يبدو أن البعد الجغرافي والإيديولوجي كان وراء اختيار شريط زمن الرفاق لمخرجه شريف الطريبق الذي ينتمي إلى منطقة الشمال، لتمثيل المغرب في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط الذي انطلق مساء السبت الأخير، في الوقت الذي أقر مجموعة من النقاد والسينمائيين خلال مهرجان طنجة أن الفيلم كان ضعيفا سينمائيا. وقد أثار أحد الصحافيين المعطى الجغرافي خلال الندوة الصحفية التي عقدتها اللجنة المنظمة بالدارالبيضاء. أما البعد الإيديولوجي فيتمثل في أن الشريط يطرح رؤية شوفينية لواقع الجامعة المغربية خلال مطلع التسعينات حيث الصراع بين الفصائل الطلابية خاصة بين التيار الإسلامي والماركسي، رؤية جعلت العمل لا يرقى أن يكون شريطا روائيا سينمائيا بل شريطا للبروباكوندا او شريطا تسجيليا، حيث عمدت احداث الفيلم الى إلحاق تهمة العنف وتصفية الخصوم للتيار الطلابي الإسلامي عوض التيار القاعدي اليساري المعروف بتبنيه لأطروحة العنف الثوري داخل الجامعة، كما يقع اليوم في جامعة مراكش وفاس ومدن أخرى التي تحولت إلى حلبة للاعتداء على الطلبة. وقد كان الانحياز إلى الرفاق صارخا إلى درجة تصويرهم أنهم الضحية. الهاجس الإيديولوجي اسقط الفيلم في الخطابة التقريرية والرتابة و إطالة المشاهد التي تصل أحيانا إلى 15 دقيقة من الكلام والحوار أمام الكاميرا، لتصفية الحسابات مع الخصمالإسلاميين و تشويه صورتهم أمام المشاهد بنعتهم بالظلاميين والقتلة وتزييف الحقائق. هذا ترتب عليه أيضا أن المخرج لم يستطع أن ينقل إلينا ديناميكية الحياة الطلابية بكل حيثياتها حيث حصر شخصيات الفيلم في الحلقات والتجمعات داخل الجامعة أو في بيوت الطلبة والحافلة، دون التطرق لتدخل السلطات أو الحصار الأمني. مما يعني أن المخرج عجز على أن يوفق بين اللغة السينمائية واللغة الأدبية التي كتبت بها مذكرات عزيز قنجاع التي استوحيت منها أحداث الفيلم. انعدام التوازن في الرؤية الإخراجية والفكرية لدى المخرج فوت عليه فرصة التطرق بجمالية لفترة جامعية اتسمت بالتحول الجذري، لم يكن لأحد السبق في التعاطي معها. من هنا يأتي السؤال كيف تم منح الفيلم جائزة أفضل أول عمل روائي بمهرجان طنجة رغم كل هذه الهفوات؟ وقراءة في عنوان الفيلم من جهة وفي اسم بطلتهرحيل من جهة أخرى، يمكن القول أن الكلمات تلتقي في رحيل زمن الرفاق ومعه الإيديولوجية الماركسية وانهيار اليسار العربي ككل على جدار هوية المجتمعات العربية الإسلامية وقيمها. على مستوى آخر يمكن القول أن المخرج اختار أسهل طريق لتحقيق النجاح لفيلمه خصوصا خارج المغرب، باعتبار أن الأفلام التي تقوم بتشويه الحركات الإسلامية يكون عليها الإقبال بالأخص من طرف الغرب. وأخيرا يظل السؤال الذي طرحه العديد من المتتبعين هو: ما هي المعايير التي اعتمدتها لجنة اختيار الأفلام ليكون زمن الرفاق ممثلا للسينما المغربية في مهرجان دولي كمهرجان تطوان؟