وجهت الجمعيات المهنية مراسلة إلى الوزير الأول تطالبه فيها بعقد لقاء عاجل من أجل الوصول إلى حل يرضي الجميع، ويستجيب لتطلعات المهنيين في سحب البنود المتمثلة في تخصيص النقط لرخصة السياقة، والفرع المتعلق بالقتل غير العمد الناتج عن حادثة سير والجنح المتعلقة بسلوك السائق. عرف مشروع مدونة السير، الذي تقدمت به حكومة إدريس جطو معارضة قوية من لدن المهنيين، إذ عقد هؤلاء لقاء يوم 26 مارس من سنة 2007، فقرروا خوض إضراب وطني يوم 3 أبريل من السنة نفسها، فأصدرت 46 هيئة نقابية وجمعوية مهتمة بمجال النقل بلاغا طالبت فيه كريم غلاب، وزير النقل والتجهيز، ب«السحب الفوري للمشروع من البرلمان، وإصدار بلاغ رسمي في هذا الشأن عبر وسائل الإعلام، وإلغاء الدورية الثلاثية، وتعديل ظهير 2003». بلاغ المهنيين جاء إثر انسحابهم من يوم دراسي نظمته الوزارة اعتبروا خلاله أن المشروع مستورد من الخارج ولا يناسب الواقع المغربي». وحول أهم المراحل التي مر منها الحوار بين مهنيي النقل والحكومة، أوضح مصطفى الكيحل، كاتب عام نقابة الفيدرالية الوطنية لسيارات الأجرة والنقل، أن الاحتجاجات التي نفذها المهنيون على مدار سنتين لم تؤد إلى نتيجة مرضية للأطراف، وهو ما جعل المهنيين يخوضون الإضراب الأخير الذي انعكس سلبا على اقتصاد المغرب. بعد الإضراب الأول عقدت الحكومة السابقة برئاسة إدريس جطو لقاء مع المهنيين التزمت على إثره بعرض المشروع على المهنيين من أجل تقديم تعديلاتهم وملاحظاتهم قبل عرضه على مجلس النواب، وطلبت الحكومة من المهنيين مراعاة ظرفية الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2007، وهو ما استجابت له النقابات والجمعيات المهنية، يقول الكيحل ل«المساء». وفي يوم 24 دجنبر 2007 راسلت لجنة التنسيق الوطنية للنقل، الحكومة من أجل مواصلة الحوار، لكنها لم تتلق أي جواب يذكر. وخلال شهر فبراير من سنة 2008، أعلن عباس الفاسي، الوزير الأول خلال اجتماعه مع اللجنة الوزارية المشتركة للسلامة الطرقية عن الخطة الاستراتيجية المندمجة للسلامة الطرقية للفترة مابين 2008 و2010، وذلك للتقليص بصفة دائمة ومستمرة من عدد القتلى والمصابين بجروح خطيرة الذي ارتفع بشكل ملحوظ خلال سنة 2007، وتضمن المخطط حسب تصريح لوزير النقل والتجهيز خلال اللقاء الصحفي الذي خصص لتسليط الضوء على مستجدات ميدان السلامة الطرقية، سبعة محاور تمثلت في تنسيق وتدبير السلامة الطرقية، التشريع أو التعجيل بإخراج مشروع قانون السير الجديد إلى حيز الوجود. أما النقابات والهيئات المهنية، فاستمرت في مراسلة أخرى لعباس الفاسي، الوزير الأول، وباقي الوزارات التي لها علاقة بقطاع النقل، تطالب بفتح حوار جديد والتريث في المصادقة على المدونة. ولم يجد المهنيون آذانا صاغية من الحكومة، يقول الكيحل، ما دفعهم إلى خوض إضراب يوم 27 من شهر يوليوز من سنة 2008 بمدينة الدارالبيضاء كخطوة أولى، فقدموا مهلة للحكومة بعدما أعلنوا عن إضراب شهر أكتوبر. وفي شهر يوليوز من سنة 2008، شكك برلمانيون في قدرة مشروع المدونة على التخفيف من حوادث السير، خلال مناقشته أمام لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية، وتحدثوا عن معاناة السائقين وأوضاعهم الاجتماعية، فأشار غلاب خلال اللقاء إلى أنه سيتم اعتماد نص ملائم لواقع القطاع وأن المشروع ليس نسخة من الخارج. وفي الوقت الذي كانت لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية تواصل دراستها للمشروع، قرر مهنيو النقل الدخول في إضراب مفتوح يوم 8 أكتوبر 2008. وصادقت اللجنة على مشروع المدونة بأغلبية 57 صوتا ورفض 53 نائبا من فريق العدالة والتنمية وامتنع عشرة نواب من الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري. وبعد المصادقة عليها بمجلس النواب، انتقل المشروع إلى مجلس المستشارين يوم 20 يناير 2009. فدخل المهنيون في احتجاجات وتنظيم وقفات أمام البرلمان ولم يفتح أي حوار مع المهنيين، يؤكد الكيحل، إلى حين إضراب أبريل 2009. وبعد الإضراب اتخذ مجلس المستشارين قرار تعليق مناقشة المدونة، وهو ما فتح النقاش حول مدى قانونية قرار رئيس المجلس وكريم غلاب وزير التجهيز والنقل، حيث أكد بلاغ للمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية «رفضه واستنكاره للطريقة المنافية للدستور ولكل الأعراف التي تم التعامل بها مع مشروع قانون معروض على المؤسسة التشريعية’’. وطالب في البلاغ ب«احترام العمل المؤسسي وبالحفاظ على مصداقية المؤسسات، وبعدم اعتبار السعي إلى فض النزاعات الاجتماعية سببا لإفراغ المؤسسات من مضامينها الدستورية». غير أن خالد الناصري، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، قال في لقاء صحفي، إن ما وقع هو اتفاق بين الحكومة ومجلس المستشارين مفاده تعليق المدونة إلى غاية التوصل إلى اتفاق. وبعد تعليق مناقشة المدونة استمر المهنيون في الإضراب إلى أن أتم يومه التاسع، وتوقف بعد عقد لقاء جمع بين المهنيين والوزير الأول عباس الفاسي ووزراء آخرين ليتم الاتفاق على تعليق الإضراب وترك باب الحوار مفتوحا. ووجهت الجمعيات المهنية مؤخرا مراسلة إلى الوزير الأول تطالبه بعقد لقاء عاجل خلال الأيام المقبلة من أجل الوصول إلى حل يرضي الجميع، ويستجيب لتطلعات المهنيين في سحب البنود المتمثلة في تخصيص النقط لرخصة السياقة والفرع المتعلق بالقتل غير العمدي الناتج عن حادثة سير والجنح المتعلقة بسلوك السائق. ويأتي مشروع مدونة السير، حسب مذكرة لوزارة التجهيز والنقل حول مشروع مدونة السير، ضمن الخطة الاستراتيجية المندمجة الاستعجالية للسلامة الطرقية، التي انطلقت فعليا في شهر أبريل 2004، والتي شكلت موضوع اجتماع اللجنة الوزارية للسلامة الطرقية الذي ترأسه الملك محمد السادس، في 18 فبراير 2005 وبحضور جميع المسؤولين المتدخلين في مواجهة ومحاربة حوادث السير بالمغرب.