تعرض مشجعو الوداد البيضاوي لأبشع اعتداء في تاريخ المواجهات الكروية، خلال رحلة رادس المشؤومة، في نهائي كأس أبطال العرب، فقد نال «فدائيو الوداد» أكبر فصائل المشجعين الوداديين، حصة من الجلد على أيدي وعصي القوات الأمنية بملعب رادس، نتجت عنها إصابات وإغماءات حولت بعض متيمي الوداد إلى أقرب مصحة لتلقي العلاج، كانت المباراة دامية فعلا والعراك حاضرا فوق رقعة الملعب وبدرجة أعنف على المدرجات. أحصى الوداديون خسائرهم، وتبين أن الأمر تجاوز حصص الضرب والتنكيل إلى سلب بعض الممتلكات من هواتف محمولة وآلات تصوير رقمية وكل ما خف وزنه وغلا ثمنه، ولم تقتصر المداهمة الأمنية على الجمهور بل امتدت إلى المنصة التي كان يجلس فيها أعضاء المكتب المسير للفريق المغربي الذين عاشوا نكبة الخميس الأسود بكل تفاصيلها الدامية. اجتهد بعض رجال شرطة بنعلي وقاموا بهجومات خاطفة على جمهور ودادي أعزل لا يملك سوى أعلام التشجيع وقلبا ينبض بالأحمر وحناجر بحت من شدة الصراخ وترديد موشحات تتغنى بوداد الأمة، رغم القصف العشوائي للتونسيين الذين قرروا توزيع الهريسة على ضيوفهم المغاربة وإعطاء درس نموذجي في الروح الرياضية. كل رجال الأمن تخلصوا، في ملعب رادس، من لباسهم الرسمي وارتدوا أقمصة الترجي، ليتحولوا إلى مناصرين معززين بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع، بل إن بعضهم بادر إلى اعتقال مشجعين وداديين يافعين بأحد مستودعات الملعب، مع ما رافق الاعتقال الاحتياطي من شتم وتنكيل. قدمت فصائل البوليس السري والعلني لبنعلي في مباراة رادس دروسا في مكافحة الغضب بالشغب، وتبين أن الشرطة في هذا البلد «الشقيق» قادرة على القيام بالشغب نيابة عن الجماهير، خاصة حين تبين أن الفريق التونسي أصبح مهددا في عقر داره بالعاصفة الحمراء. لم يسمع ممثلو الاتحاد العربي الذين كانوا يجلسون في مقصورة مريحة صراخ مشجعي الوداد، وأداروا وجوههم صوب الجهة المعاكسة خوفا من نداءات استغاثة تفسد العرس، بل إن قرارات الاتحاد، التي ظلت تتصدى للشهب النارية، أصبحت عديمة الجدوى في هذا الملعب، مما فسح المجال أمام مشجعي الترجي لإلقاء عشرات الشهب دون خوف من القرارات الزجرية التي ظلت تطبق على مركب محمد الخامس بالدارالبيضاء دون سواه من ملاعب العرب. ومن مضاعفات هذا الوضع أن أحد مناصري الوداد قد اضطر إلى العودة إلى الدارالبيضاء دون جواز سفر، وحدها تذكرة السفر نابت عن الجواز، حيث بذل المسؤولون وأعضاء سفارة المغرب في تونس مجهودا استثنائيا لإجلاء الوداديين من مطار قرطاج خوفا من مضاعفات سياسية لحدث رياضي. في فبراير من سنة 2004، كادت الجزائر تقطع علاقتها مع تونس، بعد أن قتل مشجع جزائري على يد شرطة صفاقس في أعقاب المباراة الشهيرة بين المغرب والجزائر برسم ربع نهائي كأس إفريقيا للأمم، قبل أن تعتذر الحكومة التونسية رسميا إلى شعب بوتفليقة، لكن هل يجرؤ المغاربة على التنديد بما حصل من تنكيل لأمة الوداد أم إن حكومتنا تؤمن بأن الصمت حكمة؟