قال الملك محمد السادس إن المغرب سيظل في صحرائه والصحراء في مغربها، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وأضاف خلال الخطاب، الذي وجهه مساء أول أمس الخميس إلى الشعب المغربي بمناسبة الذكرى 39 للمسيرة الخضراء، أن ليس هناك درجات في الوطنية، ولا في الخيانة. فإما أن يكون الشخص وطنيا أو يكون خائنا. وأضاف الملك محمد السادس «صحيح أن الوطن غفور رحيم، وسيظل كذلك. ولكن مرة واحدة، لمن تاب ورجع إلى الصواب. أما من يتمادى في خيانة الوطن، فإن جميع القوانين الوطنية والدولية، تعتبر التآمر مع العدو خيانة عظمى». وقال بهذا الخصوص: «إننا نعرف أن الإنسان يمكن أن يخطئ، ولكن الخيانة لا تغتفر. والمغرب لن يكون أبدا مصنعا لشهداء الخيانة». وأوضح أن الشهداء الحقيقيين هم الذين وهبوا أرواحهم في سبيل حرية واستقلال الوطن، والذين استشهدوا دفاعا عن سيادته ووحدته. واعتبر الملك محمد السادس أنه بدون تحميل المسؤولية للجزائر، الطرف الرئيسي في هذا النزاع، لن يكون هناك حل. وبدون منظور مسؤول للواقع الأمني المتوتر بالمنطقة، لن يكون هناك استقرار، مستدركا بالقول: «غير أن هذا لا يعني الإساءة للجزائر، أو لقيادتها، أو شعبها، الذي نكن له كل التقدير والاحترام. فكلامنا موزون، ومعناه واضح. وإنما نتحدث عن الواقع والحقيقة التي يعرفها الجميع». واستحضر الملك محمد السادس في خطابه، بكل تقدير، جميع الذين قدموا حياتهم، في سبيل الدفاع عن الصحراء. إذ قال إن هناك أمهات وآباء من جميع أنحاء الوطن فقدوا أبناءهم في الصحراء، وأن هناك أرامل تحملن أعباء الحياة وحدهن، وأيتاما لم يعرفوا حنان الأب، من أجل الصحراء، وأن هناك شبابا فقدوا حريتهم، وعاشوا أسرى سنوات طويلة، في سبيل الصحراء. وأكد الملك أن «الصحراء ليست قضية الصحراويين وحدهم. الصحراء قضية كل المغاربة. وكما قلت في خطاب سابق : الصحراء قضية وجود وليست مسألة حدود». وقال الملك محمد السادس إن مبادرة الحكم الذاتي هي أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب، في إطار التفاوض، من أجل إيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي. وأضاف أنه «لا لمحاولة تغيير طبيعة هذا النزاع الجهوي، وتقديمه على أنه مسألة تصفية الاستعمار. فالمغرب في صحرائه، لم يكن أبدا قوة محتلة، أو سلطة إدارية. بل يمارس صلاحياته السيادية على أرضه، ولا لأي محاولة لمراجعة مبادئ ومعايير التفاوض، ولأي محاولة لإعادة النظر في مهام المينورسو أو توسيعها، بما في ذلك مسألة مراقبة حقوق الإنسان. ولا لمحاباة الطرف الحقيقي في هذا النزاع، وتمليصه من مسؤولياته. ولا لمحاولة التوازي بين دولة عضو في الأممالمتحدة، وحركة انفصالية. ولا لإعطاء الشرعية لحالة انعدام القانون بتندوف. فسيادة المغرب لا يمكن أن تكون رهينة لأفكار إيديولوجية، وتوجهات نمطية لبعض الموظفين الدوليين. وأي انزلاقات أو مغالطات، سترهن عمل الأممالمتحدة في هذه القضية». وأضاف الملك أن المغرب، بالمقابل، مستعد للتعاون مع كل الأطراف، للبحث عن حل يحترم سيادته، ويحفظ ماء وجه الجميع، ويساهم في ترسيخ الأمن والاستقرار بالمنطقة، وتحقيق الاندماج المغاربي. وذكر الملك محمد السادس بأنه «إضافة إلى التضحية بأرواحهم، فقد قدم جميع المغاربة أشكالا أخرى من التضحيات، المادية والمعنوية، من أجل تنمية الأقاليم الجنوبية، وتقاسموا خيراتهم مع إخوانهم في الجنوب. فالكل يعرف الوضع الذي كانت عليه الصحراء، قبل 1975. فمنذ استرجاعها، مقابل كل درهم من مداخيل المنطقة، يستثمر المغرب في صحرائه 7 دراهم، في إطار التضامن بين الجهات وبين أبناء الوطن الواحد. كما أن مؤشرات التنمية البشرية بالمنطقة، سنة 1975، كانت أقل ب6 بالمائة من جهات شمال المغرب، وب51 بالمائة مقارنة بإسبانيا. أما اليوم، فهذه المؤشرات بالأقاليم الجنوبية، تفوق بكثير المعدل الوطني لباقي جهات المملكة. لهذا أقول، وبكل مسؤولية، كفى من الترويج المغلوط لاستغلال المغرب لثروات المنطقة». وأوضح الملك محمد السادس أنه «من المعروف أن ما تنتجه الصحراء لا يكفي حتى لسد الحاجيات الأساسية لسكانها. والمغاربة تحملوا تكاليف تنمية الأقاليم الجنوبية. لقد أعطوا من جيوبهم، ومن رزق أولادهم، ليعيش إخوانهم في الجنوب، في ظل الكرامة الإنسانية. كما أن الكل يعرف أن المغرب حريص على استفادة سكان المنطقة من ثرواتها، في ظل تكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية».