إن ثمة أهدافاً أساسية ومهمة تقبع وراء دعوة الوزارة إلى إحداث جمعياتٍ لدعم مدرسة النجاح؛ منها تأهيل المدرسة المغربية، والرقيّ بأدائها، وتمكينها من وسائل دعم تدبيرها الذاتي، وتفعيل دور مجالسها إن الدخول المدرسي الحالي متميزٌ بجميع المقاييس، أتى في ظرفية خاصة تحمل عدداً من التحديات لقطاع التعليم والتربية ببلادنا. فقد شارفت عُشَرية إصلاح التعليم على الانتهاء دون أن تتحقق خلالها الأهداف المسطرة ودون أن تُفَعَّل مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين بالحجم والصورة المطلوبتين، وصدرت تقارير إقليمية ودَولية تؤكد أزمة التعليم بالمغرب، وتراجَع أداء المدرسة العمومية، وتدنّى مستوى المتعلمين الذين تُخَرِّجُهم، وتفاقمت مشاكل التعليم ومسّت جوانبَ متعددةً، وارتفعت مؤشرات الخصاص وضعف التجهيز فيه. هذه المعطيات وغيرُها دعتِ الحكومة، في شخص الوزارة الوَصية على التعليم والتربية، إلى التفكير في استراتيجية لتسْريع وتيرة الإصلاح الذي دشنته منذ سنوات، ولتفعيل مقتضيات الميثاق المذكور، ولإنهاء حالة الأزمة التي أضحى يتخبّط فيها تعليمُنا، وللدفع به قدُماً نحو الأمام وجعله قادرا على مجابهة التحديات التي تواجهه داخلياً وخارجياً. وفي هذا السياق يأتي «المخطط الاستعجالي» الذي أطْلقته الوزارة الوصية وحدّدت له سنوات 2009/2012 إطاراً زمنياً للتفعيل والأجْرَأة وتحقيق الأهداف المُعْلَن عنها في الميثاق. إن هذا المخطط يشكل حلْقة أخرى من حلَقات الإصلاح التعليمي الذي شهده المغرب منذ عقود، وكانت نتائجه في كل مرة تأتي محدودة ودون ما كان يُنتظَر منه لعدة اعتباراتٍ. ولكن الإصلاح الأخير يراهن القيّمون عليه ومهندسوه على تحقيق جملة من الأهداف من خلال تفعيله؛ منها تحقيق نسبة تمدْرُس في التعليم الابتدائي لا تقل عن "%95 للأطفال المتراوحة أعمارهم بين 6 و11 سنة، وتحقيق نسبة استكمال التمدرس دون تَكرار تصل إلى %90، في أفق موسم 2014/2015، بالنسبة إلى تلاميذ الفوج الأول من المخطط الاستعجالي، وتحقيق نسبة تمدرس في التعليم الإعدادي تبلغ %90، في أفق موسم 2012/2013، للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و14 سنة، من أجل تحقيق نسبة %80 في ما يخصّ استكمال التمدرس في الإعدادي، في أفق موسم 2017/2018، بالنسبة إلى تلاميذ فوج 2009/2010 (جريدة «المساء»، ع.913، ص4). كما يراهن المخطط على الجودة والحَكامَة ودعم ثقافة اللاتمرْكز والجهوية والنجاعة في الأداء وتجاوز نقائص المخططات السابقة. وجنّدت الوزارة، لتحقيق ذلك، كافة مواردها وإمكاناتها، وبادرت إلى توظيف أطر جديدة بطريقة التعاقد المؤقت هذه المرة، ووجّهت كامل اهتمامها لإنجاح مخططها الاستعجالي وتفعيل بنوده؛ للنهوض بالمدرسة المغربية، وإعادة الاعتبار لها، والرقيّ بالتعليم باعتباره قاطرة التنمية الحقّة ببلادنا، وكان الميثاق قد أعلن قضية التعليم أولوية المغرب بعد استكمال وحدتنا الترابية. واتخذت الوزارة جملة من التدابير لتفعيل التوجّهات العامة للبرنامج الاستعجالي، لعل من أبرزها إحداث جمعية داخل كل مؤسسة تعليمية على الصعيد الوطني (ابتدائي– إعدادي– ثانوي)، تسمى «جمعية دعم مدرسة النجاح». وقد أوْصت بذلك المذكرة الوزارية رقم 73 الصادرة بتاريخ 20 ماي 2009، وألحّت على تشكيل مكاتبها وأجهزتها قبل متمّ الموسم الدراسي 2008/ 2009 على أساس أن يُشرَع في تفعيل أدوارها ومباشَرَة مهامّها انطلاقاً