صُنفت مجلة «لوجورنال» خلال العشر سنوات الأولى من نشأتها في خانة الصحافة المستقلة، المدافعة عن التوجه الديمقراطي المناهض لكل ما هو مخزني في المغرب. كما لعبت أدوارا مهمة إبان بداية العهد الجديد. ومع صدور كتاب «محمد السادس : سوء الفهم الكبير»، لأحد مؤسسي المجلة، الصحافي علي عمار، تم الكشف عن أسرار ومناطق ظل كان يجتمع فيها مؤسسو المجلة مع رموز دار المخزن ورجالات العهد الجديد. «المساء» تكشف أسرارا تنشر لأول مرة، من خلال سلسلة من الحوارات مع فعاليات ساهمت في تأسيس التجربة، وتعيد تجميع عناصر القصة الكاملة لمجلة اسمها «لوجورنال». إليكم التفاصيل... - ما هي علاقاتكم بالبوليساريو؟ لقد أعطيتموهم الكلمة لمرات عديدة على صفحات مجلتكم... > بالنسبة إلينا، مسألة الصحراء كان من الواجب تغطيتها بشكل كاف وتفسيرها للمغاربة. نحن لا نتحمل أن تكون الصحافة مجرد صدى لوكالة المغرب العربي للأنباء ووزارة الداخلية أو وزارة الخارجية، في قضية تهم مستقبلنا ومستقبل مؤسساتنا. أردنا أن ننهي هذا الطابو الذي يُتهم كل صحافي اقترب منه وحاول التحقيق فيه، بكل استقلالية، في الديبلوماسية المغربية، بكونه خائنا للأمة. - إلى درجة محاورة عبد العزيز المراكشي؟ > نعم، لأن هذا جانب من عملنا الصحافي، وهذا لا يعني أننا منحناه مساحات كبيرة دون حدود. كنا السباقين إلى القيام بذلك وتم منعنا بسببه. - كيف ذلك؟ > العربي المساري، الذي كان حينها وزيرا للاتصال في حكومة عبد الرحمان اليوسفي، صرح بأن الملك وحده من يمكنه مناقشة موضوع الصحراء، دون تحرك من المجتمع المدني والأحزاب السياسية. والجميع يتذكر الحدث التراجيدي والكوميدي في الوقت ذاته، حين هدد أحمد الميداوي، الذي عوض إدريس البصري في وزارة الداخلية، بوبكر الجامعي بأن «يكسر فمه» وقال له حرفيا: (نخلي دار بوك) في حال ما إذا عاودت محاورة أحد أعضاء البوليساريو. في نفس الفترة، كان المغرب يتفاوض سريا مع البوليساريو في لندن وبرلين... - في أية ظروف أجريتم الحوار مع عبد العزيز المراكشي؟ > نظمت ندوة صحافية للبوليساريو بواشنطن. مراسل جريدة الاتحاد الاشتراكي من هناك وجه سؤالا إلى المراكشي بصفته رئيسا للجمهورية. بوبكر الجامعي وعبد القادر غنيم حاوراه على هامش هذه الندوة في فندق بالعاصمة الأمريكية. وخلصنا، حينها، إلى أن الرجل ليس من طينة زعماء الدول. - هل التقيتم بمسؤولين آخرين في الحركة الانفصالية؟ > نعم، من بينهم، مولود سعيد، ممثل البوليساريو في الكونغرس الأمريكي، وابراهيم غالي، المكلف بالمنطقة الأوربية والمستقر بمدريد. وبطلب من الحسن الثاني، قام محمد السادس، حينما كان وليا للعهد، بإجراء محادثات مباشرة مع قيادات من البوليساريو. حصلنا على محاضر ما تبادلاه بحضور إدريس البصري وقمنا بنشرها. فلماذا لا يقوم بذلك صحافيون؟ - ما هي المواضيع المرتبطة بالصحراء التي أزعجت السلطات المغربية؟ > كشفنا أن المصنع الأمريكي لطائرات «بوينغ» قام بتمويل ندوة البوليساريو بواشنطن في الوقت الذي كانت فيه الخطوط الملكية الجوية تفاوض من أجل شراء طائراتها من طراز 800-737... «ماكدونيل دوغلاس»، شركة الطيران الحربي التي اقتنتها «بوينغ»، هي التي كانت وراء هذا الدعم... أكثر من ذلك، فإن السلطات لم تتقبل أن ننشر صور أحداث العيون لسنة 1999. سفير المغرب في لندن بعث، حينها، بتقارير مفادها أن البرلمانيين الإنجليز ينتقدون المملكة المغربية بسبب الصور المنشورة وأن البوليساريو يستغلها في صراعه مع المغرب. فقامت أجهزة المخابرات المغربية بتوزيع ملفات متكاملة على هيئات تحرير جرائد مغربية للرد علينا والقول إنه تم توظيفنا من طرف البوليساريو. لم يتساءل أحد عن كون القمع الممارس في الصحراء هو الذي يؤثر سلبا على صورة المغرب وليس مجرد عمل صحافي قمنا به في «لوجورنال» في منطقة مثل باقي جهات المملكة. - هل تم الاتصال بكم من طرف المخابرات بشكل مباشر؟ > نعم، مبعوث طلب مني ومن فاضل العراقي أن نتخلى عن بوبكر الجامعي. - هل يمكنك الكشف عن هوية هذا المبعوث؟ > لا، ليس هناك من مصلحة في الكشف عنه، كل ما يمكنني أن أقوله هو أنه صحافي معروف جدا. - ماذا كنتم ستربحون مقابل التخلي عن الجامعي؟ > الإشهار والتوصل بملفات معدة من طرف المخابرات حول عدد من القضايا الجارية، خصوصا الفضائح المالية واعترافات تهم شخصيات سياسية. المبعوث كان غبيا حين قال لنا إن بوبكر الجامعي يعمل لصالح الأمريكيين في محاولة لإقناعنا بالتخلي عنه... - ماذا كان ردكم؟ > ماذا كنا سنفعل في اعتقادك؟ طلبنا منه ألا يعاود فتح هذا النقاش معنا. هناك عدة جرائد بإمكانها القيام بذلك... تذكروا، على سبيل المثال، ملف الجاسوس المزيف بوشتي ضد علي لمرابط. هذا الأخير قد يحكي لكم بتفصيل عن الحوار المصطنع في فندق هيلتون الذي نشرته إحدى الأسبوعيات ويومية مغربية. - وبخصوص مخطط بيكر ومقترح الحكم الذاتي؟ > مرة أخرى، كنا السباقين في الصحافة إلى طرح النقاش حول إمكانية إقامة «مملكة فيدرالية» لحل المشكل. وحينها وصفتنا الطبقة السياسية بكوننا أعداء الوطن. واليوم، إنها الفرضية التي تطرحها المملكة للنقاش في الأممالمتحدة وفي مانهاست... - هل كانت لكم علاقات بالجزائريين؟ > على مستوى رسمي، قابلت مرة واحدة السفير الجزائري السابق لعربي بلخير في الرباط. كان ضد المغاربة الذين طالبوا بفتح الحدود مع الجزائر دون استشارته ومفاتحته في الموضوع. حدثني عن «صبيانية ضد الدبلوماسية» وأنها كانت الطريقة المثلى لانتزاع رفض من لدن بوتفليقة، الذي كان قريبا منه.