«يجب أن يرفع الستار عن طابو «الخنثى»، من أجل وضع حد للعديد من المشاكل التي تتخبط فيها شريحة من المجتمع في صمت، وذلك عبر سد الفراغ التشريعي في هذا الباب، وتنظيم أيام دراسية تواكبها حملات إعلامية من أجل تحسيس الآباء والأمهات بهذه المشكلة ومعرفة طرق علاجها علميا»، يقول الدكتور عبد الله عباسي، متخصص في جراحة التقويم والتجميل والجراحة الدقيقة بمستشفى ابن سينا بالرباط. مشكل الخنثى له طبيعة خلقية، حيث نكون إزاء حالة من هذه الحالات عندما تولد مولودة لها صبغيات أنثوية ثم يظهر ورم حميد يفرز هرمونات ذكورية تتحكم بعد ذلك في إبراز بعض الأعضاء (الذكر، اللحية....)، والعكس صحيح. وحل هذه المشاكل موكول إلى طب جراحة التقويم بامتياز، وتقع المسؤولية فيه على عاتق الطبيب الجراح والعائلة والمجتمع الذي لا يرحم، حسب قول المختص في جراحة التقويم ل«المساء». وبناء على ما سبق، فالتعريف الطبي للخنثى هو وجود اختلاط لدى المولود الذي يمثل هذه الحالة ما بين الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية الخارجية، إذ يكون عنده مهبل وذكر وخصيتان. وبعد ولادة «الخنثى» تبدأ المشاكل تبرز بين الزوجين، فالأب يرغب في منحه اسم ذكر والأم ترغب في منحه اسم أنثى، فيحسم الخلاف بينهما بتسجيله في الحالة المدينة حسب المتفق عليه، غير أن وصول الخنثى إلى مرحلة البلوغ، واتضاح ميولاته وتوجهاته يطرحان مشكلاً جديداً وهو تغيير الاسم في حالة الحاجة إلى ذلك. هذه المشاكل تتطلب أن يتم اختيار أسماء خاصة للخنثى يمكن إطلاقها في الآن ذاته على الذكر والأنثى مثل اسم «أمان»، حسب اقتراح الدكتور عباسي. ولا تقتصر المعاناة على الاضطرار إلى تغيير الاسم وحده، بل تمتد إلى مرحلة الدراسة، فالعديد من الأسر تجبر أطفالها (الذين يعانون من هذا المشكل الخلقي) على توقيف الدراسة، بسبب تصرفاتهم، لأنه عند الاقتراب من البلوغ يصبح الخنثى تارة يلعب مع الذكور الكرة وتارة أخرى يرتدي لباس الفتيات ويضع «الماكياج» على وجهه ويتعامل على أساس أنه بنت، في هذه المرحلة ينبغي تحديد نوع جنس الخنثى هل هو ذكر أم أنثى وتجرى عملية جراحية لتصحيح الجنس. من أسباب الطلاق قد يكون الطفل (الخنثى) سببا من أسباب الطلاق، ويمكن الحديث عن أربع حالات سردها المختص في جراحة التقويم من خلال احتكاكه ببعض الأسر: الحالة الأولى: عندما يولد الخنثى فيبدأ كل من الزوجين في إلقاء اللوم على الطرف الآخر محملا إياه المسؤولية عن ولادة طفل بتشوهات، ويمكن الجزم بأن 90 في المائة من الرجال يلقون باللوم على زوجاتهم عندما يرزقون بخنثى وكأن المرأة معمل لصناعة الذكور والإناث والخنثى، حسب تعبير عباسي. الحالة الثانية: لجوء الأم إلى طابع السرية فلا تخبر الأب بأن المولود خنثى وعندما يكتشف الأمر، يدخلان في صراع مستمر. الحالة الثالثة: ساعة إجراء العملية، تصر الأم