لم يعد يفصلنا عن المشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 إلا أقل من عامين، دون أن تلوح في الأفق بوادر مشاركة مغربية تختلف عن سابقتها بلندن 2012 التي خرجت منها الرياضة المغربية خاوية الوفاض، باستثناء ميدالية برونزية للعداء عبد العاطي إيكيدير في سباق 1500 متر. عندما عادت الرياضة المغربية من لندن وهي تجر أذيال الخيبة، بنتائج دون المستوى، وفضائح المنشطات قامت الدنيا ولم تقعد وعقدت اللقاءات ودخل البرلمان على الخط في محاولة لفهم أسباب التردي، هذا في وقت عقدت فيه الوزارة الوصية لقاء صحفيا كشفت فيه عن أعطاب الرياضة المغربية ونقائصها، والأسباب التي جعلتها تحصد النكسات، وكشفت عن ملامح خطة للمستقبل، لكن اليوم يبدو أن الأفق مظلم مرة أخرى، وأن الخطة تحولت إلى «لخبطة»، وأن نتائج دورة لندن في طريقها إلى التكرار، اللهم إلا إذا حدثت معجزة، في زمن رياضي أصبح يؤمن بالتخطيط والعمل وليس بضربات الحظ. لنفهم الصورة الكارثية للرياضة المغربية علينا أن نعود لنتائج دورة لندن 2012، فقد شارك المغرب بوفد هو الأكبر في تاريخ مشاركاته الأولمبية وصل تعداده إلى 75 رياضيا ورياضية. حصل المغرب على ميدالية برونزية يتيمة بواسطة إيكيدير، ولم يجد المغرب نفسه في مثل هذا الوضع منذ دورة لوس أنجلوس 1984 التي برز فيها أولمبيا بذهبيتي سعيد عويطة ونوال المتوكل. في لندن أنهى المغرب مشاركته في المركز 79 إلى جانب دولة أفغانستان التي تعيش حربا طاحنة، رغم أنه صرف على المشاركة المغربية مبلغ 13 مليار سنتيم بالتمام والكمال. ألعاب القوى لم تصل إلى هذا الحضيض أولمبيا منذ ما يقارب 30 سنة، والملاكمة التي شاركت بسبعة ملاكمين وملاكمة، لم تتذوق نتائج سلبية بهذه المرارة منذ 24 سنة، أما الجيدو فإنه لم يعش مثل الهزة التي عرفها منذ 16 سنة وتحديدا منذ أولمبياد أطلانطا، في الوقت الذي لم تبلغ رياضة التيكواندو هذا المنحدر منذ 20 سنة، أي، منذ أن أصبحت هذه الرياضة استعراضية في الأولمبياد ثم رسمية بعد ذلك. اليوم، لا أمل يلوح في الأفق، فالرياضة المغربية تواصل تراجعها، ألعاب القوى مازالت في غرفة الانتظار، والتيكواندو في غرفة الإنعاش، والملاكمة تبحث عن انطلاقة والسباحة أخفقت عربيا، فما بالك بالمشاركة في مستويات أكبر. كرة السلة تحاول جمع شتاتها، والطائرة تسعى إلى التحليق لكنها دون أجنحة، أما كرة اليد فإنها لم تصفق بعد، ولن تصفق بطريقة العمل الحالية. أرقام لندن كشفت عن الوجه الحقيقي لرياضتنا التي وصلت إلى منحدر خطير. لقد فشل برنامج رياضيي الصفوة بشكل ذريع، وللأسف فلا أحد يريد الاستفادة من الدروس، واستنهاض الهمم لوضع حد لمسلسل التردي. الجامعات تواصل حروبها الصغيرة حول كراسي المسؤولية والتعويضات ما ظهر منها وما بطن، واللجنة الأولمبية تغط في سبات عميق، أما الوزارة الوصية فإنها تكتفي بذرف دموع الحسرة وبالعويل والبكاء في سرادق عزاء الرياضة المغربية، بينما ينتظر البرلمانيون إخفاق ريودي جانيرو ليقولوا ب»الفم المليان» نحن أيضا نفهم في الرياضة، ونقلب الطاولات ونطالب بالمحاسبة. صناعة بطل أولمبي لا تتم بالكلام فقط ولا بالخطب، ولكنها تتم بالعمل وبرجالات الميدان في مختلف المجالات، وبوجود خطة عمل محكمة لاتترك المجال للصدفة. هذا الأمر لايبدو موجودا اليوم، وفي النهاية ليس لنا إلا أن نطلب اللطف فيما ستأتي به المقادير، فالخواتيم ستكون كارثية بكل تأكيد.