وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    الرئيس الموريتاني يجري تغييرات واسعة على قيادة الجيش والدرك والاستخبارات    ترامب يطالب المحكمة العليا بتعليق قانون يهدّد بحظر تطبيق تيك توك    الكعبي ينهي سنة 2024 ضمن قائمة أفضل الهدافين    فينيسيوس الأفضل في العالم ورونالدو في الشرق الأوسط وفق "غلوب سوكر"    طقس السبت: نسبيا باردا إلى بارد مع جريحة محلية خلال الليل والصباح    3 سنوات ونصف حبسا نافذا في حق محمد أوزال الرئيس الأسبق للرجاء    كيوسك السبت | الحكومة تلتزم بصياغة مشروع مدونة الأسرة في آجال معقولة    حريق يأتي على منزلين في باب برد بإقليم شفشاون    التحقيق في فاجعة تحطم الطائرة الأذربيجانية يشير إلى "تدخل خارجي"    أزولاي يشيد بالإبداعات في الصويرة    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر شمال البلاد إلى 10 قتلى    النفقة و"تقاسم الثروة" و"إيقاف السكن" .. تصحيح مغالطات حول مدونة الأسرة    يامال يتعهد بالعودة أقوى بعد الإصابة    اقتراب مسبار "باركر" من الشمس يعيد تشكيل فهم البشرية لأسرار الكون    *بعيدا عن المنطق الاقتصادي: الأسرة تآلف بين القلوب لا تخاصم بين الجيوب    لأداء الضرائب والرسوم.. الخزينة العامة للمملكة تتيح ديمومة الخدمات السبت والأحد المقبلين    توقيف سائقي سيارتي أجرة بمدينة طنجة بسبب القيادة بشكل متهور قرب المطار    وزارة النقل تؤجل تطبيق معيار "يورو6" على بعض أصناف السيارات    خطة استبقاية قبل ليلة رأس السنة تُمكن من توقيف 55 مرشحاً للهجرة السرية    وليد كبير: الرئيس الموريتاني يستبق مناورات النظام الجزائري ويجري تغييرات في قيادات الجيش والمخابرات    أمريكا: روسيا وراء إسقاط طائرة أذربيجانية    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية مرتقبة بعدة مناطق في المغرب من السبت إلى الإثنين    الحكومة ترفع الحد الأدنى للأجر في النشاطات الفلاحية وغير الفلاحية    تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء المضيق    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    الجولة 16 من الدوري الاحترافي الأول .. الرجاء يرحل إلى بركان بحثا عن مسكن لآلامه والجيش الملكي ينتظر الهدية    نهضة بركان يطرح تذاكر مباراته ضد الرجاء    وفاة الرئيس التاريخي لمجموعة "سوزوكي" أوسامو سوزوكي    بورصة البيضاء تغلق التداولات بالأحمر    الرئيس الألماني يعلن حل البرلمان ويحدد موعدا لإجراء انتخابات مبكرة    فوج جديد من المجندين يؤدي القسم    الحكمة المغربية بشرى كربوبي تحتل الرتبة الخامسة عالميا والأولى إفريقيا    حضور وازن في المهرجان الدولي للسينما و التراث بميدلت    فنانات مغربيات تتفاعلن مع جديد مدونة الأسرة    ما حقيقة اعتزال عامر خان الفن؟    اختتام ناجح للدورة الخامسة لصالون الإلهام الدولي للفن التشكيلي بتارودانت    الوداد البيضاوي يعلن تعيين طلال ناطقا رسميا للفريق    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    نواب كوريا الجنوبية يعزلون رئيس البلاد المؤقت    بايتاس: إعداد مدونة الأسرة الجديدة مبني على التوجيهات الملكية والنقاش مستمر في مشروع قانون الإضراب    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب المستثمرين للاقتصاد الأمريكي    المصادقة على مقترحات تعيين في مناصب عليا    الجولة 16.. قمة بين نهضة بركان والرجاء والجيش يطمح لتقليص الفارق مع المتصدر    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    ارتفاع ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالرباط ب 4 في المائة عند متم أكتوبر    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    علماء: تغير المناخ يزيد الحرارة الخطيرة ب 41 يومًا في 2024    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف وضع عبد الرحيم بوعبيد يده في يد أوفقير
بسبب اتهامه باختطاف بن بركة وقصف البيضاء وإعلان عن حالة الاستثناء
نشر في المساء يوم 07 - 07 - 2014

لم يكن حكم الحسن الثاني مرحبا به في الكثير من المحطات، خصوصا تلك التي أعقبت توليه العرش وما رافق ذلك من اعتقالات واختطافات، ستنتهي بالإعلان الرسمي عن حالة الاستثناء التي وضع الملك بعدها كل السلط في يده. لذلك تعرض لأكثر من محاولة انقلاب تحدث البعض عن كونها قاربت العشرين محاولة، لم يكتب لأي منها النجاح.
