هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدراويش «الكسنزانية» يحققون العجائب بفعل «كرامات» شيخهم
يلتهمون النار والزجاج وأمواس الحلاقة ويدخلون الحراب والخناجر في أجسامهم
نشر في المساء يوم 08 - 09 - 2009

كثيرة هي الأحاديث والتصورات والقصص عن المتصوفين والدراويش فما هي طقوسهم؟ وما هي تسابيحهم؟ وما حقيقة خوارق العادات التي يقومون بها? كيف يعيشون؟ وما هي أدلتهم وبراهينهم؟ أسئلة كثيرة لابد لها من إجابات وافية، لذلك كله اتجهت «المساء» إلى مدينة السليمانية العراقية منبع الطريقة الكسنزانية إحدى أكبر الطرق الصوفية في العراق التي ينتهج مريدوها خوارق العادات دليلا على صدق منهج مشايخها...
انطلقت بنا السيارة في يوم شتوي بارد زاد من برودته منظر القمم الجبلية المتجمدة على طول الطريق المؤدي إلى مقر رئيس الطريقة الكسنزانية الشيخ محمد عبد الكريم الكسنزاني، يرافقنا أحد دراويش الطريقة لمساعدتنا في تجاوز نقاط التفتيش العديدة بين بغداد وشمال العراق، الطريق الطويل مهد لنا الاستفسار عن بعض تلك الأسئلة التي تجتاح مخيلتنا من مرافقنا الذي قضى الطريق ينشد الأناشيد في حب مشايخ الطريقة فما أن فرغ من الإنشاد حتى بادرته قائلا:
> ما الذي دفعك إلى سلوك الطريقة الكسنزانية.
لأنها الطريقة الأقصر إلى مرضاة الله جل في علاه .
(وابتسامة واثقة ترتسم على شفتيه)
> منذ متى وأنت درويش؟
منذ ثماني عشرة سنة وأنا الآن بعزم المشايخ خليفة.
> ماذا يعني خليفة وخليفة من؟
الدرويش المواظب على الأوراد والمريد الصادق مع الله جل في علاه وشيخ الطريقة يدعى خليفة ويمكنه إعطاء بيعة الطريقة إلى المريدين الجدد.
> لكن عدد مريدي الطريقة كثر كما أخبرتني فهل لدى مشايخ الطريقة جهاز إداري لمراقبة كل الدراويش وترقيتهم إلى مرتبة خليفة؟
حضرة الشيخ محمد الكسنزاني يستطيع وهو جالس في بيته في السليمانية مراقبة كل دراويش الطريقة ويعرف الملتزم منهم بالأوراد من غير الملتزم.
(هنا كان لابد لي من إيقاف الحوار لوصوله إلى نقطة عجز عقلي عن تقبلها بينما عاد هو إلى الإنشاد حبا بشيخ الطريقة مرددا باللهجة العراقية العامية)
للشيخ أبو نهرو إللي يتعنه
روحه تطيب ويجلي كل همه
نسل الحسينية والهمة عليه
عونه الكصد بابه وطلب منه
(أي أن من يقصد شيخ الطريقة الشيخ محمد أبو نهرو روحه ترتاح ويذهب الهم عن قلبه لأنه من نسل الحسين رضي الله عنه وهمته من همة علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، فهنيئا لمن قصد باب ذلك الشيخ والتمس منه العلم).
قرية للدراويش
عند وصولنا التكية الكسنزانية الرئيسية، كان في استقبالنا الخليفة يوسف المحمدي وكيل رئيس الطريقة للأمور الإدارية وهو رجل في الخمسين من عمره أشيب الشعر ووجهه يميل إلى الاحمرار يضع على رأسه قطعة قماش أبيض ومتشحا بأخرى مما يعطيه تميزا واضحا بين بقية الدراويش. استقبلنا الرجل بحفاوة عالية شارحا لنا أنه يجب أن نبقى لثلاثة أيام أخرى لحضور الذكر الرسمي حيث يقيم الدراويش المناقب النبوية يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع وطلب منا القدوم غدا لمقابلة شيخ الطريقة.
