(ط. ن) شاب مغربي يبلغ من العمر 29 سنة قاطن بالمدينة القديمة قرر البحث عن عمل عبر الهجرة إلى الفردوس الأوروبي، فقاده حظه العاثر إلى الوقوع في قبضة حرس الحدود الليبي، ليتم اعتقاله وإيداعه السجون الليبية دون محاكمة ودون احترام للمعايير الدولية التي تنظم عمليات ترحيل المهاجرين السريين. حصل طارق ن على الإجازة في الحقوق شعبة الإدارة الداخلية من كلية الحقوق بالدار البيضاء، وككل الخريجين اجتاز ابن المدينة القديمة جميع المباريات والاختبارات المنظمة من طرف الإدارة المغربية. لم يحالفه الحظ في إيجاد فرصة عمل، ما دفعه إلى التفكير في الهجرة إلى الخارج وبالضبط إلى الفردوس الأوربي. تعرف طارق أثناء بحثه عن شخص يعمل مع شبكات التهجير إلى الخارج على صهر أحد أصدقائه، والذي صرح له بقدرته على تهجيره إلى إيطاليا عبر التراب الليبي مقابل دفع تسبيق مالي قدره مليونا سنتيم، وبالفعل سدد طارق وصديقه جمال المبلغ المالي ليحدد لهما الوسيط تاريخ 5 دجنبر2006 لترحيلهما إلى إيطاليا عبر الخطوط التونسية. غادر طارق مطار محمد الخامس ليصل إلى مطار قرطاج حوالي الساعة الثانية والنصف ليلا، وبعد تفتيش دقيق من طرف جمارك المطار تخللته عدة أسئلة وجهت لطارق وزميله، تتعلق بأسباب الزيارة ووجهتهما ولماذا لم يحجزا أي فندق، وفي باب المطار وجد طارق الوسيط في انتظارهما، بعدها استقلا سيارة أجرة صغيرة اخترقت شارع بورقيبة ليصلا إلى ساحة أطلق عليها «الساحة الجديدة» والتي توجد في نهاية شارع بورقيبة، وهناك أقاما بفندق «المنزل الجديد» لمدة يومين. بعد يومين قضاهما طارق بفندق «المنزل الجديد»، حيث تكفل الوسيط بأداء مصاريف الإقامة والتغذية، تم الاتصال بهما على هاتف الفندق وطلب منهما الاحتفاظ بما تيسر من الملابس، وترك الباقي بالفندق. كما طلب منهما ترك الهواتف النقالة أو الساعات اليدوية وكل الآلات التي تحمل صفائح معدنية كي لا يتم رصد المجموعة من طرف رادارات الجيش. من فندق «المنزل الجديد» استقل طارق وجمال سيارة نقل كبيرة من نوع «فولسفاكن» في اتجاه الأراضي الليبية حوالي الساعة الرابعة زوالا، وكانا المغربيين الوحيدين، فيما يتكون باقي الركاب من مواطنين ليبيين، وبمجرد أن طلب الوسيط من سائق سيارة الأجرة أن يهتم بطارق وزميله وإيصالهما ل«الحاج»اختفى الوسيط عن الأنظار. بمقهى قريب من المحطة انتظر طارق وزميله إلى غاية الساعة الحادية عشرة ليلا في مكان شعبي غير آمن. في الحادية عشرة ليلا، غادر طارق تونس العاصمة، وعلى طول الطريق الرابطة، «ما بين تونس العاصمة والحدود الليبية لاحظت أن السائق كان يتبادل مع غرباء أظرفة»، يقول طارق. قبل الوصول إلى الحدود الليبية، قضى طارق الليلة بآخر مدينة تونسية يطلق عليها اسم «بن الكردان»، «هناك عرفنا سائق السيارة على صاحب الفندق، هذا الأخير قال لي إن شخصا سيتصل بكم وسيناديك بطارق وسيقول لك أنا الحاج»، يقول طارق، الذي يحاول قدرالإمكان تذكر تفاصيل رحلة الجحيم التي لم يكن يوما ينتظرها. بعد عشرين دقيقة، توصل طارق وزميله جمال بمكالمة هاتفية، ليغادرا الفندق «لكن طريقة الخروج من الفندق إلى سيارة النقل أثارت العديد من الشكوك، خاصة وأنه لا يمكن لأي أحد مار من الزقاق أن يشاهدنا، فالسائق أوقف