لم يلق جمال أغماني، وزير التشغيل والتكوين المهني، أمس بالرباط كلمته الافتتاحية التي كانت مبرمجة خلال تخليد الذكرى 90 لتأسيس منظمة العمل الدولية، تحت شعار «عدالة اجتماعية بدون تشغيل الأطفال هدف في متناولنا» بسبب تقديم أطفال شهادات عن تجربتهم مع العمل والظروف المأساوية التي كانوا يعيشونها. وقال أغماني: «بعد هاتين الشهادتين المؤثرتين لم يبق لي ما أضيف». الشهادتان، اللتان تقدم بهما طفلان استفادا من برنامج محاربة التشغيل، أبكتا بعض الذين حضروا من ممثلي منظمات وهيئات رسمية، إذ قال الطفل الهاشمي «اضطررت بسبب التوتر الذي كان يسود أسرتي إلى مغادرة البيت رفقة أمي وانقطعت عن الدراسة من أجل مساعدتها على مصاريف البيت، ولم أتلق أي مقابل لمدة ثلاثة أشهر لأنني كنت تحت فترة التدريب، وبعدها بدأت أحصل على خمسة دراهم في الأسبوع مقابل عشر ساعات يومية من العمل، إضافة إلى السب والشتم وأحيانا الضرب». كما قدمت الطفلة سمية (14 سنة) التي تتابع دراستها بالمستوى السادس ابتدائي تجربتها كخادمة للبيوت، إذ صرحت بأن والدها، الذي كان مدمنا على المخدرات وأصبح مروجا لها، أجبر والدتها على مغادرة بيت الزوجية فبدأت تعمل في الحقول، وأخذت الطفلة تعمل خادمة في البيوت فتعرضت لكل أنواع الإهانة والسب والشتم». وتابعت الطفلة حكايتها قائلة: «هربت من جبروت مشغلتي إلى العمل مع أمي بالحقول، ولما عجزت عن تحمل مشاق العمل هربت عند جدتي طلبا للحماية وتعرفت على جمعية كان لها الفضل كي أعود إلى المدرسة». كما قدم الأطفال، الذين تؤطرهم الجمعية المغربية لمساعدة الأطفال في وضعية صعبة، مسرحية جسدوا فيها دور الخادمة والحداد والاسكافي وبائعة المناديل الورقية التي ألمحت خلال عرضها إلى التحرش الجنسي الذي تعانيه من لدن السائقين. وسلم الأطفال أثناء عرضهم مفتاحا كبيرا إلى جمال أغماني، وزير التشغيل والتكوين المهني، قائلين له: «هاد المفتاح أمانة وضعناها ما بين يديكم، حاربوا تشغيل الأطفال». وقال وزير التشغيل والتكوين المهني: «إن المفتاح الذي سلمه لنا الأطفال يتضمن إشارة إلى الحكومة وإلى المنظمات العاملة في المجال، ومن بينها المرصد الوطني لحقوق الطفل»، ليضيف بأنه من خلال الشهادات يتبين أن الظروف الداعية إلى تشغيل الأطفال تتمثل أساسا في الفقر وفي التفكك الأسري. وعرفت ميزانية 2009 لأول مرة تخصيص بند لمحاربة تشغيل الأطفال قدره 2 مليون درهم، يقول أغماني، إلى جانب تكليف 43 مفتش للشغل في كل مندوبيات التشغيل مهمتهم محاربة الظاهرة. ومن جهته، اعتبر سعيد الراجي، المدير التنفيذي للمرصد الوطني لحقوق الطفل، أن المدرسة هي المكان المناسب للطفل نظرا لتعرضه لكل أنواع الاستغلال بما فيها الاقتصادي والجنسي». وأشار الراجي، في تصريح ل»المساء»، إلى أن المبالغ المالية التي يحصل عليها الأطفال لا تفيد أسرهم في تحسين مدخولها اليومي، كما أنهم يحتلون مكان شباب مؤهل للعمل.