وبين انقلاب الصخيرات في 1971 ومهاجمة الطائرة الملكية في غشت 1972، وقع توافق كبير بين إرادتي الجنرال أوفقير، الذي كان يردد أنه يريد أن يسحق الحسن الثاني، وإرادة الزعيم الاتحادي عبد الرحيم بوعبيد، المكتوي بنار الملك الذي استحوذ على الحكم وأصبحت كل السلط مركزة بين يديه، لإنهاء حكم الملك. انضاف إليهما كل من المقاوم حسن صفي الدين الأعرج، والمستشار الملكي ادريس السلاوي. هذا الرباعي الذي رتب لانقلاب من نوع خاص لن تطلق فيه أي رصاصة، ولن يسقط فيه ضحايا كما حدث في الانقلابات السابقة.
سيرة الانقلاب، والترتيبات التي سبقته، والتي تعيد «المساء» تركيب حلقاتها في هذه السلسلة، كانت تهدف إلى اختطاف الملك الحسن الثاني بواسطة طائرة مروحية، ثم تشكيل مجلس وصاية إلى أن يصل ولي العهد إلى سن الرشد، على أن يتولى مستشاره ادريس السلاوي مهمة رئاسة الدولة.
لم يستسغ الكثير من رفاق عبد الرحيم بوعبيد أن يكون الجنرال محمد أوفقير ضلعا أساسيا من أضلع الترتيبات للإنقلاب على الحسن الثاني، بعد اختطافه وإرغامه على التخلي عن العرش.
لكن المقربين من عبد الرحيم، كانوا يدركوا أن الرجل ظل يؤمن بالحلول السلمية في كل عملية إصلاح. لكنه كان أكثر إيمانا أن مغرب الحسن الثاني لن يستقيم إلا بوجود مظلة عسكرية تساهم في المرحلة الانتقالية في استتباب الأمن، قبل أن تعود السلطة بعد ذلك إلى الشعب. ولعل هذا هو أهم شروط الاتفاق الذي جمع رجلين، ظلا على طرفي نقيض في فترة الحماية وما بعدها. ومن تم التأكيد على أن عملية الثالث من مارس من سنة 1971 يجب أن تمر بدون أن يسقط ضحايا، ولا أن تطلق ولو رصاصة واحدة.
كان عبد الرحيم بوعبيد حاضرا في كل المحطات التي عاشها المغرب الحديث حتى قبل الإعلان عن استقلاله. ولا غرابة أنه كان من بين شباب حزب الاستقلال الذين وقعوا على وثيقة المطالبة بالاستقلال، وكان من ضمن الفريق الذي فاوض المستعمر الفرنسي من أجل عودة محمد الخامس إلى عرشه. بل إن التقارب في السن بينه وبين ولي العهد الأمير مولاي الحسن، ظلت تسهل التواصل والتنسيق بينهما.
