فجر عبد اللطيف بختي مفاجأة من العيار الثقيل خلال جلسة محاكمة المتهمين في ملف بليرج بعد أن وضع عصابة سوداء على عينيه، وخرج بخطوات بطيئة من القفص الزجاجي وهو يتحسس طريقه بيده وسط رجال الأمن والمحامين ليقف أمام القاضي بنشقرون. ووسط اندهاش الحضور شرع بختي في الحديث باللغة الفرنسية للرد على القاضي الذي استفسره عما أصاب عينيه، ولم يضع عليها عصابة، ليجيب بأنه تعرض على مدى سنة ونصف لمعاملة وحشية، بعد أن تصرف معه المحققون مثل «كلب»، وطلب من القاضي أن يعامله بالمثل لأنه ليس هناك فرق. ورفض بختي أن يطلع على الأسلحة المحجوزة التي تضمنت عددا من رشاشات الكلاشينكوف والمسدسات وضعت قرب المنصة، وهو نفس الموقف الذي اتخذه المتهم الرئيسي، عبد القادر بليرج الذي رد على طلب الاطلاع على الأسلحة بجملة «ما فاهم والو وما شفت والو». بليرج حاول خلال جلسة أول أمس أن يشرع في مناقشة القاضي بنشقرون غير أن هذا الأخير طلب منه العودة إلى القفص الزجاجي، وهو الطلب الذي كرره أكثر من خمس مرات بعد أن بقي عبد القادر بليرج واقفا بثبات أمام المنصة، وعلى شفتيه ابتسامة غامضة. وتحولت جلسة المحاكمة إلى فصل هزلي أثار ضحك المحامين والقاضي والحضور، بمن فيهم عناصر الأمن، بعد أن رد عدد كبير من المتابعين على سؤال القاضي حول ما إذا كانوا يرون أسلحة فوق الطاولة بأنهم لا يرون شيئا، لدرجة أن القاضي عقب على أحدهم بأن الأسلحة موضوعة أمامه ليجيب المتهم «أنا بعدا ما شايف والو». ورفض مصطفى المعتصم الأمين العام لحزب البديل الحضاري المنحل، الخروج من القفص الزجاجي للاطلاع على الأسلحة، وقال إنه سيبقى في مكانه لأن تلك الأشياء «لا تعنيه ولا تستوفي الشروط القانونية»، كما رفض المرواني الأمين العام لحزب الأمة بدوره مغادرة القفص وقال مخاطبا الهيئة «ما هو النص القانوني الذي اعتمدتم عليه، أنا حجز لدي حاسوب فقط ولا علاقة لي بهذه الأشياء». وأبدى عبد الحفيظ السريتي، مراسل قناة المنار استغرابه الشديد لما يجري، وأكد أنه غير معني بهده الأسلحة في حين صرح العبادلة ماء العينين أنه «يرى أشياء تقول المحكمة أسلحة». وتوجه أحد المتهمين بكلامه إلى كاتب الضبط وقال بصوت عال، «لم يسبق لي أن رأيت سلاحا في حياتي والأسلحة الموضوعة بالمحكمة غير مختومة وغير مشمعة»، وكرر عدد من المتهمين جملا انتزعت من الحاضرين الضحك مثل «ماغاديش نشوف، هاد الشي ماشي ديالي، ما بقيتش كنشوف». واحتج الدفاع على الطريقة التي عرضت بها الأسلحة على المتهمين وقال إن الهيئة حولت المحاكمة إلى «سيرك» وتعمدت صنع مشنقة للمتهمين، وصرخ النقيب عبد الرحيم الجامعي في وجه الهيئة «كاديروا غي لي بغيتو». وقال الجامعي نرفض أن تطبقوا «كوبي كولي» على المتهمين على اعتبار أن البعض متابع فقط بتهمة عدم التبليغ ولا علاقة له بالسلاح، كما انتفض أحد المحامين في وجه الهيئة وقال إنها تعامل المتابعين في الملف مثل «الكرعة». وصعد الدفاع من احتجاجه على القاضي بنشقرون الذي وضع يديه فوق رأسه للحظات قبل أن يأمر برفع الجلسة خاصة بعد أن وصف أحد المحامين طريقة تدبير الملف من طرف الهيئة ب«البدعة»، وأكد أن هذه المحاكمة انتقلت من مرحلة الخروقات إلى مرحلة العبث.