اختار الوسيط الأممي المكلف بقضية الصحراء كريستوفر روس الجزائر كأول محطة في إطار جولته الثانية للمنطقة بعدما دشن جولته الأولى بالرباط، وهي رسالة مفتوحة على تأويل حذر، قد يفهم منه أنه ليس ضروريا أن يكون منطلق جولته من الرباط أو الجزائر. كما أنها مفتوحة، حسب مصادر مطلعة، على رسالة واضحة إلى الجزائر التي تعتبر نفسها داعمة للأطروحة الصحراوية بكونها طرفا أساسيا في النزاع وليس فقط داعما كما تزعم دائما. روس لدى استقباله أول أمس الأربعاء من قبل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وجه رسالة واضحة فحواها أن الجزائر معنية بهذا النزاع ولا يتصور أي حل لهذه القضية ما لم تساهم في جهود الحلحلة. روس الذي سيحل بالمغرب غدا السبت بعدما التقى قادة البوليساريو أمس الخميس بتندوف سبق زياراته عدد من التسريبات، كما أن جدول أعماله مليء عن آخره برزنامة من المواعيد واللقاءات حيث سيحاول إبلاغ الطرفين بمواعيد وأماكن عقد اللقاءات غير الرسمية بعدما سبق له أن انتزع منهما اتفاقا مبدئيا لعقدها خلال الجولة الأولى، وهو يحمل معه سيلا من الأفكار والإشكاليات التي ستساعد الطرفين على التقدم خطوات نحو الأمام عوض التمسك بالمواقف المعلنة. ومن بين أهم التسريبات التي سبقت زيارة روس الثانية احتمال أن يحتضن كل من ليبيا وقطر وإسبانيا المباحثات غير الرسمية بين المغرب والبوليساريو. وعن دواعي اختيار هذه البلدان، توضح مصادر مطلعة أن ليبيا سبق لها أن تدخلت في حل مشكل أسرى الحرب بين جبهة البوليساريو والمغرب، كما أن قطر لها أفضال كثيرة على البوليساريو وعلى لاجئي مخيمات تندوف وتحتفظ بعلاقات خاصة مع قادة الجبهة من خلال المساعدات الإنسانية التي تقدمها سنويا لهم، ونفس الشيء ينطبق على ليبيا التي تعد أحد أهم الداعمين للجبهة ماديا ومعنويا. وتتوقع المصادر ذاتها أن تتوج جهود روس بإعلان مكان وتاريخ عقد هذه المباحثات مع الحفاظ على طابعها غير الرسمي، مع ترجيح أن تحتفظ بطابعها السري. يذكر أن كريستوف روس خلص في جولته السابقة إلى عقد لقاءات غير رسمية بين طرفي النزاع كنتيجة لفشل مفاوضات مانهاست التي قادها سلفه الهولندي فان والسوم. ويبقى الهدف من هذا الأسلوب الجديد الذي اعتمده روس هو خلق مناخ سيكولوجي جديد لتخليص الطرفين من عقد وتحفظات اللقاءات الرسمية التي لا تساعد عادة الأطراف المتفاوضة على الإفصاح عن مكنوناتها وتحفظاتها.