الصحراء المغربية.. غوتيريش يعرب عن قلقه إزاء عرقلة الجزائر للعملية السياسية    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    توقع بلوغ عجز الميزانية 58.2 مليار درهم خلال سنة 2025    محكمة ورزازات تدين رئيس جماعة ورزازات بالحبس النّافذ والغرامة    الجهوية المتقدمة...    إسرائيل تتهم حزب الله بإخفاء ملايين الدولارات والذهب في مستشفى ببيروت    رحيمي: خسرنا 3 نقاط وليس نهائي البطولة    التجارة الدولية في المغرب ..    حوار حول الصحراء المغربية...    طفيليو الأعراس والمآتم بالمغرب    رحيل الفنان حميد بنوح    النموذج المغربي في "إدماج الإسلاميين" يحصد إشادة واسعة في منتدى أصيلة    على مرأى الشجر والحجر والبشر والبحر    وهي جنازة رجل ...    أمريكا.. نتائج استطلاعات الرأي متقاربة بين هاريس وترامب قبل أسبوعين من الاقتراع    غوتيريش يؤكد على دور الجزائر كطرف رئيسي في النزاع حول الصحراء المغربية    مقتل يحيى السنوار يغير قيادة "حماس" .. "لجنة خماسية" تتولى إدارة الحركة    قيس سعيد يؤدي اليمين الدستورية لولاية ثانية في رئاسة تونس    المغرب وفرنسا.. نحو شراكة جديدة بمنطق رابح-رابح وأبعاد إقليمية موسعة    وزير خارجية أنتيغوا وباربودا يعبر عن تقديره الكبير لرؤية الملك محمد السادس من أجل تعاون جنوب-جنوب متضامن وفعال    وفاة زعيم حركة الخدمة في تركيا فتح الله كولن    امطار رعدية مرتقبة بالريف خلال هذا الاسبوع    عزل الشرقاوي من رئاسة المقاطعة وعضوية المجلس الجماعي    اعتقال سيدة اعتدت بالسلاح الابيض على تلميذة بطنجة    باريس سان جيرمان يقترب من حسم تجديد عقد عميد الأسود أشرف حكيمي        المغرب يهزم غانا في "كان الشاطئية"    جمهور الجيش الملكي ممنوع من حضور الكلاسيكو أمام الرجاء    اختفاء دواء نقص هرمون النمو عند الأطفال والأسر تتحمل تكلفة 30000 درهم في كل ثلاثة أشهر    لقجع وحكيمي يتدخلان لإنقاذ حياة اللاعب سمير ويدار    عرض ما قبل الأول لفيلم "وشم الريح" للمخرجة ليلى التريكي    جهة الداخلة وادي الذهب تكسب رهان تنظيم المسابقة الوطنية والدولية للصيد السياحي الرياضي    نقل الفنان محمد الشوبي إلى العناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية    نقابيو "سامير" يعتصمون للمطالبة باسترجاع حقوق العمال وإنقاذ الشركة من التلاشي    مشاركة متميزة للمغرب في معرض الأغذية الدولي بباريس    كيف يمكن تفادي الموت المفاجئ لدى المراهقين خلال النشاطات الرياضية؟"…أخصائي القلب يجيب "رسالة24"    هذه هي المكملات الغذائية التي لا يجب تناولها معاً    لكبح ارتفاع أسعار اللحوم.. إعفاءات ضريبية لاستيراد قرابة مليون رأس من الماشية    من هم اللاعبون المغاربة أكثر دخلا في إسبانيا … ؟    ارتفاع التضخم يقلص مدة الرحلات السياحية للأمريكيين    حوار مع مخرج "مذكرات" المشارك في المهرجان الوطني للفيلم    حارث يواصل تألقه رفقة مارسليا بتسجيل هدف أمام مونبوليي    ملاحقة قناص بلجيكي ضمن وحدة النخبة الإسرائيلية        "أنوار التراث الصوفي بين الفكر والذكر" شعار مهرجان سلا للسماع والتراث الصوفي    انتشار مرض الكيس المائي الطفيلي بإقليم زاكورة..    