بعد مرور أسابيع على قرار طرده من حزب الأصالة والمعاصرة، على خلفية ما يعرف بموقعة البرلمان التي اندلعت بينه وبين شباط، عمدة مدينة فاس، عين امحند العنصر، أمين عام الحركة الشعبية، المستشار البرلماني عبد العزيز اللبار أمينا عاما جهويا لحزب الحركة الشعبية بجهة فاس. وقالت المصادر إن الأمين العام الحركي زكى بهذا القرار إجراء اتخذه الحركيون بالجهة، بعدما استقبلوا مجموعة من الأعيان، الذين كانوا في السابق ينتمون إلى حزب الأصالة والمعاصرة، وهو الحزب الذي تراجع بريقه بالجهة بسبب الصراعات والتطاحنات الداخلية التي لازمته. وكان حزب الحركة الشعبية قد واجه صعوبات في «دخول» مدينة فاس لاعتبارات تاريخية وسياسية، حيث إن هذه المدينة ظلت تقدم على أنها معقل ل«الأحزاب المدينية»، في إشارة إلى حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي، بينما يقدم حزب «السنبلة» على أنه حزب قروي للأعيان. واتخذ المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة قرارا يقضي بطرد اللبار، المعروف بمعاركه المفتوحة مع عمدة مدينة فاس، بسبب عراك بالأيدي نشب بين الطرفين عقب افتتاح دورة البرلمان، التي دعا فيها الملك محمد السادس إلى تخليق الحياة السياسية. وقد أحدث هذا العراك هزة في المشهد السياسي. وارتبط قرار الطرد بتحالف دشنه حزب الأصالة والمعاصرة مع حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي، في إطار معارضة حكومة بنكيران، بعدما كان الحزبان في حرب مفتوحة، تبادل فيها كل من شباط، بصفته عمدة لمدينة فاس، وقياديين من حزب «الجرار» اتهامات ثقيلة. وتحدثت المصادر ذاتها عن تنسيق مكثف يجري بين هؤلاء الأعيان وبين مسؤولين في حزب العدالة والتنمية لخلق تحالفات من أجل خوض الانتخابات القادمة للإطاحة بعمدة فاس، الذي لم يتردد بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في إغراقه بوابل من الاتهامات تتحدث عن «تلقي عمولات الصفقات وحماية تجار المخدرات». وجعل حزب العدالة والتنمية، من جهته، مسألة إسقاط حزب شباط في العاصمة العلمية من أبرز انشغالاته. إذ أوضحت المصادر أن تحركات مكثفة تجرى لإطلاق حملة تستعرض اختلالات في تدبير شؤون المدينة والجهة، والتي يرى أنصار حزب «المصباح» أن حزب الاستقلال هو الذي يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى. وتحظى مدينة فاس بتنافس محموم بين الأحزاب الكبرى بالنظر إلى كونها من المدن التاريخية للمغرب، ومن أكثرها دينامية. ويتوفر حزب العدالة والتنمية على هيكلة قوية بالجهة، كما أن أعضاءه حاضرون في جل القطاعات الأساسية، ويراهنون على عمل القرب مع المواطنين بشكل مستمر عكس الأحزاب السياسية الأخرى التي لا تفتح محلاتها إلا مع اقتراب موعد الانتخابات. وكشفت المصادر ذاتها عن التحاق مستشارين جماعيين من حزب الاستقلال بحزب الحركة الشعبية، أحدهم يعتبر من نشطاء حزب شباط بفاس العتيقة، إلى جانب رئيس مقاطعة تجمعي، ومستشار برلماني بإقليم صفرو. وخص الأمين العام الحركي مدينة فاس، في الآونة الأخيرة، بعدة زيارات، آخرها تمت نهاية الأسبوع الماضي، حيث عقد لقاء بإحدى دور الضيافة بفاس العتيقة مع عدد من الأعيان الجدد، الذين قرروا الالتحاق بحزب الحركة الشعبية. وربطت مصادر من هؤلاء الأعيان بين هذه اللقاءات وبين تحركات الحركة الشعبية استعدادا للانتخابات الجهوية القادمة، وتضييق الخناق على حزب الاستقلال، الذي يهيمن حاليا على جل المجالس المنتخبة بالجهة. وتراهن الحركة الشعبية، حسب المصادر ذاتها، على أعيانها في مدينة تازة، ومدينة مكناس ونواحيها، وكذا في إفران وبولمان، لفرض السيطرة على دواليب الجهة، في إطار التقسيم الجهوي الجديد الذي يرتقب أن يرسم مدينة فاس عاصمة للجهة.