ما أن ولجنا الشقة 141 بالطابق العلوي بإقامة تكيدة بحي الهدى حتى بأكادير بادر والد سناء، الذي كان ينتظرنا، مساء الأحد الماضي، باستقبالنا بحفاوة، رجل متقاعد من سلك الشرطة، يظهر عليه التوتر إثر مقتل إحدى فلذات كبده، وبادر قائلا «مرحبا بكم ما عندنا ما نخبو عليكم فاجعة وقعت. اللهم ارحم سناء». بعد لحظات قليلة التحق بنا أخوا سناء، مصطفى الطبيب ومحسن المهندس توأم سناء، بصالون شقة عائلة حدي. وكانت بداية الكلام حول استنكار الفعل الشنيع الذي أقدم عليه سائق سيارة نقل الأموات الذي سرق المستشفى، وسبق لآلة تصوير الشرطة أن التقطته، حيث أفاد صديق أسرة الضحية الذي كان حاضرا، أن السائق يوجد فعلا رهن الاعتقال وقد حكم عليه بشهر حبسا نافذا و500 درهم غرامة. تحدث مصطفى أخ الضحية سناء، وظهر من كلامه أنه هو من يقود الأسرة لتجاوز الصدمة، قال إن سناء ضحية تعلقها بالبحث العلمي، «وبصفتي طبيبا اختصاصيا، أعرف ثمن البحث العلمي في بلدنا، ورغم ذلك لم يسبق لي أن تدخلت شخصيا في دراسة أختي سناء، كل ما كنا نقدمه لها هو مساعدتها ماديا ومعنويا، فحتى شكاياتها من الأستاذ ومن الكلية ومن تعبها في بعض الأحيان لم نكن نعيرها الاهتمام، فقط لأننا كنا نعتبر الأمر عاديا، لقد كنا مرتاحين من جهة رسالتها لأنها أبانت عن جدارتها في متابعة البحث والمشاركة في المناظرات والقيام بالأسفار».. «كانت «ديكوردية» ومتعلقة بقرايتها ومخصصنا ليها والو» يقول الحاج والد سناء مقاطعا ابنه مصطفى، الذي أضاف مؤكدا «لن نحول حبنا لسناء إلى حقد ضد أي كان». محسن، المهندس المدني، توأم الضحية، يبدو من خلال حديثه أنه أقرب واحد من كل أفراد الأسرة إلى سناء، يعرف عنها كل شيء كما يعرف تفاصيل انشغالاتها برسالة الدكتوراة. قاطع أخاه الكبير حين سألناه عن ارتباط الضحية بخطوبة، فقال مؤكدا،هناك مشروع خطوبة بالفعل،ولكن لم يفصح عن تفاصيل هذا الارتباط، لأنه مشروع فقط على حد تعبيره.. الأمر الذي أكده الأب بتحريك الرأس، وعلق عليه مصطفى بقوله إنه لأول مرة يعرف ذلك. وفي شأن معرفة أفراد الأسرة لشخص المتهم، قال مصطفى إنه يعرفه بحكم إشرافه على رسالة الدكتوراة من خلال كلام أخته سناء عنه، ولقائه لأول مرة بكلية العلوم بالدار البيضاء أثناء مناقشة سناء لأطروحتها لنيل دبلوم الدراسات العليا، أما والد الضحية فقال «أعرف الدكتور سعيد بنحيسون جيدا لأنه طلبني في لقاء، منذ مدة غير قليلة قبل وقوع الفاجعة، والتقيته فعلا بهذا الحي الذي نسكنه، وقال إن ابنتي سناء تعاني القلق وعصبية أكثر من اللازم ويجب علي كوالدها أن أكلمها في الأمر دون أن تعرف أن أستاذها هو من طلب ذلك، ولم أخبر سناء بأمر لقائي بمؤطرها رغم ذلك». وأضاف مصطفى أنه هاتف أستاذ سناء تلك الليلة المشؤومة، ليلة قتلها، فأجابه بأنه كانت مساء الجمعة في المختبر، ولا يعرف عنها بعد ذلك أي شيء، في الوقت الذي كان المتهم يدبر أمر إخفاء جثتها. وعن أسباب إقدام الأستاذ على خنق سناء حتى الموت، لا يعرف أفراد أسرتها أي شيء لحد الآن، وهنا قال أخوها مصطفى «كل ما سمعناه من الشرطة هو أن المتهم اعترف وأنه هو من قتلها وسرق هاتفها وحاول إخفاء جثتها. . لم نحصل لحد الساعة على نسخة من محضر الشرطة القضائية ولم نبادر بطلبه ولا بتوكيل محام لنا، فقط لأننا كنا منشغلين بتبعات صدمة الفاجعة وبتلقي التعازي». محسن أوضح بدوره أن الأمر يتعلق بخلاف حول مجريات الرسالة وبمضايقات تتعلق بمسار إنجاز هذه الرسالة، وليس بأمر آخر كما فسرت بعض الجهات «اللهم إن كانت هناك تفاصيل لا نعرفها داخل الأسرة ونتمنى أن تكشف عنها الأيام القليلة القادمة بعد إنهاء التحقيق وعرض القضية على أنظار المحكمة». والدها أضاف « البنت كانت حارة في دراستها ولا تقبل تدخل أحد في أمر دراستها، قدمت محاضرات في عدة مدن جامعية مغربية وفي الجزائر وفي إسبانيا. .. الله كتب لها أن تموت بهذه الطريقة. .ونحن لحد الآن لا نعرف إن كان القتل عمدا أو خطأ.». عاد أخوها مصطفى وأوضح أن التفاصيل الدقيقة ستظهر مع المحاكمة، «ليس لدينا تدقيقات حول ما جرى، المهم مطلبنا هو إظهار الحقيقة كاملة وان تأخذ العدالة مجراها أولا لإنصافنا. وثانيا حتى لا تتكرر مثل هذه المأساة، كما نطالب إدارة الجامعة والكلية بأن توفي بوعدها باستكمال مناقشة رسالة دكتوراة أختنا وطبعها وتعميمها وإطلاق اسمها على أحد مراكز الجامعة أو الكلية، هذه المرة إنصافا لمجهود سناء ووفاء لروحها، رغم أن كل هذه الأمور لا تساوي شيئا أمام فقدانها» يضيف مصطفى. أثناء الحديث مع أفراد من أسرة الضحية سناء حدي، طالب أخواها مصطفى ومحسن وسائل الإعلام بعدم جعل مقتلها داخل الحرم الجامعي مناسبة لتجريم العلم وأهله وأماكن تلقينه، باعتبارهما بالإضافة، إلى أختهما سناء وأفراد من عائلتهما من خريجي الجامعة المغربية، يعرفون أن هناك مشاكل داخل هذه الجامعة ولكنهما ألحا أنهما لن يقبلا بالقول إن كل الأساتذة فاسدون وأن إدارات هذه الجامعة كلها لا تعمل وفق القانون، لأن الواقع، واقعهما على الأقل، الأول طبيب مختص والثاني مهندس ولهما أخ تقني في المناجم وأخت أخرى مجازة بالإضافة إلى الدكتورة سناء، يشهد بالعكس، كما وجها في نهاية كلامهما الشكر والتقدير والاحترام إلى كل من قدم لأسرتهما العزاء والمواساة في فقدان سناء، منوهين بمستوى وسائل الإعلام التي واكبت مقتل أختهما.