فرصة لقاء أحد قيادي الطريقة لا يمكن أن تمر دون طرح بعض الأسئلة، لذا فتحت بابا للحديث سائلا إياه.
> شاهدت الكثير من العراقيين العرب في أروقة التكية رغم أنها في محافظة السليمانية إحدى أهم مدن الأكراد.
هذا صحيح لأن حضرة الشيخ يستعين بعدد من الدراويش العرب على القيام ببعض المهام الإدارية خدمة للطريقة ومريديها، لذا يقطن العديد من الدراويش وعائلاتهم بالقرب من منزل حضرة الشيخ يتبركون بالسكن بجوار حضرته ويخدمون الطريقة ومريديها.
> إن التكية أشبه بقرية للدراويش يسكنها من يسكنها ويقصدها الكثيرون، فمن يتكفل بإطعامهم وإسكانهم؟
قاعات المنام مهيأة لاستقبال أضعاف عدد الوافدين لزيارة حضرة الشيخ ومطبخ الخيرات يطبخ الطعام ثلاث مرات في اليوم ويطعم الدراويش وعائلاتهم والفقراء وكل من يقصد التكية، ويتكفل الشيخ بإطعام كل من يزور التكية.
> ما أصل كلمة تكية وماذا تعني؟
التكية كلمة كردية تتكون من مقطعين (تاك) ويعني العزلة و(كاه) ويعني المكان فيكون المعنى الكامل من المقطعين مكان الخلوة أو الانعزال عن الناس للعبادة (مشيرا بيده إلى بعض الدراويش في زوايا التكية وهم يحملون المسبحة وهم منشغلون في التسبيح) تركنا الخليفة يوسف واتجهنا إلى المكان المخصص لإقامتنا وفي الطريق تجولنا في أروقة التكية وشاهدنا قاعات المنام, وهي عبارة عن غرف طويلة يتوزع الفراش الوفير والدافئ على جانبي الغرفة، أما المطبخ فهو مجهز بعدد كبير من أدوات الطبخ ويعمل به طباخون مهرة والمخابز الآلية تعمل بشكل شبه مستمر، بينما ينتشر عدد كبير من الحرس العرب والأكراد حول التكية ويخضع الزائر من غير الدراويش إلى إجراءات أمنية مشددة تحسبا لأي اعتداء كما يقول أحد حرس التكية.
أرواح المشايخ
في اليوم الثاني قصدنا التكية مرة أخرى والتقينا الخليفة يوسف الذي دعانا لاحتساء الشاي سويا، وأثناء وجودنا معا التحق بنا عدد من الدراويش فقال لي الخليفة يوسف ستحضرون معنا الذكر الصباحي فقلت له مستفسرا:
> وما طبيعة الذكر الصباحي؟
الذكر الصباحي يعني تمجيد الله سبحانه وتعالى وترديد أسمائه بتركيز تام وترابط كامل قلبا ولسانا يرافقه صوت الطبول, وفي بعض الأحيان يعطي حضرة الشيخ بعض الإرشادات للدراويش الذين يقومون بمهمة الدعوة والإرشاد للطريقة.
> ألا تعتقد أن الطبول قد تساهم في تقليل التركيز أثناء الذكر؟
النفس الإنسانية لها ميل وتعلق شديد بالأصوات العذبة الحسنه، ولاسيما أوقات حلقات الذكر وإقامة المناقب النبوية مما يدفع النفوس إلى الانفعال الروحي، وأجواء الذكر مفعمة ببركات المشايخ الوفيرة التي تعم الذاكرين وتنتابهم آثار السكرة الإلهية الروحية التي تتحقق بحضور أرواح المشايخ الكرام، حيث ينتقل المريد إلى عوالم جديدة من الطرب والغبطة والحضور سابحين في العالم العلوي.
