لم تكن الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية المغربي، الطيب الفاسي الفهري، للسينغال متوقعة خاصة وأنها جاءت في ظرف جد حساس تجتازه العلاقات الديبلوماسية بين البلدين. مصدر مطلع أرجع سبب هذه الزيارة المفاجئة للسينغال إلى التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة السياسية بموريتانيا بعد أن لاحظت الرباط الحضور القوي لبلاد عبد اللاي واد في تسوية النزاع الذي عرفته موريتانيا منذ الانقلاب الذي قاده الجنرال محمد ولد عبد العزير ضد الرئيس المنتخب الشيخ ولد عبد الله. وخلال اللقاء الذي جمع الرئيس عبد اللاي واد مع الطيب الفاسي الفهري، كانت القضية الموريتانية وتطورات الاتفاقية التي وقعتها الأطراف السياسية بموريتانيا لإنهاء الصراع حول السلطة في مقدمة النقط التي تضمنها جدول أعمال هذه الزيارة. زيارة الفاسي الفهري للسينغال جاءت لتخفي ضربة موجعة تلقتها الخارجية المغربية من نظيرتها السينغالية في القضية الموريتانية بعد أن نزلت السينغال بثقلها في حل هذه القضية، فيما سجل حضور باهت للخارجية المغربية في العديد من الملفات والنزاعات التي شهدتها منطقة الشمال الإفريقي رغم ما تشكله هذه المنطقة من أهمية استراتيجية بالنسبة إلى الاستقرار والسلم في المغرب، حسب ما يراه مصدر من وزارة الخارجية المغربية، قبل أن يضيف أنه إلى عهد قريب كان المسؤولون السينغاليون هم الذين يخطبون ود المغاربة ويأتون إلى الرباط طلبا للاستشارة، غير أنه، الآن، في عهد الطيب الفاسي الفهري، انقلبت المعادلة رأسا على عقب، حيث أصبحنا نبحث عن المعلومات في مثل هذه الملفات عند الهواة بدل البحث عنها لدى أصحاب الحرفة». وأصحاب الحرفة، في نظر مصدرنا، هم عناصر المديرية العامة للدراسات والمستندات المعروفة اختصارا ب«لادجيد» لو أعطيتهم الإمكانيات ووسائل العمل المريحة كما كان معمولا بها في عهد الجنرال عبد الحق القادري والوزير الأول عبد اللطيف الفيلالي. لكن المثير في زيارة الطيب الفاسي الفهري للسينغال هو أن المسؤولين السينغاليين أبدوا كل استعداد للتعاون مع نظرائهم في الخارجية المغربية وأمدوهم بكل التفاصيل الدقيقة التي جاؤوا في مهمة البحث عنها، وهو ما علق عليه مصدرنا بالقول: «يبدو أن الديبلوماسية السينغالية عملت بمنطق تسجيل النقط في مرمى الديبلوماسية المغربية». قضية الصحراء أثيرت، هي بدورها، في لقاء الطيب الفاسي الفهري مع الرئيس السينغالي عبد اللاي واد على ضوء اللقاءات الجهوية والقارية والدولية الأخيرة التي حضرت فيها قضية الصحراء بقوة في محور الجزائر ولاغوس وبريتوريا، خاصة بعد الدورة ال11 للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وهي الدورة التي وجدت فيها هذه العواصم الثلاث صعوبة كبيرة مع الحضور المغربي. كما أثير في هذا اللقاء أيضا الوضع في الغابون ومآل السلطة والحكم في هذا البلد بعد وفاة الرئيس عمر بانغو.