ما هو الطب الشرعي؟ ما خصائصه؟ ما الذي يميزه عن باقي التخصصات الطبية الأخرى؟ ولماذا لم يتطور هذا التخصص الطبي بالمغرب؟ يعرف الطب الشرعي بأنه التخصص الذي يهدف إلى تشريح الجثة للكشف عن أسباب الوفاة، وطبيعة الجروح، وعلاقة تلك الجروح بإحداث الوفاة: هل يتعلق بانتحار أم بجريمة قتل أم بحادث عرضي أم بوفاة طبيعية. ومن هنا يعتبر الطب الشرعي خادم العدالة والحقيقة بامتياز. ولا يهتم الطب الشرعي بالقضايا التي يكون محورها الموت فقط، بل يحاول أن يكشف عن أمور تتعلق بقضايا تهم الأحياء مثل التحقيق في قضايا الاغتصاب. لم يصبح الطب الشرعي بالمغرب تخصصا قائم الذات إلا في التسعينيات من القرن الماضي بفضل الجهود التي بذلها الدكتور سعيد الواهلية الذي يعد أشهر طبيب شرعي بالمغرب، والذي قرر في عام 2005 مغادرة المغرب نهائيا والاستقرار بكندا. يعتقد البعض أن عدم تطور الطب الشرعي بالمغرب يرجع إلى عدم توفر إرادة سياسية لدى السلطات كما أكد ذلك الدكتور عبد الكريم المانوزي، رئيس الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب خلال سنوات الرصاص. وبالرغم من المجهودات التي بذلت في السنوات الأخيرة وتجهيز مختبرات علمية متخصصة وتكوين أطباء شرعيين متخصصين، فإن هذا التطور لم يصل إلى مستويات متقدمة، فالتحليلات التي أجريت بالمختبرات العلمية بالمغرب من أجل تحليل الحمض النووي لعينات من رفات المختفين قسريا أو الذين ماتوا خلال الهزات الاجتماعية التي شهدها المغرب منذ 1965 مرورا بأحداث 1981 و1984 و 1990، باءت بالفشل، مما جعل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يعلن أن تلك التحليلات سوف تتم ببلد أجنبي.