- هنا طلب منا حضور الذكر الصباحي، حيث شكل الدراويش حلقة دائرية، بينما اتخذ هو على عاتقه عملية تنظيمهم, وعلى أصوات الطبول أخذ الدراويش يتمايلون يمينا وشمالا بشكل متعاقب، بينما أخذ البعض منهم يقوم بحركات لا إرادية وفي لحظة معينة صرخ ناقر الدف (غوثي) فإذا برجل على أعتاب الستين من العمر يترجل من سيارة حديثة مرتديا ثيابا أنيقة وعلى محياه علامات المهابة يمشي بهدوء وسكينة يتبعه عدد من الدراويش الذين التحقوا فورا بحلقة الذكر، بينما توسط الشيخ الحلقة وانسحب الخليفة يوسف مع بقية الدراويش داخل الحلقة إلى نهاية الذكر حيث يجلس الشيخ في حركة سريعة يستجيب لها باقي الدراويش بالسجود في حركة تبعث في النفس الدهشة، فما أن انتهى الذكر الصباحي حتى جلس الكل على الأرض بينما جلس الشيخ على كرسي متفقدا إياهم ناصحا ومرشدا لهم، بعدها انتقلنا وإياه إلى قاعة دافئة جميلة الأثاث فجلس الجميع على الأرض باستثناء الشيخ الذي جلس على كرسي بسيط ومريح معد له خصيصا، وبعد تبادل التحيات استحصلنا موافقته لحضور الذكر الرسمي في يوم الاثنين، ولما هممنا بتوجيه الأسئلة امتنع الشيخ عن الإجابة معللا رفضه بتدهور حالته الصحية ومشيرا إلى كونه خول الخليفة يوسف والخليفة مجيد الإجابة عن أسئلتنا، فلما انصرف لم نجد بدا من البحث عن إجابات لدى من خولهم الشيخ الكلام بالنيابة عنه.
ليس سحرا
جلسنا إلى جوار عدد من الدراويش من مدينة الفلوجة كانوا يزورون الخليفة يوسف الذي يتحدر من نفس المدينة، فتجاذبنا أطراف الحديث فتوجهت إلى الخليفة يوسف بسؤال خاطف:
> متى يمكننا مشاهدة خوارق العادات لدى الدراويش أو ما تسمونه (الضرب)؟
إذا أذن حضرة الشيخ ربما تشاهدون ذلك في ذكر يوم الاثنين.
> هناك من يقول عن هذه الحركات سحر وشعوذة فما هو ردكم ؟
السحر خيال والكرامة حقيقة، ونعطي للتمييز بينهما مثالاً واحداً لمن كان له قلب.... السحر خيال لا يترك أثراً في جسد فاعله. والكرامة حقيقة لأنها تترك أثرا في جسد المريد يبقى عليه لسنوات طوال ويخرج الدم أحيانا. ويشعر الفاعل بألم أثناء أدائه الفعاليات.
هنا أثرت تأجيل النقاش إلى يوم الاثنين أملا في الحصول على إجابات أكثر فعالية من الدراويش الذين يقومون بعملية الضرب, وأخذت أراقب طريقة تعامل المريدين والدراويش مع بعضهم البعض، وهنا لابد من الإشارة إلى مدى العلاقة الحميمة بين المريدين والاحترام العالي بينهم، فهم يتعاملون مع بعضهم بأدب جم ويقبلون أيادي بعضهم البعض للتدليل على الاحترام في صورة تجبر المتابع على عدم تحويل ناظره عنها، في هذه الأثناء قطع لحظة فضولي الصحافي الخليفة يوسف الذي زودني بكتاب يشرح للقارئ كل ما يريد معرفته عن الطريقة الكسنزانية، والذي يقول عنه الشيخ محمد الكسنزاني إن فيه اللمسة الروحية فيستأذننا بالانصراف على أمل أن نقابل الخليفة مجيد وكيل رئيس الطريقة لأمور الإعلام صبيحة يوم الاثنين.
