«حينما داهمني المرض وانطلق مسلسل الألم أقنعت نفسي أن هذا ابتلاء من الخالق عز وجل، إلا أنني كنت متخوفا من أن تحول نتائج هذا المرض دون أن أستطيع الوقوف لقضاء حاجاتي الملحة، من بينها حاجة الذهاب إلى المرحاض، كنت خائفا من هذا الأمر، مع يقيني في الوقت ذاته أن رحمة الله واسعة وأن عفوه كبير وأنه سيرحمني»، بهذه الكلمات يحكي عازف العود الشهير سعيد الشرايبي عن الأحاسيس التي انتابته بعد الإصابة بداء «لانفوم» أدرج إلى حدود سنة 1984 ضمن لائحة أصناف السرطان. «في لحظة الألم، كان العود رفيقي الدائم، لا يفارقني ولا أفارقه، هو جزء مني، علاقتي به مميزة وخاصة، أحس بصوت العود في دواخلي، هي علاقة تمتد لأكثر من أربعين سنة، فمنذ 1965 وهو رفيقي، ولم يفارقني في أشد اللحظات ألما. بعيدا عن العود من الصعب العيش، هو رفيقي في كل الرحلات، فكان من الطبيعي أن يكون رفيقي في لحظات الوعكة الصحية»، بهذه الكلمات يتذكر عازف العود سعيد الشرايبي لحظات الأزمة الصحية التي ألمت به قبل سنوات. ويواصل سعيد الشرايبي بوحه ل«المساء»، بالقول: «كان العود مؤنسي، وكل مرة أداعبه، إلى درجة أصبح لي جمهور آخر داخل المستشفى التي كنت أعالج فيها، جمهور يتفاعل مع كل تقسيمة من التقاسيم التي كنت أعزفها رغم المرض. في تلك اللحظات نسينا أننا مرضى، وكان قاسمنا عشق الفن والإيقاع وتبادل النفس الفني». وفي وصفه لحالته النفسية لحظة المرض، أضاف سعيد الشرايبي : «في تلك الفترة، كان الأمل في الخالق عز وجل، وكان هناك أناس كثر تضامنوا معي، وأتذكر الرعاية السامية للملك، وأتذكر اهتمام مولاي رشيد بحالتي الصحية، وأتذكر التفاف الأسرة الفنية حولي، كانت المكالمات تأتي من كل مكان، وكنت أسمع اهتمام الناس بآخر أخبار وعكتي الصحية كل هؤلاء كانوا يعطونني الدعم النفسي الذي يحتاجه كل مريض في لحظة مرضه». وحول طبيعة المرض الذي ألم به وحول أسرار علاجه، يقول سعيد الشرايبي: «وجب التوضيح أنني كنت مصابا بمرض «lynfome» وهو مرض يصيب الغدد، مرض خطير جدا، كان يصنف إلى حدود سنة 1984 ضمن مرض السرطان، مرض قادر على تدمير الذات كاملة، والحمد لله أنني شفيت، مع التذكير أنني لم أجر عملية جراحية، كما لم أعالج بالعلاج الكيماوي كما هو معروف في المجال، وإنما واظبت على دواء «مابتيرا»، بالإضافة إلى دواء آخر». وفي سؤاله عما إذا كانت هناك طقوس أخرى مرافقة للعلاج، لم ينف سعيد الشرايبي وجودها، طقوس يقول عنها إنها مرتبطة بنصائح لأصدقاء من إحدى الزوايا، من بينها تلاوة آيات قرآنية وترديد صلوات على النبي وترديد أدعية معينة في لحظة الإصابة. وحول طبيعة المخاوف التي كانت قد انتابته حين سماعه خبر الإصابة، قال سعيد الشرايبي: «كنت مؤمنا بقضاء الله وقدره، ولكنني كنت في الوقت ذاته متخوفا أن أصاب بشلل وألا أصبح قادرا على الوقوف لقضاء حاجاتي بما فيها الذهاب إلى المرحاض، هذا شيء كنت أخاف منه، والحمد لله أنني شفيت وتأكدت من ذلك بعد قيامي بالعديد من الفحوصات التي أثبتت شفائي بحمد الله، وبمجرد ما شفيت نظم لي عازف العود العراقي ناصر شما تكريما خاصا أمام العديد من الطلبة، كما تم الاحتفاء بي في مناسبة ثانية بمدينة مراكش، هذا دون نسيان الإشارة إلى تكريم وزارة الثقافة في مدينة تطوان، هذه تكريمات تدل على حب وتقدير الناس لسعيد الشرايبي، من جهة أخرى شاركت في عدة تظاهرات فنية». وأضاف سعيد الشرايبي أن عودته تزامنت مع إطلاق ألبومه الجديد مع معهد العالم العربي الذي يحمل اسم «مفتاح غرناطة» الذي يضم العديد من القطع، «من بينها معزوفة «إلى أستاذي» التي أهديها للموسيقار فريد الأطرش الذي تربيت عليه وصقلت مواهبي عنه وتعلمت عنه الشيء الكثير، ولا أنسى أن هناك مشروعا فنيا جديدا سيخرج في شهر غشت للأسواق، ضمنه معزوفة «آشور» و«سماعي غازي القلوب» تكريما للغازي رحمه الله، أعمال أتمنى أن تقترب من المتلقي المغربي. سرطان «لانفوم» «لانفوم» سرطان يصيب الغدد الليفماوية، كان يعتبر في السابق من النوع الفتاك، قبل أن يصنف في أواسط الثمانينيات ضمن الأنواع الأقل خطورة، وذكرت الدراسات أن هذا المرض يضم 150 نوعا من السرطان وأكدت الدراسات نفسها أن أكثر من نصف هذا العدد أصبح بالإمكان علاجه.