ليس الوطن ذاك المكان الذي يسكن به الفرد وله حق التجول به بحرية والذي تفصل بينه وبين مكان آخر الحدود والحواجز والصراعات فقط، وليس الوطن هو ذاك المكان الذي ننتظر منه كل شيء من أتفه الأمور إلى أهمها، وليس الوطن هو ذاك الشيء الذي يمكن التفريط به بسهولة . الوطن معان كبيرة وأحاسيس مختلفة وشعور بالانتماء وسيادة محترمة وتضحية منقطعة النظير ومثال للأمة. ليس الوطن ذاك الشيء الذي نعرفه خلال مباريات كرة القدم وسهرات الفن وعند سماع النشيد في بداية إطلاق بث القنوات وفي كل ليلة عند نهايتها . الوطن شعور بالمسؤولية ورغبة في النجاح وإعطاء بلا انتظار، الوطن مضامين كبرى تغذيها معاني متغلغلة بالفرد، الوطن هو التفكير قبل أي عمل ورؤية الأمور بعين الرقي . فعندما يكتب الصحفي المقال فإنه يكتبه لغرض واحد وهو رضا الله والذي يدخل فيه إصلاح الوطن، وعندما يقوم طبيب بعلاج المرضى أو برلماني بتمثيل الناس أو شرطي بمراقبة المرور ....كل القطاعات تخضع لنفس المنطق وكل الأمور ترى من نفس الزاوية فقط، أما بدون ذلك فإننا لن ننجح أبدا وهذا ما يحدث الآن... فعندما يقوم البعض بالمرور في الزحام بطريقة أنانية لا يحترم معها الآخر وتكون النتيجة أرواحا تزهق وضحايا بالعشرات بدون تحمل مسؤولية الأمر فإننا نكون في مكان لا نحسد عليه. الوطن ليس فقط شباب يسب من أجل وظيفة منحها له الدستور ولكنه أيضا سؤال مطروح على ذاك الشاب: ماذا قدمت أنت لهذا الوطن؟ إن منطق الأخذ بدون عطاء والانتظار بدون عمل هو سبب تخلفنا والتفكير بمنظور العالة هو مشكل شبابنا وليس هذا دفاعا عن الحكومة التي بدورها تحتاج لموقف وطني إذا أرادت الحل ولكن هو واقع لا يقبل النقاش، فكم هائل من الشباب بدأ بميزانية صغيرة ومجهودات كثيرة رافعا شعار حب الوطن واستطاع الوصول إلى مستوى يحسد عليه. الوطن حمل يرفعه المرء منذ ولادته ويجب أن يكون في مستواه وحلم يراه أي أحد في صورة أحسن مما هو عليه الآن. لا يوجد بالعالم بأكمله شعب يسب وطنه، ولا يوجد بالعالم وطن أعطى ويعطي لشعبه أكثر مما أعطى المغرب للملايين المتتالية من الشعوب ولكن العيب ليس في الوطن ولكن فينا نحن، العيب في النهب النظم للخيرات التي تجود بها الأرض المغربية من معادن وفوسفاط وخيرات فلاحية وثروات سمكية... يكمن العيب في عقلية لم ترب جيدا على مضامين الوطنية والشعارات التي تمنح الشعور بالانتماء والاستعداد للتضحية فحتى بالرياضة هناك فرق كبير بين اليوم والأمس فعندما يقوم لاعب برفض تلبية نداء وطنه لحمل القميص الوطني أو عندما يقوم آخر بتلبية النداء والظهور بمظهر مضحك عنوانه البارز الأخذ لا العطاء أو العطاء بأنانية وعدم اللعب بروح قتالية فإنه لا يسعنا إلا أن نقول الله على الدنيا وللوطن رب يحميه . مشاكل بالجملة وفشل بكل القطاعات، وشعب إذا فتحت له إحدى الوجهات سيفر بأكمله لبلاد الصدق والوطنية، بلاد الغرب التي يرفعون آراء الضمير ويطبقونها وينهجون سياسة النجاح وينجحون بها، أما عندنا فلاشيء يذكر سوى التقليد لسبب واحد فقط وهو عدم التشبع بحب الوطن. ويبقى السؤال المطروح: أين علماء الاجتماع مما يحدث؟ أين الأسماء التي كانت قبل سنوات تنظر وتعطي الحل؟ إنها بدورها تركت الوطن وفكرت في الذات، تنظر وتكتب المقالات بصحف الخليج بأثمنة مرتفعة لا تستطيع صحف المغرب تغطيتها أو في أحسن الأحوال اقتربت من أماكن الثروة وتم إسكاتها، فقط ثمة بعض الأصوات بقيت تحاول رسم مستقبل أفضل وصورة لوطن مستقبلي راق، لكن تمت محاربتها وفرض حصار على فكرها. عندما يفكر كل واحد بصورة أحادية، أمازيغية كانت أو صحراوية أو دكالية ...فهذا أكثر مصيبة نتخبط فيها، البعض يرى في بلقنة الوطن نجاحا بينما هو كارثة بما تحمله الكلمة من معنى، فالوطن كامل لا يقبل التجزيء أحب من أحب وكره من كره، فقط يلزمنا التشبث به وحبه لأنه يبادلنا نفس المشاعر. المغرب يحتاج اليوم لمعاني الانتماء وصور التنمية أكثر من أي وقت آخر، فلنكن جميعا أوفياء له ولنساهم كلنا في الدفاع عنه لأنه محاط بالحساد. ودائما مغربنا ومغربكم وأف على من باع القضية ولهث وراء المصالح الشخصية.