مراتب روحية
بعد انتهاء الذكر الصباحي ليوم الاثنين اجتمعنا بالخليفة مجيد وكيل رئيس الطريقة لأمور الإعلام وهو رجل واثق، كثير المجادلة، ويبدو أنه قد حفظ ما ينكره الآخرون على الطريقة عن ظهر قلب وهو مستعد للدفاع عن طريقته, ويبدو أن الشيخ محمد الكسنزاني يعرف كيف يختار رجاله أو من يخول لهم الكلام نيابة عنه...
الحوار بدأ فورا وبلا مقدمات وهذا ملخص عما كان فيه:
> ما الحاجة إلى الطريقة ما دام القرآن والسنة النبوية موجودان وتعاليم الدين الإسلامي واضحة جلية للمسلمين؟
الطريقة وسيلة للوصول إلى الحقيقة التي هي مشاهدة الربوبية بالقلب، كما أن الشريعة والطريقة متلازمتان، لأن الطريق إلى الله تعالى له ظاهر وباطن, فظاهره الشريعة وباطنهُ الحقيقة والجسر الموصل بينهما الطريقة، والمراد من الثلاث (الشريعة والطريقة والحقيقة) إقامة العبودية على الوجه المراد من العبد.
> هناك الكثير ممن يمارسون مثل هذه الأفعال... مثل الهندوس والصينيون وحتى الأوربيون وغيرهم وبطرق مختلفة مثل المشي على الجمر والنوم على المسامير الحادة والتعامل مع الثعابين والعقارب مع أنهم غير مسلمين. بم تفسر ذلك؟
ما يفعله الهندوس وغيرهم ناتج عن تدريب لعدة أشهر أو سنوات لكي يصل هذا الشخص إلى مثل هذه الحالة، أما المريد فيفعلها بعد أن يأخذ الطريقة أو البيعة من الشيخ فيأقل من خمس دقائق يجاز بذلك ثم يظهرها للناس، هذه الحركات ليس لها علاقة فاعلة بجسد المريد وروحه لا تخرج من جسده، بل هي قوة روحية يبعثها شيخ الطريقة ليعالج الأمر في لحظات.
> ماذا بشأن المرأة؟ هل هناك نساء يتبعن الطريقة ويمارسن تأدية هذه الحركات؟ وهل عليهم مثل ما على الرجال من شروط وواجبات؟
حقوق المرأة في الطريقة هي حقوقها في الإسلام كاملة ولها دور فعال، ويجب أن تعلم أن هذه الخوارق ليست تلك التي تراها فقط، فهناك كرامات لا تحصى وقد تقع هذه الكرامات للنساء مثل الرجال.
> يفهم الناس أن المتصوفين هم الناس الزهاد في الدنيا والعاملون على الآخرة وكسب رضا الله. إلا أننا نلاحظ الثراء الذي يتميز به شيخ الطريقة... ألا يعد ذلك منافيا لهذا المفهوم؟ كيف يكسب أصحاب الطريقة عيشهم؟
إن الزهد لا يعني أن يكون الإنسان لا يملك شيئا ويعيش على أيدي الناس، بل الزهد عندنا هو خروج حب الدنيا من قلوبنا، فالزاهد من كان في يده شيء وأعرض عنه، أما إذا لم يملك شيئاً فبماذا يزهد وأصحاب الطريقة يعملون كما يعمل سائر الناس.
*هل يؤمن أصحاب الطريقة بالعلم... وهل هناك محاولات لتقريب الفهم باستخدام العلم والأسلوب العلمي ليكونوا أكثر إقناعا لمن يلتزم العلم طريقا للفهم؟
حضرة الشيخ يدعو إلى العلم ويساعد طالبي العلم لخدمة البشرية في جميع نواحي الحياة، وفي التكية عندنا مدرسة علمية متخصصة في جميع المسائل العلمية، فالعلم عندنا أساس كل شيء، وإليك هذه المقارنة لتقريب المثل على ذلك. وأبدأها بسؤال، أيهما أقوى العقل البشري؟ أم صانع العقل البشري؟
الجواب صانع العقل البشري.
