ما هي قراءتك لموقع اليسار القاعدي في مشهد العنف في الجامعة المغربية عبر تاريخ الحركة الطلابية؟ اليسار القاعدي كتجربة طلابية تعتبر امتدادا لليسار المغربي المتطرف (إلى الأمام وما تفرع عنها من مجموعات يسارية متطرفة) ، قامت هذه التجربة على أساس الإيمان بمبدأ العنف الثوري كاختيار استراتيجي لتغيير الواقع السياسي، مستلهمة في ذلك بعض النماذج الثورية العنيفة التي قامت في مجوعة من الدول مثل الثورة البولشفية في الاتحاد السوفياتي أو الثورة الماوية في الصين أو غيرها من الدول التي تحولت إلى النموذج الشيوعي الذي تتحكم فيه سلطة الحزب الوحيد بالحديد والنار. في المغرب لم يكن من الممكن أن ينجح هذا النموذج في الساحة السياسية خصوصا مع وجود أحزاب سياسية خرجت من رحم الحركة الوطنية، وبالنظر إلى الاعتراف بالتعددية الحزبية منذ حصول المغرب على الاستقلال، لكن هذه المجموعات استغلت وجود بعض الأزمات السياسية في المغرب واعتمدت إستراتيجية الهيمنة على الجامعة بالعنف، وقد كان من ضحايا هذا العنف الفصائل المنتمية إلى الأحزاب السياسية المختلفة بما فيها اليسارية المعتدلة مثل طلبة الاتحاد الاشتراكي وكذلك طلبة حزب الاستقلال (منع محاضرات عديدة للراحل علال الفاسي ولعائشة بنت الشاطئ وغيرهم)، كما تطور الأمر في منتصف الثمانينات وبداية التسعينات لاعتماد العنف كاختيار استراتيجي ضد الفصائل الإسلامية التي سقط بعضها في خطئ رد الفعل خصوصا حينما يتم الاعتداء على الطالبات المحجبات أو الاعتداء على مساجد الكليات والعبث بمحتوياتها. كيف تفسر استمرار اليسار القاعدي في اعتماد العنف في الجامعة المغربية؟ أولا علينا أن نعترف بأن حدة العنف تراجعت في السنوات الأخيرة مقارنة بالماضي، لكن أعتقد بأن استمرار العنف داخل الجامعة تقف وراءه مجموعة من الأسباب: أولها الشحن الإيديولوجي المتطرف الذي تتحمل مسؤوليته مجموعات اليسار المتطرف، ثانيا استغلال أوضاع البؤس والفقر والحرمان لمجموعة من الطلبة المنحدرين من بعض الأوساط الاجتماعية المهمشة، ثالثا: ضعف منسوب الثقافة الديمقراطية داخل المجتمع وداخل الجامعة وضعف الإيمان بالتعددية والحق في الاختلاف، وضعف التمرس على إدارته داخل الأوساط الطلابية، رابعا: ضعف الأحزاب السياسية وعدم قدرتها على تأطير الفضاء الجامعي بثقافة سياسية حديثة، خامسا: هناك عامل السن وضعف النضج السياسي والميول نحو اعتماد اختيارات حدية راديكالية بسيطة في نهاية المطاف لأنها تختزل الأزمة السياسية والنقابية في الآخر المختلف معه، وهكذا فهي تسقط موضوعيا في التحالف مع بعض الجهات الرسمية التي لا تريد للجامعة أن تتطور في المغرب. ما مستقبل خيار العنف في الوسط الطلابي في ظل التحولات التي يعرفها المغرب المعاصر؟ بدون شك، لا مستقبل لخيار العنف داخل الجامعة، ولذلك فإن نصيحتي للفصائل التي تشكل امتدادا للحركات الإسلامية أن تستمر في ترسيخ ثقافة الحوار والإيمان بالرأي الآخر والتعبير عن الرأي باعتدال، والاستمرار في نهجها السلمي الذي انطلقت منه منذ أول يوم، مع الإيمان بضرورة النضال المدني وبمختلف الأشكال الحضارية التي يسمح بها القانون من أجل قضايا الطلاب داخل المجتمع وأيضا من أجل الديموقراطية داخل المجتمع، وأعتقد بأن منظمة التجديد الطلابي برصيدها النضالي والثقافي والفكري الكبير تمثل اليوم أملا مشرقا بالنسبة للطالب المغربي، بعدما وصل أداؤها وإشعاعها الثقافي والفكري إلى درجة معتبرة من النضج، وأريد أن أقول بأن ما حصل في مراكش من استهداف للمنتدى الوطني للحوار والإبداع الطلابي هو سابقة في تاريخ هذه المنظمة المحترمة في الجامعة من طرف الجميع (إدارة وأساتذة وجماهير طلابية)، لم يسبق أن وقع في تاريخ هذا المنتدى الذي أطفأ هذه السنة شمعته الحادية عشر، ولذلك فهو حدث عابر يزيد في عزل المجموعات اليسارية المتطرفة عن الجماهير ولا يمكن أن يؤثر بأي حال من الأحول في مسيرة هذه المنظمة المحترمة بشهادة الجميع.