السيارة التي تقلنا على بعد متر ونصف من مدخل الفندق». وبعد قضاء ساعة ونصف وهي المسافة الفاصلة بين «ابن الكردان» والحدود التونسية - الليبية، وبعد تفتيش السيارة وولوج طارق للمنطقة الفاصلة بين تونس وليبيا، صعد جمركي ليبي إلى السيارة التي كانت تقل المسافرين، وهو الذي أمن الرحلة عبر ممر خاص حتى لا تخضع الرحلة للمراقبة وكي لا يتم ختم جوازات السفر. أدرك طارق أن هذه العملية تحتوي على مخاطر كثيرة في حالة وقوع أي حادث فإن السلطات الليبية لا تعترف بوجود مواطن مغربي فوق أراضيها. من بين الصور التي بقيت عالقة بذهن طارق وهو يلج الحدود المغربية، طريقة تفتيش المغاربة، حيث يتم تفتيشهم وسط غرف متعددة وفي حالة وجود عملات أجنبية خصوصا الأورو تلفق لهم السلطات الليبية تهمة الانتماء إلى شبكات الهجرة السرية. وكانت أول صورة صادفت طارق وهو يلج الأراضي الليبية هي صورة الرئيس الليبي معمر القذافي التي كتبت تحتها عبارة «شركاء لا أجراء». بداية المعاناة بعد الوصول إلى مدينة «زوارة» تمت استضافتهم بقبو فيلا تقع وسط منطقة غير معبدة، كان القبو مجهزا بجميع لوازم العيش، غير أن جل نوافذ القبو والفيلا كانت مسيجة بشبابيك حديدية. مكث طارق بهذا المكان لمدة أسبوع، وهناك تعرف على 3 شبان مغاربة قضوا أزيد من أسبوعين هناك، وكان من بين هؤلاء المغاربة شاب ينحدر من المدينة القديمة بالبيضاء، فيما الآخران أحدهما ينحدر من مراكش والثاني من مدينة فاس. وأخبر هؤلاء طارق بأن أغلب المنازل الموجودة بالمدينة حولت إلى مراكز لاستقبال المهاجرين ويشرف عليها أشخاص ليبيون يطلقون على أنفسهم لقب «الحجاج»، ويمكن للمنزل الواحد أن يجمع أزيد من 1000 شخص, به حمامان ومرحاض. بعد مرور أسبوع بمدينة زوارة، «أخبرنا شخص «حراك» يدعى طارق بأن موعد الرحلة سيكون ليلا على متن زورق مطاطي «زودياك» إلى جزيرة «لامبدوزا» بإيطاليا، وأخبرنا بأن مدة الرحلة قد تصل إلى 16 ساعة لقطع المسافة الفاصلة بين المدينة الليبية والإيطالية والتي تقدر بحوالي 260 كيلومترا». حدس طارق وتوجسه من الطريقة التي تمت بها الرحلة جعلته يطلب من مرافقيه المغاربة تذكر كل الإشارات واللوحات والعناوين حتى لا يضلوا الطريق إذا وقع مكروه لا قدر الله ليمكنهم العودة إلى نفس المكان. وعند مغادرتهم للفيلا طلب السائق ذو اللحية الطويلة من طارق الجلوس بالقرب منه، وهذا ما مكنه من التعرف على الأزقة والشوراع التي سلكها السائق، بحيث إن هذا الأخير كان في كل مرة ينعرج يسارا ثم يكرر نفس العملية، وما زاد من شكوك طارق هو أن السائق الذي كان يتكلم بيقين وبخشوع كبيرين حاول تمويه الركاب عبر قيامه بالعديد من اللفات حول نفس الأزقة السابقة ثم عاد للمرور من أمام نفس الفيلا التي كان يوجد بها المهاجرون المغاربة. كل ما تذكره طارق هو ملعب رياضي صغير لكرة القدم ثم لافتة مكتوب عليها «مطبعة الجزيرة» ثم علامة كتب عليها «المنزه». قطعت السيارة مسافة كبيرة قبل أن تصل إلى ميناء «طوارق البطريق»، حيث تم تجميع جميع المهاجرين السريين ومن جنسيات مختلفة وسط حفرة رملية عميقة، آنذاك تقدم نحوهم أحد الوسطاء الليبيين وطلب منهم عدم إشعال السجائر أو الولاعات كي لا يثيروا انتباه حرس الحدود، كما طلب منهم