انتقد تقرير جديد لترانسبارانسي الدولية عن علاقة الرشوة بالقطاع الخاص عدم فعالية مؤسسات الرقابة المالية بالمغرب. وجاء في التقرير الذي نشر أول أمس الأربعاء أن عددا كبيرا من المؤسسات المكلفة بالمراقبة المالية بالمغرب «غير فعالة» مثل المراقب العام والمفتش العام والوزراء ومجلس الحسابات. وأشار التقرير إلى أن القانون يفرض رقابة صارمة على كل الصفقات العمومية التي تفوق قيمتها خمسة ملايين درهم، وإن الافتحاص المالي لا يتم إجراؤه في غالب الأحيان، وحتى في الحالة التي يتم فيها إجراء مثل هذه الافتحاصات، فإن نتائجها تبقى بدون أثر يذكر. وأضاف التقرير أن الرشوة والفساد المستشريين في القطاع الخاص مرتبطان ارتباطا وثيقا بالقطاع العام وأساسا بمشكل الحكامة الرشيدة. وأوضح أن الدراسات التي قامت بها ترانسبارانسي المغرب كشفت أن 7 في المائة من الشركات فقط هي التي حاولت مواجهة حالات فساد وارتشاء، وهذا «الموقف السلبي يرتبط بشعور بالعجز. فالشركات غير مقتنعة اقتناعا راسخا بأنها ستربح في حالة مواجهاتها للفساد، وبعضها تخاف من خلق المشاكل لها». وللرشوة انعكاس على اقتصاد البلدان. وتشير الإحصائيات إلى أن عدم الشفافية في تمرير الصفقات العمومية لها كلفة تساوي 0.5 في المائة من الناتج الوطني الخام بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقال التقرير إن خسارة المغرب سنويا نتيجة مثل هذه الممارسات تقدر بحوالي 3.6 مليارات دولار. ومن جهة أخرى، كشف تقرير ترانسبارانسي الدولية في دراسة قامت بها سنة 2008 شملت 2700 إطار ب26 دولة من بينها المغرب، أن حوالي شخصين مستجوبين من أصل خمسة أكدا أنهما قاما بتقديم رشاوى لمختلف مؤسسات الدولة التي تقدم خدمات للشركات والقطاع الخاص مثل الجمارك ومصلحة الضرائب والعدالة والشرطة وغيرها من المؤسسات. وأوضح التقرير أن 60 في المائة من الأطر المستجوبة في عدد من الدول من بينها المغرب ومصر والهند وأندونيسيا ونيجيريا وباكستان، أكدوا أنه طلب منهم تقديم رشوة مقابل الحصول على خدمات من القطاعات التي تمت الإشارة إليها سابقا. وجاء في التقرير أنه لا يوجد أي قطاع أو صناعة بمنأى عن الرشوة وآثارها. وقال التقرير إن أكثر الشركات المستجوبة والعاملة في قطاع البناء والقطاع البترولي والمعدني أكدت أن دفع منافسيها لرشاوى حرمها من صفقات تجارية خلال مدة تمتد لخمس سنوات. وأشار التقرير إلى أن الأسباب التي تدعو إلى محاربة الرشوة هي أسباب وجيهة. فنصف مدراء الشركات الدولية ومسيريها يعتقدون أن الرشوة والفساد يرفعان من تكلفة المشاريع بما يقرب من 10 في المائة، وأحيانا ترتفع تلك التكلفة إلى ما يقرب من 25 في المائة. وعلى صعيد آخر، انتقدت ترانسبارانسي المغرب، في دورتها العادية التي انعقدت مؤخرا، الممارسات التي شابت الانتخابات الجماعية وما تلاها من اقتراعات (مجالس العمالات والجهات) من قبيل شراء أصوات وتدخلات الإدارة وهيمنة الأعيان والتحالفات المخالفة للتعاقدات التي قام بها المرشحون وهيئاتهم السياسية. وانتقدت ترانسبارانسي المغرب، التي حصلت مؤخرا على صفة المنفعة العامة، بعد أربع سنوات من الانتظار تقريبا، بشكل خاص عدم فعالية الآليات الإدارية والقضائية الرادعة، وهو الأمر الذي يعمق عدم ثقة المواطنين في المسلسل الانتخابي برمته.