البنك الدّولي يتوقع انخفاظ نسبة النموٌّ في المغرب إلى 2.9% في عام 2024    دوليبران.. لم تعد فرنسية وأصبحت في ملكية عملاق أمريكي    ارتفاع تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان إلى أرقام قياسية    الاتحاد الأوروبي يقسم ناخبي مولدافيا    كشف مجاني لمرضى بالقصر الكبير        الفلسطينيون يعانون لقطاف الزيتون بين الحرب في غزة والاعتداءات في الضفة    طنجة .. لقاء أدبي يحتفي برواية "الكتاب يخونون أيضا" لعبد الواحد استيتو وخلود الراشدي    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبيل يعيد إحياء العملة المغربية على مدارات تاريخية قديمة
فنان عصامي يرسم بالنقود
نشر في المساء يوم 22 - 07 - 2009

منذ عرضه في إطار جماعي سنة 2001 إلى آخر عروضه الفردية في شهر مارس المنصرم بدار الفنون بالبيضاء، عرفت أبحاث جبيل الفنية تطورا ملحوظا على مستوى مضامين لوحاته، حيث يقدم هذه المرة تصورا رمزيا شديد الارتباط بالاهتمامات الحالية عوض الطقوس الصوفية التي ظلت تشكل أساس اهتماماته سابقا.
هو الآن يرسم النقود المغربية العتيقة استعدادا لمعرضه المقبل الذي سيرى النور في بداية الموسم الثقافي،وفي هذه الأعمال يمزج جبيل بين الألوان المضيئة واللمسات الضبابية والانطباعية كخلفية تزيينية تظهر بجلاء القطع النقدية في مركز اللوحة وكأنها منبثقة من متحف مختص في عرض النقود المنقرضة لإبرازه لخاصيات القدَم على مستوى الشكل والمضمون.
اكتشف جبيل الشكل الدائري بالصدفة في لوحاته المتسمة بالطابع الصوفي، الذي أوحى إليه بالشكل الدائري للقطع النقدية، وهو ما حفزه لتناول هذا الموضوع الذي أسنده بدعامات مستديرة أيضا، ليحصل على تناغم فني بين الإطار ومضمونه.
القطع النقدية بشتى إشكالها تحكى لنا التاريخ بطريقتها الخاصة، بل هي شاهد أساسي على عصرها. فالعملة صورة مركزة حول السلطة، ومعبر رئيسي عن قوتها الرمزية وعن مجدها في مرحلة من مراحل التاريخ.
جبيل واع بذلك، عند اختياره لهذا الموضوع، ويفكر، حسب تصريحه ل«المساء» في الاشتغال مستقبلا على جميع أنواع العملات المغربية على مدار التاريخ المغربي القديم والحديث، حيث يعمل في هذا السياق على جمع ما أمكن من العملات قبل أن يتجه نحو المتاحف. والمتأمل في طريقة اشتغال هذا الفنان على مواد كيماوية مع اعتماده النار في تذويب الألوان وصهرها فوق القماش وفق درجات حرارة متنوعة للحصول على مبتغاه، ينتابه الانطباع بأن جبيل مختص»في ضرب العملة»، وفي نفس الآن باعث لمرحلة خلت من ماضينا التاريخي (العشرينيات، الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي).
قطع نقدية يعيد إليها لمعانها الفضي أو الذهبي محافظا بذلك على أشكالها الماضية وبما رسخ فيها من بصمات الدهر ومن تقادم. قطع ليست فقط محط اهتمام الهواة بل ترتبط بالتراث الوطني وتحدتنا عن حنين إلى فترات وقيم ولت بدون رجعة. رغم ذلك فهي تؤرخ بشكل من الأشكال لسلالة ملوك حكموا المغرب.
