في قاعة شبه فارغة إلا من بعض أعضاء الدفاع والهيئة القضائية بالإضافة إلى بعض الصحافيين، أجلت المحكمة الابتدائية بالرباط، أول أمس الأربعاء، إلى 19 من الشهر الجاري، النظر في ملف حميد شباط، المتابع فيه من أجل «القذف» في حق المهدي بنبركة، بناء على الدعوى القضائية التي رفعتها الشبيبة الاتحادية في شهر أبريل الماضي. ولم تشهد المحكمة حضور أنصار كل من الطرفين، على غرار الجلسة الأولى من المحاكمة في شهر ماي الماضي، بينما حضر العشرات من رجال الأمن على متن عدد من السيارات تحسبا لأي أحداث متوقعة، وهو ما لم يحدث، بل جرت الجلسة الثانية من المحاكمة في قاعة شبه فارغة كما لو أنها غير علنية، بحيث حضر فقط بعض الصحافيين الذين كانوا يدونون ما يدور بين الدفاع وهيئة القضاء. ولم يحضر عمدة فاس وعضو اللجنة التنفيذية في حزب الاستقلال، حميد شباط، بسبب وجوده في «مهمة خاصة» خارج البلاد، كما صرح بذلك عضو من دفاعه، في الوقت الذي اتفق دفاع الطرفين على ملتمس تأجيل النظر في الملف إلى التاريخ المذكور، وهو ما استجاب له القاضي. واعتبر منير البلغيثي، أحد أعضاء دفاع الشبيبة الاتحادية، أن «المشتكى به استعمل أوصافا ونعوتا لا تليق بشخص الشهيد المهدي بنبركة»، مضيفا أنه «في الوقت الذي لازلنا نطالب بالكشف عن حقيقة اختطافه، والتي رافقتها روايات مختلفة، فإننا نفاجأ بمثل هذه التصريحات التسفيهية لهذا الرمز». وأضاف البلغيثي، في تصريحه ل«المساء»، «أنه من غير اللائق وصف الذاكرة الوطنية من خلال هذا الرمز الذي يعتبر من خيرة أبناء هذا الوطن، ومن العار أن نحارب الذاكرة بهذا الشكل وبتلك السفاهة». وحول مطالب دفاع الشبيبة الاتحادية أمام القضاء، قال البلغيثي «إنها محددة في شكايتنا التي سنعلن عنها عندما يكون الملف جاهزا»، قبل أن يستدرك «ينبغي الإشارة إلى أن المشتكى به لا يهمنا كشخص، ولكننا نقف وقفة ضمير ضد تسفيه الذاكرة الوطنية، لأن الشهيد المهدي بنبركة ليس شخصا عاديا وإنما رمز من رموز الوطن، ويُشهد له بأفضال كثيرة على البلاد، ولذلك فإنه من العار أن نترك الشعب المغربي بدون ذاكرة أو محاربتها بأساليب غير لائقة وتافهة أحيانا». في سياق ذلك، اعتبر المحامي بهيئة الرباط، بوظهار مصطفى، أن الشكاية المقدمة ضد موكله شباط «لا تستند إلى أساس قانوني»، لأن الطرف المشتكي هو الشبيبة الاتحادية التي «لا تتمتع بالصفة القانونية» مما لا يسمح لها بتقديم مثل هذه الشكاية، مضيفا في تصريحه ل«المساء»، أن الفصل السابع من المسطرة الجنائية ينص بوضوح على أن «المتضرر شخصيا مباشرة من الجريمة» هو من له الحق في رفع الدعوى القضائية، «من هنا فإن الذي له ذاك الحق في رفع دعوى قضائية ضد من استعمل القذف، إن كان هناك قذف فعلا، هو المهدي بنبركة، وفي الحالة التي نحن بصددها فإنه من حق خلف بنبركة أن يقوم بذلك، يقول بوظهار، الذي أضاف أن «أعضاء الشبيبة الاتحادية ليس لهم الصفة ولم يقدموا أمام المحكمة حتى قانونهم الداخلي كجمعية للمحكمة، هذا بالإضافة إلى أن لا علاقة للشبيبة بالمهدي بنبركة الذي لم يكن يوما اتحاديا أو عضوا بالشبيبة الاتحادية»، يقول دفاع شباط، «ولكنه كان عضوا بحزب الاستقلال قبل أن ينشق عنه ويؤسس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية». وخلص المحامي بهيئة الرباط إلى أن الدليل على «أن لا علاقة للاتحاد الاشتراكي ببنبركة هو أن الحزب لم يقدم أي شكاية بهذا الخصوص، بل التزم الصمت وهو سؤال مطروح»! وكانت الشبيبة الاتحادية اتهمت عمدة مدينة فاس وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال حميد شباط بوصفه بنبركة، في مؤتمر صحافي، بأنه «سفاك دماء»، وهو ما لم ينفه شباط الذي اتهم أيضا بنبركة بأنه هو من أعطى الأوامر لاغتيال عبد العزيز بن إدريس، العالم بجامعة القرويين في فاس، وكذلك هو من أمر باغتيال عباس المسعدي، أحد مؤسسي المقاومة وجيش التحرير، عقب حصول المغرب على استقلاله.