الانتظار وسط الحفرة حتى تصل الزوارق المطاطية التي ستحملهم إلى جزيرة «لامبدوزا، «من شدة البرد كنا كنقزوا بالبرودة ما شي بالحرارة وكان لهذا الوضع فيما بعد تأثير على صحتي» يقول طارق. وبعد طول انتظار أحس طارق وجمال أنهما وقعا ضحية خدعة ليقررا مغادرة المكان صحبة شباب مغاربة ينحدرون من القنيطرة، الرباطوالبيضاء. قرار المغادرة اتخذه طارق بعد البلبلة التي وقعت في صفوف المجموعات التي تنحدر من جنسيات مختلفة وبعد اقتراب ظهور أشعة الصباح، وهي الفترة التي تعرف بداية نشاط دوريات المراقبة. من الأخطاء التي وقع فيها طارق، رغم إحساسه بأنه وقع ضحية عملية نصب واحتيال، هو قراره العودة عبر الصحراء هروبا من الدوريات إلى الفيلا التي تم تجميعهم بها، رغم النزاع الذي وقع بين المجموعة التي أصبحت تتكون من 12 فردا حول من له أحقية القيادة، وحدث خلال الرحلة أن أراد الشبان المنحدرون من الرباطوالقنيطرة التخلص من عمر ابن المدينة القديمة الذي كان يمتاز ببنية جسمانية ضخمة بعد أن أحس بالعياء والتعب وكان تشبث طارق بحمل عمر بمساعدة صديقه جمال وعدم تركه في الصحراء هو خيط النجاة بالنسبة لهما فيما بعد. وبعد عودة طارق للقاء الوسيط مرة أخرى، حاول هذا الأخير أن يعتذر للمجموعة عبر ادعائه بأن هناك خيانة تعرض لها وأكد لهم بأنه سيتم ترحيلهم في أقرب وقت ممكن، ونظرا لإحساس المجموعة بالعطش والتعب توجهوا مباشرة إلى صنابير المياه ولم يكترثوا بما يقوله طارق. وفي هذه المرة سيتم ترحيل المجموعة عبر وضعهم كما يوضع السردين داخل العلب إلى مزرعة في ملكية الوسيط تقع على الحدود الليبية التونسية. بعد مدة ليست بالقصيرة تمت محاصرة المكان من قبل الشرطة الليبية، وبعد مفاوضات مع المكلف بمراقبة المزرعة تم ترحيلهم إلى سجن «كاسيرما» أوسجن الكلاب لتنطلق معاناة المجموعة داخل السجون الليبية. سجن الكلاب يقع سجن الكلاب بمنطقة صحراوية تدعى «أبو كماش»، وهو عبارة عن بناية أرضية بدون طوابق، «قبل وصولنا للسجن بدأنا نسمع نباح الكلاب على بعد أمتار عديدة» يقول طارق والأسى يخالجه وهو يتذكر ما تعرض له بسجن تنعدم فيه أدنى شروط الكرامة. ودون أي يخضعوا للتحقيق ودون أن يتم فتح أي محاضر لهم تم حشر المجموعة التي تتكون من 42 مغربي بالإضافة إلى 12 عنصرا من جنسيات مختلفة وسط غرفة تجاور غرف الكلاب. وما كان يحز في نفس طارق خلال العشرة أيام التي قضاها بسجن «الكلاب»، هو تلذذ حراس السجن بإهانتهم للمغاربة، حيث كان يتم إيقاظ المجموعة عبر إزعاج الكلاب مما يجعلهم يستيقظون مفزوعين. وأكبر الإهانات التي تعرض لها المغاربة بهذا السجن، يقول طارق، هو طريقة توزيع الأغذية، بحيث كانت قيمة المغربي تحتسب لدى الحراس بقيمة كلب واحد، فعند إعداد الوجبات الغذائية كان يتم تهييء آنيتين الأولى للكلاب والثانية خاصة بالمحتجزين، بحيث كان يتم منح كل كلب إناء واحدا وهو نفس الإناء الذي يتم وضعه في الماء دون غسله لتوضع فيه وجبة يتقاسمها أربعة مغاربة. تكررت استفزازات الحراس كل ليلة مع السجناء لمعرفة اسم الحاج الذي يتزعم شبكة التهريب، ما منع طارق من ذكر اسم «الحراك»، رغم أن الشرطة اعتقلتهم من منزله، هو أنه إذا نطق أحدهم باسمه يتم ترحيله إلى سجن آخر إلى أن يتم تقديم