على أن يكون الخنثى أنثى فيما يتمسك الأب برغبته في أن يكون ذكراً فيدخلان في صراع لا ينتهي. الحالة الرابعة: عندما تجري العملية للخنثى في الطفولة، ويظهر ميلا معاكسا أثناء البلوغ، وفي حالة انتحاره، يبدأ لوم الطرف الذي اتخذ قرار تحديد الجنس. الحلول المقترحة عند الولادة يمكن أن تجرى تحاليل طبية ودراسة الحمض النووي لمعرفة ميولات الخنثى هل هي ذكورية أم أنثوية، وإذا كانت الصبغيات من نوع (xx) فالتوجه يكون نحو الأنثى، وعندما تكبر يمكن وقتها أن توصف لها أدوية وعلاجها في حالة عدم توفرها على الثديين أو عدم حدوث الحيض. وإذا كانت الصبغيات من نوع (xy) فالتوجه يكون نحو الذكر. في الحالتين السالفتين، يقول عبد الله عباسي، يمكن إجراء عملية جراحية في سن مبكرة، غير أن المشكل الكبير الذي حاّر فيه العلماء هو عندما تكون الصبغيات من نوع (xxy)، ففي هذه الحالة ينبغي انتظار مرحلة البلوغ، آنذاك يتم الاتفاق بين أهل العلم وبين المعني بالأمر، على ضوء نتائج التحاليل الطبية، فتجرى عملية تحديد الجنس. ويؤكد عباسي أنه بعد العملية الجراحية الأخيرة «ينبغي أن يخضع المعني بالأمر أو المعنية بالأمر إلى علاج نفسي لتجاوز كل التأثيرات، وكلما تم حل هذه المشاكل في مرحلة مبكرة كان الأمر أفضل وأنسب». إزالة الزوائد إلى جانب الحلول الطبية، فالدكتور عباسي يعتبر أن الاسم من المشاكل المؤرقة للخنثى، لذلك وجب وضع قوانين ومشاريع قوانين من لدن البرلمان تهم الخنثى، فمثلا الفنانة «نور» ما زالت تحمل اسم نور الدين رغم أنها حددت جنسها وميولاتها المتمثلة في كونها امرأة. لذلك فإن لقاء إعلاميا وطنيا يشارك فيه آباء وخنثى نجحت في اختيار جنسها وأخرى فشلت بسبب سوء تقدير ميولاتها، يحضر فيه أيضا أطباء وجراحون في التقويم، كفيل بأن يحل جزءا من هذه المشاكل، فيتعرف المواطنون على طرق علاجها، لأنه نادرا ما تتوافد على مستشفى ابن سينا بالرباط حالات مكتملة الأعضاء ترغب في إجراء عملية لتصحيح الجنس، وهذا خطأ حسب مصدر طبي، وهو ما يدعو بإلحاح إلى ضرورة اهتمام المسؤولين عن القطاع الصحي بهذا الموضوع وتنظيم حملات تحسيسية بهدف تشجيع الآباء على تصحيح وتقويم جنس مواليدهم «الذين يعانون من هذا المشكل الخلقي» وإجراء عمليات جراحية في فترة الطفولة تجنبا لكل الانعكاسات السلبية التي تصاب بها هذه الحالات عند بلوغ مرحلة الشباب، غير أن المستشفى يزوره أطفال من هذا الصنف من أجل العلاج بالمصالح الأخرى. لكن الحالات التي تزور المستشفى بكثرة، يقول المصدر نفسه، تدخل ضمن خانة من يأتون لإزالة الزوائد الخلقية، مثلا امرأة تتوفر على خصيتين ليست لهما وظيفة، أو رجل له ثقب صغير ما بين المخرج والعضو التناسلي. أما الحالات التي ترغب في تغيير الجنس دون أن يكون ذلك مرتبطا بتشوهات خلقية، فهذه الحالات لم يسبق لها أن ولجت أبواب مستشفى ابن سينا.