بعد الحلقات العشر من شهادة الطيار المغربي صالح حشاد على سنوات الرصاص، والتي بثت على قناة الجزيرة، اختتم الصحافي أحمد منصور هذه السلسلة من الشهادات بحلقة كان الغرض منها إتاحة الفرصة للمشاهدين للإدلاء بآرائهم وتقديم شهاداتهم، وطرح أسئلتهم وتعقيباتهم، وأنا أتابع بعضا من تدخلات إخوتي المغاربة، وقفت مشدوها على حجم أزمة التواصل لدينا كمغاربة، فمن خلال المكالمات الهاتفية، اتضح جليا أننا نجد صعوبة بالغة في طرح الأسئلة، وفي التحدث بلغة سلسة مفهومة، وفي عدم القدرة على إيصال الفكرة أو السؤال بشكل مباشر، وكذا غياب الملاحظات الدقيقة. وعموما لم تكن حلقة «بلا حدود» في الحدود التي كنت أرجوها ومن خلالي الآلاف ممن تابعوا الحلقة، ومما لا شك فيه أن جل المشاكل التواصلية لشعبنا، والتي تكشف عنها بين الفينة والأخرى بعض البرامج التلفزية، من قبيل البرنامج موضوع المقال- لها ارتباط وثيق بضعف السياسات التعليمية المتعاقبة وفشلها، وكذلك ترتبط بخلل كبير في التنشئة الاجتماعية للأفراد. بطل الحلقات السيد حشاد لم يكن أحسن حالا من المتدخلين، فكثيرا ما كانت تخونه اللغة كما في قوله: «فطاح عليه وعنقه» وهو يقصد ارتمى عليه ليحضنه، لكنني ألتمس للرجل عذرا وهو الناجي من جحيم تعتبر القدرة على النطق بعد المرور بتجربة ولادة جديدة. أما الرسائل الإلكترونية الواردة على البرنامج، فنجد منها ما يجسد عمق المعاناة التي عاشها السجناء في جحيم تازمامارت كالرسالة التي بعثها طارق من أكادير، والتي يحكي فيها أنه قام باحتجاز نفسه داخل المرحاض في ظلام حالك لمدة 5 دقائق؛ فكانت تجربة شديدة، وكذلك تلك الرسالة لمشاهد ظل رفقة عائلته بدون أكل أو شرب لمدة يومين من هول ما سمع. وكشف البرنامج أيضا أن الشعب المغربي لا يقرأ تاريخه، وأنه لا يعلم ما يقع حوله.