حاصرت الثلوج، التي تساقطت بكثافة على جبال الأطلس الكبير، مجموعة من الدواوير بالقرب من جبل «توبقال»، وتسببت في قطع الطرق في وجه السكان الذين مازالوا محاصرين ومهددين بالجوع بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية. وبحسب إفادة مصادر من المنطقة، فإن دواوير بجماعة «تيديل» التابعة لإقليمورزازات تضرر سكانها كثيرا بسبب الاضطرابات الجوية الأخيرة، إذ مازال السكان يعيشون في عزلة تامة عن العالم الخارجي، مما تسبب في عدم التحاق التلاميذ بمدارسهم بسبب قسوة الظروف المناخية، وانقطاع المسالك بسبب الثلوج. وأضافت المصادر ذاتها، أن المسالك الطرقية الوعرة تجعل أحسن وسيلة للتنقل هي السيارات رباعية الدفع، مما يصعب مهمة المسؤوليون عن إيصال المساعدات للسكان، ورغم ذلك أضافت أن قافلة طبية تم تنظيمها في اليومين الماضيين مكنت من استفادة السكان من العلاج، فضلا عن مساعدات غذائية تم تقديمها للسكان، غير أن ذلك يبقى في نظرها غير كاف لسد حاجيات المواطنين في هذه القرى النائية التي تعاني من قساوة العيش في كل فصل شتاء. ورغم توفر هذه المناطق على مؤهلات سياحية مهمة، بحكم قربها من جبل توبقال، الذي يجلب نسبة مهمة من السياح كل سنة، فإنها تبقى «فقيرة» بالنظر إلى عدم استفادة سكانها من مجموعة من المتطلبات الضرورية للحياة، ففي كل شتاء، تضيف المصادر ذاتها، يطرح مشكل التدفئة لدى السكان الذين يجدون صعوبة في تدبر الحطب، زيادة على مشاكل أخرى مرتبطة بقلة المراكز الصحية بهذه المناطق التي تتوفر على مستوصف وحيد لا يلبي الخدمات بالنسبة للمرضى والحوامل الذين يقصدون في غالب الأحيان المستشفيات في مدينة ورزازات، وهو ما يجعل حياة الكثيرين في خطر، خاصة الحوامل في ظل هذه الظروف المناخية العصيبة. محاصرة آيت عبدي وفي إقليمأزيلال وجه مواطنون صرخات استغاثة من دواوير قبيلة آيت عبدي بجماعة زاوية أحنصال بأزيلال لإنقاذ مرضاهم من موت محقق بعد الحصار الكلي للثلوج. وقال مواطنون من دوار تناتامين بآيت عبدي إن مواطنا يدعى «اعلي منصور»، يبلغ من العمر 37 سنة، دخل مرحلة حرجة بعد معاناته من أزمة صحية بفعل الانخفاض الشديد في درجات في المنطقة، ومنعت الثلوج وصول مروحيات المستشفى الميداني بواويزغت وتغطيتها لمعالم الحياة بدواوير، زركان، تناتامين، تافراوت، وإيمضر التي تشكل قبيلة آيت عبدي كوسر بجماعة زاوية أحنصال، على ارتفاع يتجاوز 3000 متر عن سطح البحر. وكان مواطنون من آيت عبدي، التابعة لجماعة تيلوكيت قد وجهوا نداء استغاثة لإنقاذ الطفل المهدي ماركو الذي يبلغ من العمر تسع سنوات، والذي كان يصارع الموت والألم بمنزل أسرته منذ يوم الأحد الماضي، بعدما عجز والده عن نقله فوق «حمار» إلى أقرب مسلك طرقي بفعل ارتفاع علو الثلوج إلى مترين . وحاول ستة أشخاص المغامرة وتعريض أنفسهم لموت جماعي بعد عزمهم نقل الطفل المريض لمسافة 34 كيلومترا وسط الثلوج على متن نعش إلى جماعة آيت محمد، وساهمت نداءات أطلقها إعلاميون بالجهة في تدخل السلطات، وتجنيب المغامرين مصيرا مأساويا بعد إقناعهم بالعودة حيث تمكنت مروحية تابعة للمستشفى الميداني بواويزغت من التدخل، مساء أول أمس الثلاثاء، لتنقل الطفل وتنقذ حياته من موت محقق، في الوقت الذي ينتظر المواطن «اعلي منصور» تمكن المروحية من الوصول لآيت عبدي بجماعة زاوية أحنصال . وحاصرت الثلوج، التي تساقطت خلال الأيام الأربعة الماضية بشكل غير مسبوق، جل الجماعات الجبلية بأزيلال، في الوقت الذي يبعد فيه المستشفى الميداني بواوزغت عن الجماعات