فكيف تؤمن بأن إنسانا في الطريق يتحدث مع إنسان في الصين بجهاز بقدرعلبة ثقاب ولا تؤمن بأن قلب الولي الذي خلقه الله تعالى لا يتحدث مع جميع الأولياء في العالم. أيهما أفضل نتاج العقل البشري أم الصنع الإلهي.
وكيف تؤمن بأن محطة التلفاز تبث صورها إلى ملايين البشر في العالم والمحطة من صنع العقل البشري ولا تؤمن بأن الشيخ يحدث مريديه في جميع أنحاء العالم في نفس الوقت، نحن مستعدون للمناظرة الفكرية مع من ينكر علينا منهجنا.
انتهى حواري مع الخليفة مجيد على صوت قرع الطبول إيذانا ببدء ساعة الذكر الرسمي وموعد مشاهدة خوارق العادات.
خوارق العادات
دخل الشيخ يتبعه أقرب مساعديه وجلس في نهاية قاعة مهيأة للذكر الرسمي وبعد عدد من الأناشيد الدينية، أشار الشيخ إلى مريديه بالبدء بممارسة الأفعال الخارقة للعادة، هنا تسمرت مكاني حين شاهدت عددا من الدراويش يلتهمون النار والزجاج وأمواس الحلاقة رغم وليمة العشاء الدسمة التي تناولناها معهم قبل ساعة الذكر الرسمي ،اقتربت منهم وأنا أحبس أنفاسي والرعب يتملكني لأني لم أكن يوما محاربا يتلذذ بمشاهدة منظر الدماء، سألت الدرويش الذي أكل مصابيح الفلوريسنت بحذر عال خوفا من دعوته لي لمشاركته طعامه الزجاجي:
> ألم تعاني يوما من مشاكل صحية بعد وجبات الزجاج التي تلتهمها؟
يجيب باختصار: إيماني بقدرات شيخي أكبر من الإحساس بالألم
(إنها بركات حضرة الشيخ ) بهذه الكلمات قاطعني درويش كان يلتهم قبل دقائق عددا من الأمواس الحادة، اقتنعت هنا بأن أسئلتي سترجع كلها تحمل نفس الإشارات ألا وهي بركات الشيخ التي لا أجد لها تفسيرا عقليا في مخيلتي يسند أطروحاتهم.
هنا فاجأني درويش كردي بمسك يدي اعتقدت أول وهلة بأني أسير إلى حتفي بعد أن أجبر على ممارسة إحدى هذه الخوارق إلا أن خوفي تلاشى شيئا فشيئا بعد أن طلب مني فحص شاربيه قائلا لي باللغة الكردية عبارة فهمتها بعد أن ترجمها أحد الدراويش العرب: لماذا لم يحترق شاربي، رغم أني التهمت النار، إنها بركات المشايخ.
بعدها أشار شيخ الطريقة إلى القيام بحركة إدخال عصا مدببة في قاع الفم وعلى الفور انبرى اثنان من الدراويش قام أحدهما بإدخال العصا في فم الآخر وأنا هنا أتنقل بعيني بين الشيخ ومريديه عسى أن أحظى بشيء يزيل الاستفهام من رأسي الذي أصبح كإعصار أسئلة لا إجابات مقنعة لها.
في هذه اللحظة، طلب مني شيخ الطريقة إخراج خنجرين كان أحد الدراويش قد أدخلهما في رأسه بمساعدة مطرقة خشبية، اتجهت إلى حيث الخنجرين والدرويش فلم أجد بدا من تنفيذ الأمر وما إن قمت بجذب الخناجر حتى أحسست بأن قلبي قد توقف عن النبض وشعرت وكأني أساهم في إيذاء أحدهم، وأخيرا انتزعت الخنجرين بصعوبة بالغة بمساعدة أحد كبار الدراويش، التفت إلى الشيخ في إشارة إلى أنني أكملت ما طلبه مني لأشاهده يغادر المكان وسط دعوات مريديه ودهشة ضيوفه الذين انقسموا ما بين متسمر في الأرض لا يدري ماذا يقول وما بين غارق في دوامة البحث عن الإجابات ومابين مغادر لإنجاز هذا التقرير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.