دعا الدكتور أحمد عبادي، أمين عام الرابطة المحمدية للعلماء، المؤسسات الثقافية التابعة للأحزاب السياسية العريقة في المغرب إلى فتح نقاش عمومي حول مستجدات القضايا الفكرية والثقافية وإعادة تنشيط الحياة الثقافية في المغرب. وقال عبادي، في ندوة حول «زمن القيم» أول أمس بالمكتبة الوطنية بالرباط، إن مؤسسات ثقافية مثل مؤسسة علال الفاسي التابعة لحزب الاستقلال ومؤسسة عبد الرحيم بوعبيد، التابعة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومؤسسة عبد العزيز بلال، التابعة لحزب التقدم والاشتراكية يجب أن تلعب أدوارها الثقافية في المغرب وأن تساهم في طرح الأسئلة وخلق نقاش عمومي لكسر حالة الجمود. وجاء حديث عبادي خلال ندوة فكرية دعت إليها جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة، جمعت مختلف الأطياف الفكرية من علمانيين ويساريين وعلماء، أمثال محمد الساسي وعبد الفتاح الحجمري ومحمد نور الدين أفاية، نشطتها الصحافية فريدة موحا. وانتقد أفاية صمت النخب الفكرية في المغرب، بمختلف أطيافها، حول موضوع الهوية والقيم، وقال إن المثقف في المغرب لا يمتلك رؤية واضحة حول العديد من القضايا ذات الصلة بالمجتمع والمستقبل، واعتبر أن المغرب يشكل كارنفالا من اللغات بسبب قربه من أوربا وانفتاحه على محيطه. وميز أفاية بين الفقيه والمثقف في المغرب، قائلا إن المغرب لم يعرف المثقف وإنما عرف الفقهاء في المراحل الثقافية الماضية، وهو ما رد عليه أحمد عبادي بهدوء موضحا بأن الفقيه كان يلعب دور المثقف العضوي في المغرب، كما في العديد من البلدان الإسلامية، إلا إذا كان مفهوم الفقيه يعني الشخص الذي يشتغل على آليات الفقه، معتبرا ذلك التوضيح بمثابة «مداعبة» لأفاية، مما أثار ضحك الحاضرين. أما عبد الفتاح الحجمري، مؤسس مهرجان موازين، فقد ركز مداخلته على العلاقة بين الفن والدين والأخلاق، وقال إن الأشكال الفنية لا علاقة لها بأي معيار أخلاقي ولا يجب الخلط بين التعبير الجمالي والتعبير الأخلاقي. وأوضح الحجمري أن بعض الأشكال الفنية التي تتضمن نوعا من العنف قد تكون ذات بعد جمالي، كما أن بعض الفنون الموسيقية الصاخبة قد تكون لها جوانبها الجمالية، وأن بعض الفنانين الأمريكيين رأوا في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001، على مأساويتها، لحظة جمالية، وهو ما يؤكد في رأيه عدم وجود أي علاقة بين ما هو جمالي وما هو ديني. أما محمد الساسي فقد تطرق إلى العلاقة بين القيم والسياسة في المغرب، من موقع التجربة، وسجل غياب ما أسماه «قيم السياسة وسياسة القيم»، مضيفا أن الوضع في المغرب ما زال يسير وفق منطق تدبير الأمور بالشوكة، وهو منطق قديم، وأن ما تغير اليوم هو أن هذه الشوكة أصبح يعبر عنها بالانتخابات، ولذلك ما زال منطق وقيم «الأقدمية» هو المسيطر في قيم السياسة «ولذا تجد دائما الثورات داخل الأحزاب كلها تبوء بالفشل لأنها لم تستطع تغيير قيمها السياسية»، ونوه الساسي بما اعتبره منطق التجديد لدى الرابطة المحمدية للعلماء في مجال اختصاصهم، وقال إنه يرى في علمائها نموذجا يحتذى في خلق قيم جديدة في مجالاتهم المختلفة.