المقاصد التشكيلية التي وردت في عمل جبيل تلمح إلى جوانب عاطفية مشرقة، تنتج قيمة فنية، وتعيد للناس نقاشا حميميا حول أثر هذه القطع في حياتهم الاجتماعية والتجارية، وفرص هاربة وأخرى منجزة، وتحولات مستوى العيش...
قطع جبيل النقدية يمكن اعتبارها أيضا ذات طابع تبريري بامتياز، خصوصا وأن الموضوع المتطرق إليه وإن كان ذا طابع رسمي، فنادرا ما استثمره المبدعون. وفي هذا الإطار يعمل الفنان وفق أحجام كبرى متبنيا تصورا ارتساميا وتمثيليا يصل مداه وجماله إلى عين القلب مباشرة.
من ناحية أخرى فهي مقاربة وثائقية موثوق في تفاصيلها، وفي هذه الأعمال لم يبرح جبيل كفنان عصامي تقنيته المعهودة في مزج الملموس المادي بالمتخيل الزاخر. فهو يلجأ دائما إلى تلك الألوان سواء ذات الاتجاه القاتم أو البياض الخافت ذي الأشكال المعدنية الصلبة والخفيفة في نفس الوقت، ويتعامل مع اللوحة بتقنيات عصرية (صقل، فرك، توليف.. إلخ).
حساسيته للتفاصيل الهندسية والأشكال المعبرة، تعطى انطباعا ممتعا للعين شافيا للغليل. فأعماله تتميز دوما بأشكالها الهوياتية، متعديا بذلك الإطار الفطري. يصاحبها بحث حقيقي عن الهوية، عن الذات، عن معنى الحياة وإن كان ذلك البحث لا يخلو من قلق في التصور.
فإذا كانت النقود تحمل بنيات فيزيائية، فإنها تحيل على بنيات اجتماعية، اقتصادية، فكرية، محكومة بالتحول والتطور والموت، تحيل على تاريخ من الصفقات والمعاملات والتبادل التجاري والسلعي وفق مقارنة وقياس، وتمثلات نفسية وفكرية تعكس التحولات المجتمعية والتاريخية، تلك هي النقود، نتداولها كل يوم وكل وقت، نشترى ونبيع، نحسب بها مقدار الربح أو الخسارة، نخاف عليها ونوفرها.. ونحتاج إليها فنُنْفق منها.. ولم يكن هذا التطور أيضا مفصولا عن شكلها الفني وجماليتها الصناعية، من هنا تأتي أهمية اشتغال اليزيد على هذا المجال الرمزي.
وباختياره لمجال رمزي متجذر في التاريخ يعطى جبيل اليزيد دفعة قوية لفنه المشرف والذي يعد بالكثير، خاصة وأنه من النوع الذي يصر على العمل على مدار الأسبوع بمعدل ثمان ساعات إلى تسع، تقوده عصاميته وخبرته العملية كصانع إطارات تعامل مع أكبر الفنانين المغاربة، ليجد نفسه في مرحلة معينة منجذبا إلى الصباغة يعيد خربشات الطفولة، ورسومات تلميذ في القسم لم يكن يحسن إلا هذا الفعل، ليغادر المدرسة وهو لا يعرف فك الحروف. وإلى حد الساعة، وإن كان يتقن الرسم الحروفي، عربيا وفرنسيا، اعتمادا على المشاهدة، فقد وجد نفسه في يوم من الأيام يرسم لأبنائه ما كان يرسمه في الصغر، وتبعا لمهنته سيلج مجال التشكيل ليطور تجربته محاولة تلو محاولة. وبفضل الاحتكاك بتجارب الآخرين بلور اليزيد أسلوبه الخاص، ليقدم مجموعة من الأعمال ضمن معارض جماعية وفردية أثارت الانتباه وحظيت بالاعتراف، وهو ما شكل له دعامة معنوية أثرت عطاءه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.