صادق مجلس الأمن بالإجماع، أول أمس، على قرار تمديد بعثة الأممالمتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار في الصحراء (مينورسو) لمدة سنة أخرى، ودعا الجانبين، المغرب وجبهة البوليساريو، إلى مواصلة المفاوضات تحت رعاية الأمين العام الأممي «دون شروط مسبقة وبحسن نية مع أخذ الجهود المبذولة منذ عام 2006 والتطورات اللاحقة في الحسبان»، من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين، كما طالبهما أيضا بالتحلي «بالواقعية وبروح التسوية»، من أجل إحراز تقدم في هذه المحادثات. وفي ذات السياق، أهاب المجلس بالطرفين «مواصلة إبداء الإرادة السياسية والعمل في بيئة مواتية للحوار من أجل الانتقال بالعملية إلى طور المفاوضات الفنية الأكثر تعمقا بما يكفل تنفيذ القرارت 1754 (2007) و1783 (2007) و1813 (2008) وكذا نجاج المفاوضات»، مؤكدا دعمه القوي لالتزام الأمين العام ومبعوثه الشخصي بهدف إيجاد حل لقضية الصحراء. وجدد القرار دعوته لدول المنطقة إلى مواصلة التعاون التام مع الأممالمتحدة ومع بعضها البعض، لوضع حد للمأزق الراهن وإحراز تقدم نحو إيجاد حل سياسي. وأعرب مجلس الأمن عن ترحيبه لموافقة الطرفين على اقتراح المبعوث الشخصي للأمين العام، الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس، إجراء محادثات مصغرة وغير رسمية بين المغرب والبوليساريو، تمهيدا لعقد جولة خامسة من المفاوضات، مشيرا إلى تأييده للتوصية التي وردت في التقرير السابق، والتي أكدت أن تحلي الطرفين بالواقعية والرغبة في التسوية أمر ضروري لإحراز تقدم في المفاوضات. وكان روس قد اقترح إجراء جولة تمهيدية بين الطرفين، خلال جولته في المنطقة إثر تعيينه مكان الهولندي بيتر فان والسوم، من أجل مد جسور الثقة بين الطرفين قبل عقد أي جولة جديدة من المفاوضات التي توقفت في مارس من العام الماضي، بسبب الخلافات بين الطرفين والهجوم المستمر على المبعوث الأممي السابق، والسوم، من قبل الجزائر وجبهة البوليساريو، بدعوى محاباته للجانب المغربي، بعدما صرح في إحدى المناسبات بأن خيار الاستقلال الذاتي للصحراء، الذي تطالب به الجبهة، خيار غير واقعي. إلى ذلك، جددت جبهة البوليساريو التعبير عن خيبة أملها من عدم تناول التقرير الأخير لبان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء، لما تصفه الجبهة ب«انتهاكات» حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، وهو المسعى الذي حاولت البوليساريو، بدعم من الجزائر، لفت المنتظم الدولي إليه وجعل مسألة حقوق الإنسان أحد النقاط المدرجة في أجندة البعثة الأممية بالصحراء. ووصف ممثل البوليساريو بالأممالمتحدة أحمد بوخاري تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير بأنه «كان محتشما»، قبل أن يضيف «كان بودنا أن يوصي التقرير مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات الضرورية لتتكفل المينورسو بحماية حقوق الإنسان في الصحراء». وردا على دعوة المبعوث الأممي إلى عقد جولة مصغرة قبل الشروع في المفاوضات الرسمية، قال ممثل البوليساريو إن «مثل هذا الاجتماع ليس ضروريا طالما أن الطرفين كانا قد وافقا على الذهاب إلى الجولة الخامسة»، لكنه أكد قبول البوليساريو المبدئي للقاء، وقال إنه يدخل فقط في «باب التعاون» مع المبعوث الأممي. وفي تصريحات ل«المساء»، قال عضو المجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراء (كوركاس)، مصطفى ناعمي، إن المواقف المتصلبة لكل من الجزائر والبوليساريو «ليست غريبة على أحد»، مضيفا أن الرد الأمثل على هؤلاء «هو الإسراع بتطبيق نظام الجهوية الموسعة بكافة ربوع المملكة، والذي من شأنه أن يضمن بشكل أوسع ودائم كل حقوق المواطنين». وقال ناعمي إن المنتظم الدولي عندما تعمد عدم إدراج مسألة حقوق الإنسان في تقريره الأخير «إنما كان يتوخى عدم إحراج أي طرف»، مؤكدا على أن انتهاكات حقوق الإنسان بكل من العاصمة الجزائر وتندوف باتت غير خافية على المجتمع الدولي وتقارير المنظمات الدولية» وهو ما تسعى الدبلوماسية الجزائرية والبوليساريو إلى محاولة التغطية عليه بتغيير الحقائق واتهام المغرب بذلك». ودعا ناعمي المسؤولين المغاربة إلى عدم الدخول في حروب دبلوماسية مع الجزائر«لأن أخذ المغرب بنظام إداري جهوي موسع وفعال، هو الكفيل بإقناع أطراف المجتمع الدولي بالحقائق على الأرض، والتي تبرز مدى الأشواط التي قطعها المغرب في اتجاه حماية حقوق الإنسان وضمان الحريات».