استغرب الفاعلون السياسيون لتأخر الأغلبية الحكومية في عقد اجتماع برئاسة الوزير الأول عباس الفاسي للتداول في شأن من سترشح للتنافس على منصب رئيس مجلس المستشارين، الذي سيعقد، الثلاثاء المقبل، جلسة انتخاب هياكل المجلس. وأكدت مصادر متطابقة ل«المساء» أن مكونات الأغلبية الحكومية تعيش تصدعا بين مكوناتها، حيث يطمح كل حزب إلى ترشيح أحد قيادييه، لحل مشاكله الداخلية، إذ يتنافس البعض على منصب نيابة الرئيس، والبعض الآخر على رئاسة الفريق النيابي، وآخرون على رئاسة إحدى اللجان النيابية الدائمة، مما جعل منسوب الطموح الشخصي لدى أغلب المستشارين، يرتفع، للظفر بمنصب رئيس مجلس المستشارين، كما وقع أثناء التسابق لخلافة الراحل مصطفى عكاشة، نهاية العام الماضي، حيث تنافس ستة أعضاء من أغلب الفرق النيابية. وأوضحت نفس المصادر أن الفاسي، خلافا للوزيرين الأولين السابقين، عبد الرحمان اليوسفي، وإدريس جطو، لم يتمكن من حسم الموقف، قبل حلول موعد انتخاب رئيس مجلس المستشارين. وفي هذا السياق، قال خالد الناصري، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، في معرض جوابه عن سؤال ل«المساء» في مؤتمر صحافي، عقب انتهاء أشغال المجلس الحكومي، «تعلم جيدا أن الأغلبية الحكومية، ومكونة من عدة أحزاب، ولكل حزب طموح مشروع في ذلك، وهناك نقاش مستمر بين مكوناتها، في سياق تفاعل جدي، وفي ظل الاحترام المتبادل لكل مكوناتها». وأكد الناصري أن الأغلبية الحكومية لم تحسم في مرشحها، حيث لم تعقد اجتماعا خاصا بمسألة انتخاب رئيس مجلس المستشارين، إذ ستتوضح الأمور في القريب العاجل. وكان بعض المستشارين عبروا عن رغبتهم في الترشح منذ سنة ونيف، بينهم المستشار فوزي بن علال، باسم فريق حزب الاستقلال، ومحمد فضيلي، باسم فريق حزب الحركة الشعبية، الذي تنفس الصعداء بعد مشاركة حزبه في الحكومة، حيث سبق له التنافس على نفس المنصب، رفقة آخرين في مواجهة المعطي بن قدور، الذي كان يرأس فريقه النيابي. ومن جهته، قال المعطي بن قدور، عضو اللجنة التنفيذية لحزب التجمع الوطني للأحرار، ل«المساء» إنه يأمل أن تلتف حوله الأغلبية الحكومية ليكون مرشحها الوحيد، وأن يجد الدعم الكافي له في حالة ترشح منافس آخر، مضيفا أن الأغلبية الحكومية لم تعقد أي اجتماع للحسم فيمن سيمثلها. وأكد بن قدور أن مستشاري حزبه البالغ عددهم 42 مستشارا، سيدعمونه بالتصويت لفائدته، معبرا عن سعادته في توصل قيادة الحزب إلى حل مرض للصراع الذي احتدم داخل صفوفه بين المنصوري وحركة التصحيح التي قادها صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية. وكان بن قدور نفى نفيا قاطعا في تصريح سابق ل«المساء» أن يكون أجرى مقايضة سياسية مع حزب الأصالة والمعاصرة، لدعمه من أجل الفوز برئاسة جهة الشاوية ورديغة، على أساس تنازله عن فكرة التسابق على منصب رئيس مجلس المستشارين. وأكدت مصادر متطابقة ل«المساء» أن بن قدور فاز برئاسة جهة الشاوية ورديغة بأغلبية الأصوات من خلال تحالف حزبه التجمع الوطني للأحرار مع أحزاب: الاستقلال، والاتحاد الاشتراكي، والحركة الشعبية، فيما صوت أعضاء الأصالة والمعاصرة بأوراق ملغاة. وكان مصطفى المنصوري، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وصلاح الدين مزوار، مسير الحزب، أكدا في لقاء صحافي ليلة الأربعاء أنهما سيدعمان بن قدور، وحثا مستشاري الحزب على تعبئة جميع الطاقات في سبيل تحقيق فوز مستحق لبن قدور، الذي حظي بتعاطف جميع الأحزاب السياسية، على حد قولهما. ومن جهة أخرى، التزم قادة حزب الأصالة والمعاصرة الصمت بخصوص إمكانية ترشيح محمد الشيخ بيد الله، أمين عام الحزب، الذي يحظى، حسب مصادر، باحترام كافة الأحزاب من الأغلبية والمعارضة على السواء، الممثلة في البرلمان بمجلسيه. وقالت المصادر إن المكتب الوطني لنفس الحزب «اعتبر ترشيح بيد الله أمرا واردا»، رغم أن قيادة الحزب لم تقرر ذلك بصفة رسمية وعلنية ترشيحه، لكونها تحتاج إلى معطيات كافية، لدعم بيد الله، الذي يحتاج إلى أصوات مستشاري الأغلبية الحكومية للظفر بمنصب رئيس مجلس المستشارين. وأضافت المصادر أنه في حالة انتخاب بيد الله رئيسا لمجلس المستشارين، بدلا من بن قدور، فإن الحكومة ستكون محرجة أمام الرأي العام الوطني، لأن ذلك يحتم عليها تقديم استقالتها، على حد تعبير نفس المصادر.