أكد مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي بوجده، أن الإسلام لا يمانع في إجراء العمليات الجراحية التقويمية للخنثى والتي يراد بها إصلاح اختلال عضوي قد يسبب لصاحبه قصورا وظيفيا أو إحراجا اجتماعيا، مشيرا إلى ضرورة احترام ميولات المعنيين بالأمر والمعالم البارزة في أجسادهم وأعضائهم. - ما هو رأي الشرع في تغيير الجنس؟ < تتوقف الإجابة عن، هذا السؤال على بحث ما يمكن أن ينجم عن العملية من آثار إيجابية أو سلبية على مستوى الفرد، موضوع العملية، وعلى مستوى النسيج الاجتماعي الذي يقبل بإجراء هذه العملية على نطاق واسع. لا بد من الإشارة إلى محدودية اختيار تغيير الجنس واقتصار ذلك غالبا على حالات الازدواج الجنسي الذي عبر عنه الفقه الإسلامي بحالة الخنثى، والخنثى المشكل، ولهذه الحالة اعتبار فقهي خاص. إن الحديث يتناول العملية من حيث المبدأ والاحتمال النظري. إن من النصوص ذات الصلة قول الله تعالى في الآية 32 من سورة النساء: «وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ». وقد رأى المفسرون أن الآية منعت الرجال من تمني أن يكونوا نساء، كما منعت النساء من تمني أن يكن رجالا، ولفتت الأنظار إلى أن لكل جنس متسعا لإثبات الذات من خلال جنسه، ودعت إلى استباق الفضل بإنجاز العمل الصالح. يقول رشيد رضا في «تفسير المنار»: يدخل في هذا التمني كل ما هو من الأمور الخلقية كالجمال والعقل، إذ لا فائدة في تمنيهما لمن لم يعطهما. ( تفسير المنار 4/58). ومن النصوص الصريحة في الموضوع، نهي الرسول صلى الله عليه وسلم المتكرر الرجال عن التشبه بالنساء، ونهيه النساء عن التشبه بالرجال. وعملية تشبه كل جنس بالآخر هي، في حقيقتها، احتقار للجنس الذي يكون عليه كل منهما، مع ما يستتبع ذلك من إخلال بكل التكاليف المترتبة عن الموقع الجنسي. ولجوء الإنسان إلى جنس آخر لا يمكن أن يسعف بالتفوق في وظائفه لعدم توفره على القدرات والطاقات الضرورية. -هناك من يرزق بأطفال خنث، فكيف يتم تحديد جنس المولود؟ < إن تحديد جنس الخنثى يضمن التخلص من ازدواجية الأعراض الجنسية، وكان الفقه الإسلامي يعمل على تحديد الوضع الجنسي للخنثى، إذ كان ينسبه إلى العضو الذي يتبول به أو إلى العضو الذي يفرز سائلا مرتبطا بالجنس، فيعتبره أنثى إذا حاض، ويعتبره ذكرا إذا خرج منه سائل منوي، وكان هذا الاعتبار ضروريا لتحديد ما يترتب عنه من الأحكام الشرعية. -هل عند ازدياد المولود يتطلب الأمر التوجه نحو فقيه ليحدد ما إذا كان الجنس ذكرا أم أنثى؟ < لا حاجة إلى ذلك، فالأبوان يمكنهما أن يحددا جنس الخنثى (ذكر أم أنثى) من خلال معرفة مكان التبول أو الأعضاء البارزة.. هل هي أنثوية أم ذكورية. -هل هذا يتطلب إجراء عملية جراحية؟ < إن الإسلام لا يمانع في إجراء العمليات الجراحية التقويمية التي يراد بها إصلاح اختلال عضوي قد يسبب لصاحبه قصورا وظيفيا أو إحراجا اجتماعيا. وقد ورد أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها عن إزالة الكلف من الوجه (وهو بقع سوداء) فأجابتها: لقد كنا لو أن إحدانا كانت إحدى عينيها أفضل من الأخرى وقيل لها: انتزعيها واجعليها مكان الأخرى وأمكنها ذلك لم نكن نرى بذلك بأسا، ومن هذا القبيل أن الصحابي عرفجة بن أسعد كان قد أصيبت أنفه يوم الكُلاب فاتخذ أنفا اصطناعية من حديد، فوجهه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يتخذ بدلا عنها أنفا من ذهب، تنبيها منه عليه السلام إلى ما يمثله اتخاذ الحديد من احتمال الإصابة بالتيتانوس، وقد كانت أسنان عثمان بن عفان رضي الله عنه متخلخلة فربطها بخيط من ذهب. وقد دأب المسلمون على تركيب أعضاء اصطناعية، ومن ذلك أن الزمخشري كانت رجله قد قطعت، فاتخذ زُجّا خشبيا كان بمثابة رجل اصطناعية، والأمثلة على هذا كثيرة. عموما، فالإسلام لا يمانع في إجراء العمليات الجراحية الجادة، ولم تزل المستشفيات في البلاد الإسلامية تجري عمليات فصل التوائم السياميين، وعمليات زرع البَشرة، وإزالة الأعضاء الناتئة كالأصابع الزائدة، والتآليل المتضخمة. ومن هذا القبيل مشروعية تمكين الخنثى من تحديد الجنس ليصل بذلك إلى ضبط جنسه وممارسة حياة عادية. - هناك حالات يقر فيها الطبيب بأن الصبغيات الطاغية هي لأنثى، لكن الخنثى يشعر بأن له ميولات ذكورية، كيف يتم التعامل مع هذه الحالات؟ < ينبغي احترام ميولات المعنيين بالأمر، فلا يعقل أن نقول لخنثى تغلب على جسدها معالم الأنثى وتشعر بأنها امرأة وليست رجلا، أنت رجل أو تكون المعالم البارزة في جسد خنثى هي مظاهر الذكورة ونصر على أنها أنثى، وأضرب مثالا بالطفل الذي يستخدم اليد اليسرى في كل أعماله، فلا يعقل أن نجبره على استعمال اليمنى لأن اليد اليسرى، بالنسبة إليه، هي اليد اليمنى عند الآخرين.