في أحد أيام يناير 1956، وبينما كان أعضاء من حزب الشورى والاستقلال وأنصارهم يحتشدون بمدينة سوق الأربعاء الغرب، للاحتفال بتنصيب المحجوبي أحرضان عاملا على مدينة الرباط، والذي كان هو الآخر في طريقه إلى سوق الأربعاء، فوجئوا بهجوم من طرف أعضاء من حزب الاستقلال مما أسفر عن وقوع مذبحة راح ضحيتها العشرات من الشوريين والعديد من الجرحى. ويروي الحاج أحمد معنينو في كتابه «من مظاهر التعذيب الحزبي أو دار بريشة الثانية»، أنه حوالي الساعة الواحدة ليلا من يوم السبت 21 يناير 1956، زار بنعيسى بن العسري قائد سوق الأربعاء الغرب الشناوي أحمد بنعيسى، كاتب فرع حزب الشورى والاستقلال بالمدينة نفسها، وأخبره بأن أحرضان سيزور سوق الأربعاء، يوم 23 من الشهر نفسه، وطلب منه الاستعداد للمناسبة، فاتصل مسؤولو الفرع المحلي بالمدينة بفروع كل من وزان وبعض مدن الشمال طالبين إرسال بعض الكشافة ورجال الحرس، وهو نفس الطلب الموجه لفروع كل من الرباطوالدارالبيضاء، إلا أن الزوار الشوريين القادمين من فروع الحزب الأخرى، فوجئوا عند مدخل ساحة الاحتفال بمصطفى النجاعي من حزب الاستقلال يسأل القادمين عن دواعي قدومهم إلى المدينة، وهو ما جعل أعضاء حزب الشورى يخبرونه بالدواعي الحقيقية. بعد ذلك اتصل بعض أعضاء حزب الشورى والاستقلال، عبد السلام بن سعيد والعربي السفياني والشناوي أحمد بنعيسى، وعن حزب الاستقلال أحمد قريون ومصطفى النجاعي، واتفقوا معا بحضور القائد بنعيسى بن العسري والشيخ جلول عبد السلام بن النجاعي، على أن يأخذ كل من أتباع الحزبين محلا للوقوف، وهو ما تم فعلا. لكن سرعان ما عمت الفوضى وحوصرت الطرق، يروي الحاج معنينو، ووقع البحث عمن يحملون ورقة الانخراط في حزب الاستقلال والتهديد بأن كل من وُجد بدون هذه الورقة يعذب ويرجم ويسجن، وعند مرور وفد الدارالبيضاء تعالت الزغاريد ترحيبا به، وهو ما جعل أحد أعضاء حزب الاستقلال يتدخل لمنع ذاك الاحتفال الذي رافقه أيضا إطلاق البارود، تعبيرا عن الفرح بأعضاء الشورى والاستقلال، إثر ذلك تدخل حرس حزب الاستقلال ومنع وفود وزان وسلا من الدخول، وسمح بذلك فقط لأعضاء المكتب المحلي لحزب الشورى والاستقلال، الذين يحملون ورقة الانخراط في حزب الاستقلال، وهو ما يعتبر خرقا للاتفاق الذي تم توقيعه بين الطرفين، وعندما احتجت وفود الشورى والاستقلال على هذا التصرف، قوبلوا بالشتم والتهديد، لتتطور الأمور إلى هجوم بالحجارة والخناجر، في الوقت الذي كانت فيه أصوات من الاستقلاليين تتعالى واصفة الشوريين ب«اليهود»، وداعية أنصار حزب الاستقلال إلى تصفيتهم، مما كان إيذانا لسكاكين وخناجر الاستقلاليين بأن تعبث بأجساد عناصر الكشفية من الأطفال التابعين للشوريين والقادمين من عدد من المدن، والذين لم يكن معظمهم يتجاوز العشر سنوات من العمر، ولم يكتف المهاجمون بقتلهم بل لم يترددوا في دهسهم أيضا بحوافر خيولهم وتعقب الفارين الطالبين النجاة بأرواحهم، حينها صاح الحسن السوسي، ب«أقتلوني واتركوا هؤلاء الأطفال الصغار!»، يروي الحاج أحمد معنينو.