سمعنا هذه الأيام بحرب اشتعلت نيرانها بالجامعات المغربية، وخصوصا بكل من مراكش وفاس والقنيطرة، سببها اختلافات إيديولوجية وحسابات ماضوية أكل عليها الدهر وشرب، وذلك بين الإسلاميين (منظمة التجديد الطلابي) واليسار (ممثلا في القاعديين والاتحاديين). بالفعل، اليسار أحرز وساما من خلال تبنيه حوارا رفيع المستوى (سيوف، سواطير، سلاسل،..) مما سمح لجيل من المثقفين بأن يتنبأ بمستقبل يكتنفه ظلام دامس.إذن، الصراع الذي دارت رحاه في الجامعة يحيل على تاريخ أسود لازلنا نعاني منه على اعتبار أن التاريخ هو سلسلة من الأحداث المتراكمة والملتصقة في ما بينها، هذا من جهة; أما من جهة أخرى، فأعتقد أن انتعاش اليسار وانتفاضه على الإسلاميين يرجع إلى سببين اثنين، أولهما: إحساسه بأن الإسلاميين كسبوا الساحة نظرا إلى تصاعد الصحوة الإسلامية، حسب التقارير الدولية المعنية بمراقبة درجة التدين؛ وثانيهما: إحساسه بخيبة أمل جراء المشاركة السياسية التي جرت عليه الويلات وشككت في مصداقيته أمام ناخبيه، وأفول حزب الوردة في انتخابات 2007 شخص نوعية الإصابة. وليس غريبا أن نسمعه، هذه الأيام، يطالب بملكية برلمانية، وفضلا عن هذا سعيه إلى تحقيق تآلف مع حزب المصباح. والهدف هو جمع شمله وتلميع صورته من جديد انسجاما مع تاريخه النضالي الدموي ومبادئه المثالية. وفي الأخير، أنصح كل الأطراف الطلابية بحسم الخلافات الإيديولوجية عبر حوار حضاري مسؤول، فضلا عن تشارك بغية خدمة الطلاب والجامعة لتغيير واقعها الذي يبعث على الغثيان. ولن يتأتى هذا إلا بارتياد المكتبات والنهل من أمهات الكتب والمناقشة البناءة، لأن الجامعة قبلة لتلاقح الأفكار وليس لتبادل اللكمات.