الشخص الذي تم التبليغ عنه. كما تعرضت المجموعة لكل أنواع الإهانات من طرف الحراس ليلا عبر الدوس بالأقدام على وجوههم أو ضربهم بواسطة العصي. بعد مرور 6 أيام تم استدعاء المحتجزين للحضور أمام ضابط ليبي وبعد تقدم المجموعة، أمر الحراس بترحيل ثلاثة شبان مغاربة كانوا يقفون في الصفوف الأمامية ومنهم شخص يدعى أبو بكر ينحدر من الحي المحمدي بالبيضاء وآخر يقطن بمدينة فاس وإلى غاية اليوم لم يظهر أي أثر للمجموعة. كل ما قاله الضابط هو أن الثلاثة عناصر سيمثلون أمام العدالة باسم المجموعة لأنه لا يمكن أن ننجز محضرا لكل واحد. وتسببت الإهانة التي تعرض لها شخص يدعى سعيد ينحدر من مدينة الجديدة، في قيام المجموعة بأولى انتفاضة وسط سجن «الكلاب»، «كل يوم نتعرض للسب والقذف في حق آبائنا وأمهاتنا ونتعرض للضرب والعيش وسط روائح نتنة تخنق الأنفاس نأكل مع الكلاب، نفترش الأرض وليست لدينا أغطية، قلنا اللهم الموت»، يقول طارق والمرارة تعتصر قلبه. بعد قيام المجموعة بانتفاضة في السجن وقذف الحراس بأقبح النعوت، تغيرت أساليب التعامل مع المجموعة بحيث تم تحسين التغذية، لكن طارق وزملاءه في سجن «كاسيرما» رفضوا تناول الطعام الذي أصبح يتكون من خبز مغربي ومربى وزبدة، وطالبوا بترحيلهم إلى ديارهم أو إلى سجن آخر يحفظ كرامتهم. قيل للمجموعة إن السيارة التي ستقلهم إلى سجن آخر بها عطب، وحاول مدير السجن والحراس التذرع بكل الحجج لمنع ترحيل المجموعة. وبعد مرور 10 أيام تم ترحيلهم إلى سجن «سرمان». ظلم ذوي القربى سجن «سرمان»، يقع بمدينة «سرمان»، ويبعد عن سجن الكلاب بحوالي 150 كيلومترا، وهو أكبر سجن إفريقي، حيث يضم جميع الأجناس من المعمورة حتى الروسيين يقبعون بهذا السجن منذ سنوات، وسجن «سرمان» عبارة عن بنايات كبيرة بعلو خمسة أمتار وبدون طوابق تضم كل واحدة منها حوالي 300 سجين. بهذا السجن لقي طارق ومجموعته نفس وضع السجون السابقة، بحيث لم ينجز أي محضر لهم ولا يحملون أي رقم اعتقال. تم تجميع المغاربة بنفس الجناح، وما أثار حنق طارق وزملائه هو استغلال السجينات جنسيا من طرف الحراس بالليل، حيث إن السجن كان يضم جناحا للنساء، وهذا ما دفعهم إلى سب الحراس مما عرضهم للضرب بواسطة العصي والأنابيب البلاستيكية، ويتذكر طارق أسماء هؤلاء الحراس الذين يلقبون في ليبيا ب«التوكة»، منهم أفندي مصباح وأفندي عادل وآخر اسمه مصطفى، وكان طارق يطلق على المجموعة لقب «زريقة». قضى طارق حوالي الشهر تقريبا بسجن «سرمان» ليتم ترحيله رفقة المجموعة إلى سجن «الفلاح» الذي يقع بالعاصمة طرابلس. ونفس الأمر تكرر بهذا السجن بحيث إن المناداة على المجموعة تتم باسم جنسيتها ويتم احتساب العدد دون المناداة على المعتقلين بأسمائهم. بسجن «الفلاح» تزداد الأمور صعوبة بالنسبة للمحتجزين الذين لا يتوفرون على وثائق هوية ومبلغ 200 أورو من أجل حجز تذكرة للرجوع إلى المغرب. من حسن حظ طارق وصديقه جمال أنهما احتفظا ببطاقة التعريف الوطنية، ومن حسن حظه كذلك أن عمر ابن المدينة القديمة والذي أنقذاه من الموت المحقق وسط الصحراء كان يتوفر على جواز سفر بالإضافة إلى المبلغ المالي، وفي الليلة التي سيغادر فيها عمر المعتقل طلب من طارق الاقتراب منه والنوم إلى جانبه، حيث سلمه