من الدخول المدرسي الحالي الذي يتزامن مع الشروع في تنفيذ الخطة الاستعجالية، والذي اختِيرَ له شعار «جميعاً من أجل مدرسة النجاح». وحرصت الوزارة على إرْفاق تلك المذكرة بنموذجين للاستئناس أثناء عملية الإحداث؛ أولهما نصّ قانون أساسي تَستأنِس به المؤسسات التعليمية أو تنْسُج على نَوْله أثناء إقدامها على إحداث جمعيات دعم مدرسة النجاح، وثانيهما نص اتفاقية الشراكة والتعاون بين الجمعية والأكاديمية الجهوية التي تقع تلك الجمعية ضمن نطاقها. وتتعلق هذه الاتفاقية بموضوع تمْويل مشاريع المؤسسة التعليمية كلاًّ أو جزءاً بالتعاون مع باقي شركائها. ويظل النموذجان مجرد مقترَحين أو إطارين يُستأنَسُ بهما، ويبقى المجال مفتوحاً أمام كل جمعية أو أكاديمية لتكييفها وَفق أولوياتها وخصوصياتها وإمكاناتها ومتطلَّباتها. إن ثمة أهدافاً أساسية ومهمة تقبع وراء دعوة الوزارة إلى إحداث جمعياتٍ لدعم مدرسة النجاح؛ منها تأهيل المدرسة المغربية، والرقيّ بأدائها، وتمكينها من وسائل دعم تدبيرها الذاتي، وتفعيل دور مجالسها، و لاسيما مجلس التدبير باعتباره أعلى سلطة داخلها، وأجْرَأة مشاريعها بأسلوب عَمَلي مَرِن، وترسيخ ثقافة اللاتمركز في قطاع التربية والتعليم، وتوفير إطار عمل قانوني لصَرْف الاعتمادات المالية الموضوعة رهن إشارتها، وتحسين صورتها، وضمان إشعاعها وانفتاحها على محيطيْها الاجتماعي والاقتصادي. ولتحقيق هذه الأهداف، حثّت الوزارة على ضرورة انخراط جميع الفاعلين والفرقاء والشركاء والمَعنيين في هذه المبادرة الوطنية الطموحة بوصفها مدخلاً مُفضياً إلى دعم تدبير المؤسسة التعليمية الذاتي، وتوسيع نطاق صلاحياتها، والارتقاء بمنظومتنا التعليمية بصفة عامة، والتي أمْست تعيش وضعاً «لا يبشّر بالخير» كما يؤكد كثير من المتتبّعين، استناداً إلى ما تُثْبته التقارير الإقليمية والدولية، وبالنظر إلى المرتبة الحَرِجة التي يحتلها تعليمُنا ضمن المنظومات التعليمية العربية وغير العربية! تتألف جمعية دعم مدرسة النجاح من أعضاء جميع مجالس المؤسسة التعليمية، علاوة على ممثلين عن التلاميذ بوصفهم أعضاء ملاحظين فقط، ورئيس جمعية آباء وأولياء التلاميذ، وممثل السلطة المحلية باعتباره عضواً في مجلس التدبير. ويمكن للجمعية، بقرارٍ من مكتبها التنفيذي، أن تمنح العضوية الشرفية لكل مَنْ ترى أنه مدَعِّمٌ لأنشطتها ومشاريعها المتبنّاة، دون أن يكون له حق التصويت أو الترشّح. وتتشكل أجهزة الجمعية من الجمع العام باعتباره أعلى هيئة تقريرية في الجمعية، ومن المكتب التنفيذي باعتباره الجهاز التنفيذي للجمعية، ويتكون من مدير المؤسسة بصفته رئيسَه ومن أعضاء مجلس التدبير، ويوزّع المهامّ بين أعضائه بالتراضي أو بالتصويت كالآتي: نائب الرئيس –أمين المال –نائبه –الكاتب العام – نائبه– المستشارون (الباب الثاني من القانون الأساسي للجمعية الذي اقترحته الوزارة). وتتمثل موارد الجمعية في الدعم المالي الوزاري ومِنَح الداعمين وانخراطات الأعضاء التي يحدد الجمع العام مقدارها والهبات والتبرّعات والمساعدات المُحَصَّل عليها في إطار اتفاقيات الشراكة المُبْرَمَة والأنشطة التربوية المُدِرَّة للربح غيرِ المتعارضة مع أهداف الجمعية. وتُحَدَّد مجالات صرْف هذه الموارد، التي نصّ القانون المذكور على فتح حساب لها في بريد المغرب، في البرامج والمشاريع والأنشطة التي يصادق عليها مجلس التدبير، والمبادرات التي تنسجم وأهدافَ الجمعية.