قرر الاتحاد الليبي لكرة القدم إنهاء التعاقد مع اللاعبين الأجانب، بعد الأداء الجيد للمنتخب المحلي الليبي، في نهائيات كأس إفريقيا للمحليين بالكوت ديفوار، وعزا المسؤولون القرار إلى منح اللاعب الوطني فرصا أكثر لممارسة كرة القدم، مع التأكيد على أن إجلاء اللاعبين الأجانب لا علاقة له بحكاية ترشيد النفقات. وعلى الرغم من أن أسباب النزول، تعود إلى تصريحات لاعب عراقي انتقد الوضع الرياضي في ليبيا، وهو ما اعتبره المسؤولون تدخلا سافرا في الشأن الداخلي للبلاد، فإن الجلاء كان مصير بقية بني العرب. نحترم قرار المسؤولين عن الكرة في الجماهيرية العظمى، رغم أنه يتنافى وخطابات القومية العربية التي طالما رددها الزعيم الليبي معمر القدافى، وهو يضرب بقبضتيه على منصة الخطاب في ذروة الحماس. والغريب في الأمر أن القرار لم يشمل المدربين الأجانب الذين حولوا ملاعب الجماهيرية إلى حقول تجارب، وحاكم بقية اللاعبين بناء على تصريح يلزم لاعبا واحدا، في ديمقراطية لا مثيل لها. في منتصف الثمانينيات قررت اللجان الشعبية في ليبيا، إجلاء آلاف العمال التونسيين المقيمين في الجماهيرية، حيث عاش البلدان حينها مشهدا مماثلا لنكبة ترحيل المغاربة من الجزائر، ولم يفهم بورقيبة حينها مغزى الشعارات التي رددها الليبيون في تظاهراتهم المؤيدة لإجلاء الجيران، ومن تداعيات هذا المشكل إلغاء العديد من المواعيد الرياضية بين القطرين. وقبل أن تهدأ عاصفة النزاع التونسي الليبي حتى فتح القدافي جبهة مع مصر وحولت نشرات الأخبار الرسمية القاهرة إلى مقهورة، وألغى الاتحاد الليبي لكرة القدم مباراة رسمية بين الزمالك وأهلي طرابلس بقرار من اللجان الشعبية رغم أن الملعب كان حينها مملوءا بالمتفرجين. باستثناء اللاعب أحمد أجدو وخالد أومنصور، فإن أغلب اللاعبين المغاربة المحترفين في الجماهيرية يمارسون في الظل، بمخصصات مالية تقل أحيانا على ما يمكن أن يتقاضاه اللاعب المغربي في فريق متوسط، لذا لن يتأثر الدوري الوطني من قرار صدر في لحظة غضب من خارج الدوائر الرياضية. في الجزء الاجتماعي من الكتاب الأخضر الذي ألفه القدافي، إشارة لفلسفة الزعيم في المجال الرياضي، حيث يقول: إن الرياضة نشاط عام ينبغي أن يمارس لا أن يتفرج عليه، وإنه سيأتي يوم تهدم فيه الجماهير الشعبية المدرجات، كي تمنع المتفرجين الكسالى من الخمول، وتجبرهم على ممارسة الرياضة. على أرض الواقع لم تتحقق أطروحة الرياضة للجميع التي نادى بها معمر، ولم يجرؤ أحد على هدم المدرجات، باستثناء عوامل التعرية التي داهمتها، لأن اللجان الشعبية ظلت تحصي أنفاس الرياضيين. حين تصل إلى مطار طرابلس تقابلك لوحة عملاقة عليها صورة القدافي، مرفوقة بعبارة اللجان في كل مكان، في إشارة إلى حضور اللجان الشعبية في المعيش اليومي للمواطن الليبي وبين ثنايا قميصه الرياضي. في ظل هذا الوضع ألا يحق للرجاء والوداد إنهاء عقد الشراكة المبرم مع أهلي واتحاد طرابلس، على الأقل في إطار المعاملة بالمثل؟!