عمر مبلغ 400 أورو، وقال له «هذه لك ولصديقك جمال عرفانا لتضحيتهم من أجلي وعدم تركي وسط الصحراء». هذا الموقف أبكى طارق، خاصة وأن مجموعة من المغاربة يقبعون بالسجون الليبية لعدم توفرهم على 200 أورو لحجز التذكرة، وبدون هذا المبلغ قضى بعض المعتقلين أزيد من خمس سنوات وسط السجون الليبية في انتظار الحصول على تذكرة العودة إلى الديار المغربية. وأثناء المناداة على شخص مغربي اسمه محمد الناصيري من طرف حراس السجن تقدم طارق نحو الحراس وقال لهم أنا اسمي الناصيري للتأكد إن كان هوالمعني بالأمر ليتم عرضه على شخص اسمه الساخي، مسؤول بالسفارة المغربية بليبيا، الذي أكد له بأن المعني الذي يبحث عنه اسمه محمد وأبوه اسمه ميلود، لكن طارق لم يترك الفرصة تمر دون استغلاله، حيث طلب من مسؤول السفارة العمل على مساعدته ومنحه بطاقتي التعريف الوطنية الخاصة به وبصديقه جمال وطلب مسؤول السفارة من طارق الانتظار حتى يتم تهيئ «ليسي باسي» ورقة العبور التي لن تتم إلا بإشهاد يمنحه مسؤول السفارة بعد التأكد من هوية كل شخص. لكن عندما قال طارق لمسؤول السفارة إن هناك العديد من المغاربة الذين يتوفرون على وثائق إثبات ولا يتوفرون على مبلغ التذكرة أو العكس ويحتاجون للمساعدة ويتمنون رؤيتك، وقال له إن هناك مجموعة من السجناء قد أصابهم الحمق ومنهم من انتحر وسط السجن، لم يعجب كلام طارق مسؤول السفارة حيث هاجمه بقوله: «واش كاينين غير نتوما، أنا عندي بزاف منكم بمعتقلات أخرى عرفتي أش تدير سير ديها فمك سير تقو...»، رغم ذلك يقول طارق «أحنيت الرأس وتوسلت إليه بأن يتدخل لإنقاذ هؤلاء»، وبصعوبات كبيرة اقتنع مسؤول السفارة الذي من مهامه القيام بهذه الإجراءات وكلف طارق بجمع وثائق الهوية على أن يحملها هو بنفسه. جمع طارق حوالي 60 وثيقة هوية وسلمها لمسؤول السفارة، وبعد مرور حوالي 10 أيام تسلم طارق ورقة العبور، «ليتقدم نحونا شخص ليبي اسمه فوزي، وطلب منا مده بالنقود لحجز التذاكر، بدورنا طلبنا منه بأن يحجز لنا بالخطوط الملكية المغربية عوض شركة «البوراق» المملوكة للخطوط الملكية»، ورغم أن طارق كان ما يزال في السجن إلا أنه رفض أن تستفيد من تلك الأموال شركة غير مغربية وهو ما تشبثوا به. «بعد استنفاد جميع الإجراءات القانونية أخبرنا بتاريخ العودة إلى المغرب وبعد وصولنا إلى أرضية المطار وعند رقينا مصعد الطائرة أفرغنا ما في جعبتنا وبدأنا في سب الليبيين، بعد عودتنا إلى المغرب ووصولنا إلى مطار محمد الخامس لم يتفاجأ البوليس المغربي بالمكان الذي كنا فيه، ووضعونا في جناج به «دوش» ومنحونا هواتف للاتصال بعائلاتنا». المأساة التي عاشها طارق ن بالسجون الليبية والذي كان ضحية شبكات التهجير لم تمنعه من توجيه النداء، أولا إلى أبناء الحي المحمدي بأن يتصلوا به لمده بمعطيات عن شخص يلقب بأبوبكر والذي اختفى بسجن «الكلاب»، أما النداء الثاني فهو ضرورة تدخل الوزارة الوصية والسفارة المغربية من أجل مساعدة مئات المغاربة المعتقلين بالسجون الليبية وسبب بقائهم هناك لسنوات هو عدم توفرهم على 200 أورو لحجز تذكرة السفر عبر الطائرة إلى المغرب. أما النداء الثالث فيوجهه طارق إلى مسؤولي السفارة المغربية بليبيا للاهتمام بأوضاع المغاربة بالسجون الليبية.