عاد الحديث عن وجود معتقلات سرية في المغرب بقوة، بعد أن أكد عدد من المتهمين في ملف بليرج أنهم نقلوا إلى مركز اعتقال يوجد في ضواحي تمارة، حيث تم تعذيبهم وانتزاع تصريحات ضمنت في محاضر أجبروا على توقيعها. وتقدم دفاع المعتقلين السياسيين في ملف بليرج، خلال جلسة الجمعة الماضية، بطلب كتابي للانتقال إلى مركز مديرية حماية التراب الوطني «لاديستي» بتمارة، للتأكد من وجوده، ومعرفة المصالح التي تشرف عليه من الناحية الإدارية، قبل أن تقرر المحكمة رفض الطلب. وقال النقيب عبد الرحيم الجامعي إن هذا المركز قيل في شأنه الكثير من اختطاف وتعذيب واستنطاق، مما يتطلب ضرورة البحث في هذا الملف لتنقية صورة المغرب، وأضاف أن «المغاربة أنفقوا الكثير من الأموال من أجل القطع مع ممارسات الماضي، كما أن الاتحاد الأوربي يمنح ثلاثة ملايين أورو لحماية ضحايا التعذيب، ودعا إلى الوقوف على الحقائق المتعلقة بمركز تمارة، خاصة وأن المغرب ملزم بتقديم تقريره أمام لجنة مناهضة التعذيب في ماي 2009. من جانبه أكد محمد الصبار أن هيئة الدفاع مستعدة لمرافقة المحكمة إلى المكان الذي يوجد فيه مركز تمارة، قبل أن يضيف بلهجة ساخرة «أنا متأكد من أنهم لن يدعونا نقترب منه». ودعا الدفاع المحكمة إلى اتخاذ قرار «تاريخي» بالانتقال إلى المركز، وأضاف أن المسؤولين المغاربة كانوا دائما ينفون وجود معتقلات سرية، قبل أن يصدر الملك الحسن الثاني عفوا شاملا عن معتقلي الرأي، ويقدم الضحايا بعد ذلك شهادات عن الفظائع التي ارتكبت . واستند الدفاع في تقديم طلبه على التصريحات المتوالية للمتهمين الذين استمعت إليهم المحكمة لحد الآن، والذين أكدوا جميعا أنهم نقلوا بعد اعتقالهم إلى معتقل يوجد بتمارة، حيث تم استنطاقهم تحت التعذيب. وقدم المتهمون وصفا دقيقا لأساليب ووسائل التعذيب التي يستخدمها المحققون، وصرحوا أمام المحكمة، أنهم وفور اعتقالهم من طرف أشخاص بزي مدني تم تعصيب أعينهم، وتم نقلهم على متن سيارات خاصة إلى المعتقل المذكور ليتم انتزاع التصريحات منهم. وجاء في الطلب الذي تقدم به الدفاع أن الوقائع التي سردها المتهمون تؤكد تدخل جهاز أجنبي في عمل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وهو الأمر الذي التزمت النيابة العامة الصمت بشأنه، وبالتالي قبلت بممارسات غير شرعية، مما يستدعي ضرورة البحث في وجود المركز المذكور وصحة مرور المعتقلين به. واعتبر دفاع المعتقلين الستة أن المحاضر المنسوبة إلى المتهمين الذين تم الاستماع إليهم من قبل المحكمة جاءت بأسماء موكيلهم، ونسبت إليهم أشياء ملفقة، ما يستوجب ضرورة التأكد من أن مركز تمارة تابع للشرطة القضائية، وتمارس فيه اختصاصاتها تحت علم وإشراف النيابة العامة، أم أنه لا علاقة لها بهذا الجهاز مع ترتيب الآثار القانونية. وفي نفس السياق جاء موقف النيابة العامة من هذا الطلب مرنا، بعد أن التمست إرجاء البت فيه إلى حين الانتهاء من الاستماع إلى المتهمين. وكانت النيابة العامة قد نفت خلال جلسة سابقة وجود معتقل سري بتمارة، واعتبرت أن الحديث عن المعتقلات السرية بالمغرب أصبح «متجاوزا» بعد مسلسل الإنصاف والمصالحة، ووصفت ما جاء في حديث الدفاع عن وجود معتقلات ينقل إليها المختطفون ويتم تعذيبهم بها ب«المزاعم».