«لا يمكن أن تعدموني وألتزم الصمت»، بهذه العبارة خاطب عبد القادر بليرج القاضي بنشقرون خلال جلسة أمس، بعد أن طلب منه أن يدخل في صلب الموضوع أثناء إلقائه كلمته الأخيرة التي استهلها بدعاء طويل، وقصيدة حملت إشارات إلى عدم استقلالية القضاء. بليرج الذي ارتسمت على شفتيه ابتسامة عريضة بعد المناداة عليه لإلقاء كلمته الأخيرة، أشار إلى أن ممثل النيابة العامة طالب بإعدامه، لذا فإنه يمثل «حالة خاصة»، وعلى المحكمة أن تمنحه الوقت الكافي لبسط ما قال إنه «مفاجآت سيتحدث عنها لأول مرة»، بدأها بتوجيه التهمة إلى وزير الداخلية شكيب بنموسى ب«اغتصاب القضية، وافتضاض بكارتها القضائية» بعد التصريحات التي أدان فيها المعتقلين، وهو ما قال بليرج إنه يستوجب إبطال المتابعة، لو كان المغرب بلدا تحترم فيه القوانين. بليرج، الذي كان محاطا بعدد من العناصر الأمنية، شدد على الطبيعة السياسية لهذه المحاكمة وتساءل: لو كانت هذه المحاكمة قضائية لماذا يتدخل فيها السياسي؟ واعتبر أن ما جاء في مقدمة كلمته مجرد «دردشة لطيفة»، قبل أن يشرع بعد ذلك في إلقاء قصيدة أخرى، ليقاطعه القاضي بنشقرون قائلا: «الكلمة الأخيرة ليس فيها شعر»، غير أن بليرج سيرد عليه بلهجة حادة «واش بغيتو تشدو الناس وتخطفوهم وتحكموا عليهم بالإعدام وما يكونش عندهم الحق يهدرو»؟ أعضاء من هيئة الدفاع سيتدخلون في أكثر من مناسبة لتلطيف الأجواء فيما بقي توفيق الإدريسي الذي كان يتولى الدفاع عن عبد القادر بليرج بعيدا، وسط عناصر الأمن لتفادي تكرار الحادث الذي وقع قبل ثلاثة أسابيع بعد أن أحكم موكله قبضته على عنقه بشكل كاد يودي بحياته. المتهم الرئيسي في هذه القضية سيثير من جديد حفيظة الهيئة بعد أن تحدث عن أن المغرب بلد «الأوهام والخوف» وأن «الكذب تحول إلى عقيدة وإيديولوجيا» وأن الشركات الرأسمالية أصبحت هي المتحكمة، ليتدخل القاضي من جديد بعصبية واضحة، غير أن المحامي خالد السفياني طلب من المحكمة منح بليرج الفرصة لبسط قناعته السياسية ما دام يحاكم من أجل أفكاره التي تسعى، حسب المحاضر، إلى قلب النظام. ومرة أخرى سيتدخل عبد القادر بليرج ليقول للقاضي: «شنو فيها خليني نخطب معا راسي باش تتهنى، راه طلبتو ليا الإعدام»، وأضاف «أنا لن أتدخل في طريقة الحكم. احكم بما شئت». النقطة التي جعلت هيئة المحكمة تثور غضبا كانت حينما شرع بليرج في الحديث عن حوادث السير ليصرخ القاضي «أش جاب حوادث السير للملف»، بعدها توترت الأجواء بشكل كبير، وتقدم عنصران أمنيان باتجاه المنصة حيث توجد الهيئة أمام إصرار بليرج على إتمام كلمته المدونة في عدد من الأوراق، قبل أن تسفر المفاوضات التي باشرها عدد من المحامين عن منح بليرج فرصة من أجل تلخيص كلمته.