الأكثر تضررا بعشرات الكيلومترات، مما يصعب عملية التدخل خاصة أمام الحصار الكلي للثلوج والطرق المقطوعة بالمنطقة. استغاثة اهل الريف رغم كل نداءات الاستغاثة التي أطلقها السكان المحاصرون في أعالي جبال الريف، فإن استمرار تساقط الثلوج بكميات مهمة أدى، أول أمس الثلاثاء، إلى محاصرة عشرات التلاميذ وحال دون التحاقهم بمنازلهم لمدة 14 ساعة. ولم يتمكن الآباء من معرفة مصير أولادهم بعد يوم من الانتظار، حيث ظل الرقم الأخضر الخاص باستقبال استغاثات المواطنين مقفلا. وقال أحد الآباء، «إن البعض غامر بأبنائه بسبب تزامن امتحانات المرحلة الابتدائية مع تساقط الثلوج والنتيجة أننا فقدنا الاتصال بأبنائنا والكثير منا اعتقد أنهم ماتوا من جراء البرد ولم نعرف مصيرهم إلا في الليل». ولم تستطع السلطات، التي أعطيت لها تعليمات صارمة بفك العزلة عن السكان من الوصول إلى عشرات المداشر التي غطتها الثلوج بشكل كامل، وهي كلها مناطق تابعة لإقليمالحسيمة تتوزع بين الجماعات القريبة من كتامة ومن شقران، حيث لم تتوقف الثلوج عن التساقط منذ أربعة أيام. وهاجم السكان، في تصريحات متفرقة، ما وصفوه ب»غياب السلطات الكامل عن المناطق، فكيف يعقل أن البرد ينال منا بهذه الطريقة وهي تتفرج وكأن شيئا لم يحدث»، متسائلين باستنكار «هل تنتظر الدولة حتى نموت كي تتدخل وتأتي إلينا بالأغطية وبالمواد التموينية وبحطب التدفئة». وصب السكان جام غضبهم على السلطات متهمين إياها بتركهم «وحدهم يواجهون مصيرهم دون أن تقدر حتى على توفير الخدمات الصحية الضرورية ووسائل النقل اللازمة لذلك»، مؤكدين، في تصريحات للجريدة، أنهم «لن يسكتوا إذا ما استمرت الأوضاع على حالها خلال 24 ساعة المقبلة «سنضطر إلى القيام باحتجاجات لا تخطر على بال أحد، منها القيام بمسيرة بأقدام حافية».
أزمة حطب التدفئة تسببت موجة البرد التي تجتاح مناطق مختلفة من المغرب في ارتفاع استهلاك الحطب في المناطق الجبلية لمناطق الأطلس المتوسط، مما رفع ثمن نقله على ظهور الدواب إلى أكثر من 100 درهم، حيث يبقى سلاح السكان المحليين لمواجهة موجة الصقيع التي تجتاح المنطقة، في الوقت الذي كشفت المديرية الجهوية للمياه والغابات أن معدل استهلاك الأسرة الواحدة من الخشب يصل إلى 10 أطنان سنويا. ودفعت موجة البرد الشديدة «مافيا» الحطب إلى الرفع من ثمنه بسبب ضرورته للسكان، وكشف سكان من المنطقة أن تكلفة حمل الحطب تفوق 100 درهم في هذه الأيام التي تشهد فيها المنطقة موجة صقيع تزامنا مع تساقطات مطرية وثلجية كبيرة. ويلجأ السكان إلى الحطب من أجل التدفئة وهو ما يتسبب، حسب بعض سكان المنطقة، في الرفع من ثمن حمله وبيعه، في منطقة تعرف على أنها غنية بالخشب. وكشفت المديرية الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر أن معدل استهلاك الخشب في منطقة الأطلس المتوسط يبلغ 10 أطنان سنويا للأسرة، في الوقت الذي وفرضت فيه التساقطات الثلجية حصارا على مجموعة من الدواوير المنتشرة بجبال الأطلسين المتوسط والصغير. وكانت مديرية الأرصاد الجوية الوطنية توقعت أن تشهد المرتفعات والهضاب العليا والشرق والسفوح الجنوبية الشرقية موجة صقيع، كما يرتقب انتشار سحب كثيفة نوعا ما بجبال الأطلس المتوسط، شمال الأطلس الكبير وبالسفوح الجنوبية الشرقية، في الوقت الذي جندت وزارة الداخلية ووزارة الصحة الوسائل البشرية واللوجيستية الضرورية من أجل الحد من انعكاسات موجة البرد القارس التي تسود عددا من المناطق المغربية على الساكنة. ع. الزعلي - ه. بحراوي م.أحداد- ج.بولخير