجلس الدستوري هو من يلغي العملية الانتخابية حسب مراقبين. ومن جهته، قال بيد الله في قاعة الجلسات، وهو يجلس على كرسي الرئاسة «إنها مسؤولية كبرى سأحملها على عاتقي، وسأعمل بجد مع أعضاء مكتب المجلس من إجل اتخاذ مبادرات خلاقة، فيها إبداع، والعمل بتفان لخدمة المصالح العليا للبلد»، مضيفا أنه سيسعى إلى إعادة النظر في العلاقة التراتبية القائمة بين المجلسين، حتى يتناغما. وبتصويت بعض مستشاري فرق الأغلبية، توضع علامات استفهام حول مصير الأغلبية الحكومية، هل أعطيت لها ضمانات بعدم إجراء أي تعديل في الزمن القريب.