تمكن حزب «الحركة الشعبية»، الذي يصف نفسه بحزب «البادية»، من وضع قدميه في مدينة فاس، التي كانت تاريخيا حكرا على أحزاب «الحركة الوطنية»، بعدما أعلن أعيان غاضبون من حزب الأصالة والمعاصرة عن نزولهم من «الجرار» ومعانقتهم «السنبلة». وقالت مصادر إن قياديين من حزب الحركة الشعبية، ومنهم وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، محمد مبديع، والوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، المكلفة بالبيئة، قد عقدوا، نهاية الأسبوع الماضي، لقاء تواصليا مع أعيان «البام» السابقين في منزل رشيد الفايق، رئيس جماعة أولاد الطيب. وحضر اللقاء كل من البرلماني عزيز اللبار، الذي اتخذ حزب «البام» في حقه قرارا بالطرد بسبب واقعة التشابك بالأيدي مع شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، إبان افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة للبرلمان، وعبد الواحد العواجي الملقب ب«العنيزي»، إلى جانب عدد كبير من المستشارين الجماعيين في جماعتي أولاد الطيب وعين بيضا القرويتين، ومستشارين من فاس العتيقة، ومقاطعة المشور بوسط المدينة. ويرتقب أن يشرف الأمين العام للحركة الشعبية، امحند العنصر، على تجمع بالمدينة يعلن فيه «اقتحام» حزب «البادية» مدينة فاس، في أفق استعدادات يقوم بها حزب الحركة الشعبية للظفر برئاسة جهة فاس (جهة فاس ومكناس وتازة وتاونات وبولمان وإيفران حسب مشروع التقسيم الجديد). وكان وجود الحركة الشعبية بمدينة فاس قد اختصر لعدة سنوات في شخص البرلماني عزيز اللبار، قبل أن يفقد الحزب حضوره بالعاصمة العلمية بسبب التحاق اللبار بحزب الأصالة والمعاصرة. فيما يتمتع حزب «السنبلة» بحضور وازن في ضواحي إقليم بولمان وصفرو ومكناس وإيفران، وجلها من المناطق المحسوبة على البادية وعلى منطقة الأطلس المتوسط. وتركز الحركة الشعبية في هذه المناطق القروية على الأعيان، وعلى القبيلة، وميكانيزمات المجتمع التقليدي في العمل السياسي والحملات الانتخابية، حيث لا زالت تحظى بنفوذ قوي في هذه الأوساط بسبب خطابها الذي يدافع عن القرية وتعدد الهوية، وعمقها الأمازيغي، في حين لم تتمكن من الوصول إلى مدينة فاس بسبب صراعات تاريخية مع الحركة الوطنية، وأحزابها، ونخبها التي تصفها ب«المدينية»، وتتهمها بتكريس تهميش البادية، وأطرها، وروافدها الثقافية واللغوية. وحسب مصادر حضرت الاجتماع المغلق بين الوزيرين الحركيين وبين الغاضبين من أعيان «البام»، فإن اللقاء تطرق إلى حادث العراك بين اللبار وشباط في البرلمان، واستعاد شريط الخلافات بين الطرفين، وتفاصيلها، وهو موضوع كان حزب الحركة الشعبية ملما بجزء كبير من خباياه حينما كان البرلماني اللبار من «جنرالات» الحركة الشعبية. كما تطرق اللقاء إلى قضية النزاع الترابي بين جماعة أولاد الطيب وشباط، باعتبارها من الملفات التي أصبحت لها تداعيات وطنية. وأكد اللقاء، حسب المصادر ذاتها، على مواصلة النظر في هذه القضايا، ووعد الوزيران الحركيان بمتابعة هذه الملفات، سواء من خلال المساهمة في العمل الحكومي، أو في أشغال البرلمان، وعلى المستوى المحلي. ووصفت مصادر من أعيان «البام» الغاضبين اللقاء بالمهم.