صُنفت مجلة «لوجورنال» خلال العشر سنوات الأولى من نشأتها في خانة الصحافة المستقلة، المدافعة عن التوجه الديمقراطي المناهض لكل ما هو مخزني في المغرب. كما لعبت أدوارا مهمة إبان بداية العهد الجديد. ومع صدور كتاب «محمد السادس : سوء الفهم الكبير»، لأحد مؤسسي المجلة، الصحافي علي عمار، تم الكشف عن أسرار ومناطق ظل كان يجتمع فيها مؤسسو المجلة مع رموز دار المخزن ورجالات العهد الجديد. «المساء» تكشف أسرارا تنشر لأول مرة، من خلال سلسلة من الحوارات مع فعاليات ساهمت في تأسيس التجربة، وتعيد تجميع عناصر القصة الكاملة لمجلة اسمها «لوجورنال». إليكم التفاصيل... - بماذا تميزت بداية إصدار «لوجورنال»؟ > هذه الفترة تميزت بالتحاق الصحافي علي المرابط بالمجلة ليشغل منصب رئيس التحرير بها، وقد ساهم بشكل كبير في تألقها، حيث كان أول من حاور المعارض السياسي أبرهام السرفاتي في منفاه بفرنسا. حاور علي المرابط أيضا مليكة أوفقير، في وقت كانت فيه كتابة اسم أوفقير في الجرائد المغربية أمرا مستحيلا. وكنا الوحيدين الذين بادروا إلى الدفاع عن الجنود المغاربة المحتجزين في الصحراء من خلال ملف أعده المرابط، وكان رد فعل وزارة الشؤون الخارجية والتعاون أن أصدرت بلاغا صحافيا قالت فيه إن ذلك هو ثمن الدفاع عن السيادة والوحدة الترابية للمملكة، ونحن نقول إنهم ضحوا بحياتهم من أجل وحدة الوطن وإن المغرب لم يطالب بالإفراج عنهم. كان كل واحد منا يساهم في تألق المجلة من موقعه، فبوبكر الجامعي كان عنده توجه واضح وكانت لديه أفكار واضحة باعتباره مثقفا مع حضور الجانب السياسي في مختلف مواقفه، وعلي المرابط أعطى إضافة أخرى نوعية للمجلة من خلال لمسته، خصوصا في التحقيقات والملفات، أما أنا فقد كنت مكلفا بالجانب التنظيمي الإجمالي وكنت أشغل منصب المدير العام، وقبل ذلك شغلت مهمة رئيس التحرير إلى جانب الصحافي مسلم. والتحق بنا جمال براوي، حيث شغل مهمة مدير النشر، بعد خروج حسن المنصوري من رأسمال الشركة المصدرة ل«لوجورنال» أواخر سنة 1998. - ما هي أسباب خروج حسن المنصوري؟ > المنصوري هو شخص براغماتي، تابع دراسته في مدرسة الطرق والقناطر، وبعدها التحق بجامعة كولومبيا، وكان يدير شركة للنسيج. بالنسبة إليه، الدخول في رأس المال هو بمثابة صناعة. كان هناك خلاف بينه وبين بوبكر الجامعي حول رؤية «لوجورنال» في الميدان الاقتصادي من قبيل: هل المغرب محتاج إلى أبطال وطنيين في الاقتصاد؟ هل من المنطقي أن يدار الاقتصاد المغربي من طرف خريجي مدرسة الطرق والقناطر فقط؟ أم التوجه إلى فتح الاقتصاد الوطني أو إدارته فقط من طرف النخبة؟ خرج المنصوري من الرأسمال لأنه كان يرى أن الصحافة ليست صناعة مدرة للأرباح، وباع حصته لفاضل العراقي، علما بأن «لوجورنال» انطلق برأسمال يناهز 80 مليون سنتيم فقط. - كيف تعرفتم على فاضل العراقي؟ > أولا، تجب الإشارة إلى أنه لحسن الحظ أن فاضل العراقي التحق بنا لأن مغادرة المنصوري كانت بمثابة تأشير على وفاة هذه التجربة، لأنه لم تكن لدينا الأموال الكافية للاستمرار في المشروع. زوجة فاضل العراقي لها صلة قرابة عائلية ببوبكر الجامعي الذي أقنعه بدخول مغامرة مجلة «لوجورنال». والعراقي لديه تكوين سياسي ساهم فيه المناخ الذي نشأ فيه والعائلة التي يتحدر منها، وتكفي الإشارة هنا إلى أن والده من بين القضاة المحترمين في المغرب. وأعتقد أنها كانت المرة الأولى في المغرب التي يلتقي فيها رأس المال مع الصحافة المستقلة بدون تدخل أو توجيه من الأول للثاني خدمة لمصالحه الشخصية. هناك فرق بين الصحافتين الخاصة والمستقلة، فهذه الأخيرة تبنى إما بتمويل من الصحافيين أنفسهم أو من رجل أعمال لا يتدخل في خطها التحريري. والسر في نجاح تجربة «لوجورنال» هو أن فاضل العراقي أعطى الدعم المالي دون تدخل منه في خطها التحريري. - كم كانت حصص المساهمين في الشركة التي تصدر «لوجورنال»؟ > في الأول، كنت مساهما بحصة 15 في المائة، لكن طبيعة هذه المساهمة لم تكن مالية لأنه لم يكن لدي ما يكفي من المال لذلك، وساهم حسن المنصوري ب51 في المائة، بينما كانت الحصة التي ساهم بها بوبكر الجامعي هي 41 في المائة. وبعد التحاق جمال براوي حصل على 7 في المائة من حصتي، لكنه لم يسبق أن تم توثيق هذه العملية كتابيا وظلت فقط مجرد وعد لبراوي. وعند مغادرته للمجلة، استعدت حصتي كاملة لتعود إلى 15 في المائة إلى غاية اليوم. - إذن، فجمال براوي التحق بالمجلة على أساس أنه مساهم فيها، لماذا لم يتم توثيق ذلك؟ > لم يتم ذلك. بوبكر الجامعي سافر إلى إنجلترا من أجل متابعة دراسته لمدة سنة للحصول على الماجستير في إدارة الأعمال والذي كان بمثابة حلم له. وخلال فترة غيابه، كلف جمال براوي بأداء مهمة رئيس التحرير، وبكتابة الافتتاحية أيضا. اقتسمت العمل مع براوي، حيث تكلف هو بكل ما هو سياسي بينما تكلفت أنا بكل ما هو مالي واقتصادي. - لماذا غادر جمال براوي «لوجورنال»؟ > عندما كان جمال براوي رئيسا للتحرير، كان الصحافي علي المرابط متواجدا ضمن الطاقم، وكانت هناك خلافات عديدة بينهما. ومن بين هذه الخلافات كانت هناك مسألة الحوار مع بنيامين نتنياهو الذي كان فكرة علي المرابط، حيث كان هذا الأخير قد اقترح على المكتب الإسرائيلي، الذي كان متواجدا بالرباط، محاورة الوزير الأول الإسرائيلي في ظرف كان مشحونا بالنظر إلى تزامنه مع المرحلة الرابطة بين الانتفاضتين. أما جمال براوي فلم يكن متفقا على إجراء الحوار، وفي نفس الوقت ذهب في رحلة رسمية إلى الصين مع الوزير الأول آنذاك عبد الرحمان اليوسفي. إذن، وقع خلاف حول الموضوع، رغم أن الإسرائيليين لم يدعونا، حيث تكفلنا بدفع جميع مصاريف الرحلة، التي شاركت فيها إلى جانب المرابط. وعندما ذهبنا، أجرينا حوارا مع فيصل الحسيني أيضا، لنوجه رسالة إلى الجميع مفادها أننا صحافيون نشتغل بمهنية، ورفضنا إجراء الحوار بالقدس كما طلب منا ذلك نتنياهو، وأجريناه في تل أبيب في مقر القوات العسكرية الإسرائيلية. في ذلك الوقت، كانت قد وقعت حادثة تتمثل في أن الحسن الثاني رفض استقبال نتنياهو الذي حل بالمغرب قادما إليه من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبالتالي فإن الجو الذي صدر فيه الحوار كان مشحونا بعض الشيء. - هل كان سبب الاستقالة حوار نتيناهو أم كانت لأسباب أخرى؟ > براوي يقول إنه استقال احتجاجا على الحوار مع نتنياهو كما جاء ذلك في رسالة استقالته، لكنني أعتقد أنه كانت هناك أشياء أخرى، خصوصا وأن براوي كانت تجمعه علاقة عائلية ببوبكر الجامعي، فهو خاله.