الرجاء، احتفل في صمت.. ألغى حفله الفني.. اعتذر لكل الفنانين الذين دعاهم ليعيشوا معه واحدة من ليالي الصيف الجميلة.. فقد كان رحيل عبد الزاق مكوار، قد حول فريق الوداد إلى مقطوعة حزينة في حفل الرياضة الوطنية.. مات مكوار، بكته جماهير كبيرة، وكان لابد للرجاء أن يكفكف دموع جاره الجريح.. كان الحزن أكبر من لحظات القدر، ألم ودموع.. وليل حزن طويل.. طويل.. الرجاء، كان يدرك حجم خسارة الوداد.. كان يعرف أكثر من غيره أن مكوار شكل طيلة سنوات خلت، رمزا فريدا لمسير تعلق الرياضة بذاكرته، يمتلك فكرا احترافيا.. وفي عهده حققت الوداد ألقابا عديدة.. الرجاء، إكراما لروح الراحل، تخلى عن طقوسه الاحتفالية.. فضل أن يحتفل في صمت.. يعلم أن الوداد يعيش لحظة حداد، ويجب أن يرفع عنه غبن القدر الحزين.. احتفل الرجاء بطاقاته الرياضية بدون أهازيج.. لقد أظهرت كل الفعاليات الرياضية في بيت الرجاء عن تضامن رياضي، حولوا إلى بيت الوداد رسائل التعزية وبطائق المواساة، وحق للرجاء أن يفخر بمجده. حق له أن يسعد بحسه التضامني.. لقد أسعد الوداد حقيقة أن تتآلف قلوب كل المحبين، أسعده أن يجد غريمه التقليدي قد فرش ملاءة حرير ودعاه ليعيش معه أجمل لحظات القدر.. بعدها كان لابد للوداد أن يرد الجميل، فقد بعث للرجاء برسالة شكر.. واعتراف بالجميل، وقد شاهدنا كيف تعانق الرجاوي والودادي في حفل بهيج وقعته الرجاء بالاعتراف بكل رموزها الرياضية، وكيف كان درع الدوري أجمل من كل الهدايا الممكنة.. (واخا نساوه في الفيستيير). الرجاء، لم ينس أبدا لحظات العرفان.. لم ينس الوفاء لمسير رياضي تتذكر كل المدرجات إنجازاته.. وعندما كان الأستاذ مصطفى بدري يهيئ لبرنامج خاص عن الراحل مكوار في مركب بنجلون، جاء حنات والعسكي يحملان معهما ذكريات تسييرية جميلة، كانت كلمات الود ممزوجة بالأخضر والأحمر.. في مشهد رائع يكرس ثقافة الجوار، وحجم الوفاء الرياضي.. البرنامج الذي قدمته الرياضية لكل الجمهور المغربي الذي كان يعرف الرجل، والذي سمع عنه فقط، واللحظة لم تكن سوى مناسبة للتوحد.. لقد علمنا فريق الرجاء كيف يكون التضامن.. كيف يمكن أن نلغي مساحة التباعد بين جماهير عاشقة بروح الرياضة.. لقد تجاوز الفريق الأخضر النرجسية الخاصة التي تسكننا جميعا، رأى من خلالها فريق الوداد أخا، رفيقا في درب الكرة.. واختلطت خيوط المتعة الخضراء والحمراء في نسيج رياضة بيضاوية تعلمت أن تهدينا أسماء كبيرة بالفطرة للحفظ طبعا.. وقد أعجبني حقيقة أن يردد الجمهور بفرح «البطولة بيضاوية». هنيئا للرجاء بلقبه التاسع.. هنيئا له بحسه التضامني.. وللعيد عند الخضراء محطات كثيرة لابد وأن تنتهي يوما بطبول، ومزامير.. ولحظات فرح.