لم يكد البيضاويون ومعهم المغاربة قاطبة يتخلصون من مشاهد الفاجعة التي خلفها سقوط ثلاث عمارات قبل أسبوعين في حي بوركون بالدار البيضاء، حتى عادت الأرض لتميد تحت ضحايا آخرين وهذه المرة بدرب «الطاليان» في المدينة القديمة، والعناية الإلهية هي وحدها التي حالت دون إزهاق مزيد من الأرواح. ما يحدث في مدينة بحجم العاصمة الاقتصادية يدعو بالفعل إلى القلق، وما تواصلُ مسلسل انهيار المنازل إلا دليل على أن الأمر لم يعد يتعلق بحالات معزولة كما يصر كثير من المسؤولين على إفهامنا، بل نكاد نجزم بأنه صار يهدد بكارثة لا قبل لنا بها بدليل فشلِ عناصر الوقاية المدنية في حادث بوركون في التدخل الناجع، وطريقةِ تعاطيها مع كارثة انهيار العمارات التي أودت بحياة 23 ضحية وخلفت مآسي كبيرة في صفوف الناجين وعائلاتهم، رغم أن مسؤولي هذا الجهاز يصرون على أن تعاطيهم مع ما حدث كان وفق القواعد، بل زادوا أن التجهيزات التي استعملت لا توظف حتى في أوربا. ودون الدخول في مزايدات حول حقيقة ما حدث بالضبط ومن يتحمل مسؤولية الكارثة، آملين أن يذهب التحقيق الذي فتح إلى أبعد مدى وألا نكتفي بتقديم أكباش فداء.. نعتقد أن الوقت حان لفتح ملف المنازل الآيلة للسقوط بالجدية المطلوبة، خاصة وأن مدنا كثيرة في المملكة تعيش وضعا مترديا، ويكفي أن نعلم -على سبيل المثال فقط- بأنه يوجد في منطقة أنفا حوالي 30 ألف منزل مهدد بالانهيار، في حين تضم القديمة وحدها 25 ألف منزل آيل للسقوط، ويبيت أزيد من 720 ألف مغربي في 20 مدينة كل يوم على أمل ألا تسقط سقوف بيوتهم، وعلى أمل ألا يضطروا إلى انتظار تدخل متأخر من جهاز يستعمل أجهزة لا «توظف حتى في أوربا».