غير أن حماس الأمير، الملك الحسن الثاني بعد ذلك، في إبعاد مناضلي حزب الاستقلال من تدبير الشأن العام، ورغبته في تولي كل الأمور، هو ما سيدشن للخلاف بينه وبين عبد الرحيم بوعبيد، وهو الخلاف الذي تفجر حينما تم إعفاء حكومة عبد الله ابراهيم، التي كان يلعب فيها بوعبيد دورا مركزيا. إعفاء سيصفه المهدي بن بركة بالانقلاب.
لقد تم إعفاء الحكومة التي كان يرأسها عبد الله إبراهيم بدون مبرر مقبول، يقول عبد الرحيم بوعبيد في مذكراته. وكان التفسير الوحيد المقدم لذلك الإعفاء هو أن هذه الحكومة طال بقاؤها أكثر مما كان قد قدَره خصومها سلفا.. فقد هاجت البورجوازية المنتسبة إلى الاستقلال وثارت ثائرتها ضد الإجراءات المطبقة على مستوى الصناعة والتجارة الخارجية والعملة والقرض. كما هاجت بورجوازية أخرى، بورجوازية الفلاحين الكبار، على غرار الاتحاد المغربي للفلاحة، الحليفة بدورها للاستقلال أو لتيارات أخرى غيره، ذلك لأن أهدافها كانت تتمثل في امتلاكها، بأي وسيلة من الوسائل ، لأفضل الضيعات التي بحوزة المعمرين الأجانب، فتم تقديم الإصلاح الزراعي، الذي تبناه المخطط الخماسي 1960 -1965 .. وكانت صحافة الاستقلال، صحافة البورجوازية الحضرية أو القروية تردد على طول أعمدتها نفس الحجج ونفس الانتقادات التي تبلورها الصحافة الفرنسية خدمة للمصالح الرأسمالية الأجنبية. وخلاصة القول في ذلك، أن البلاد متجهة نحو الكارثة، والمغرب يسير نحو إقرار نظام قريب من الشيوعية بهذا القدر أو ذاك، متنكرا بذلك لتقاليده الدينية والثقافية، وحزب الاستقلال كان هو رأس الحربة في عملية النسف هاته. أما الحركة المسماة بالشعبية، فلم تكن أكثر من خليط من الأعيان، بلا انسجام ولا إيديولوجية، تدعي أنها تتحدث باسم العالم القروي. وأخيرا، قامت صحيفة «لي فار»، التي كان مديرها الظاهر هو رضى اكديرة، بتنظيم كل هذا وتنسيقه.. ولم يكن ولي العهد، مولاي الحسن بدوره يتردد في استعمال السلطة المرتبطة باسمه وبمكانته للعمل بشكل مباشر ضد الحكومة الشرعية التي نصبها والده نفسه. فقد صرح أزيد من مرة أنه أول معارض، وكان تصرفه تصرفا سياسويا، بدون تحفظ، ولا أعتقد أنني أبالغ إذا ما ذكرت بأنني كنت، يضيف عبد الرحيم بوعبيد، ومساعدي، هدفا لكل هذه المعارضات، والعدو اللدود الذي يجب القضاء عليه.
لقد شعر عبد الرحيم بوعبيد أن الحسن الثاني أضحى، حينما تقلد الحكم بعد وفاة والده، هو الصديق العدو. لقد راهن منذ البداية على وجوه جديدة للعمل إلى جانبه، بعد أن أبعد كل المناضلين الذين ذاقوا العذاب خلال فترة الاستعمار. ولا غرابة أن الحسن الثاني قال لوالده، وهو لا يزال وقتها وليا للعهد، «إنك قامرت بعرشك حينما وضعت يدك في يد حزب الاستقلال». ومع توالي الأحداث التي كان الصراع فيها على أشده بين سلطتين إحداها يقودها الملك، والثانية يقودها الإتحاد الوطني للقوات الشعبية بزعامة المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد.
اختطف المهدي واغتيل. ووجهت الاتهامات للحسن الثاني وجنراله أوفقير. فكان لعبد الرحيم بوعبيد أن يبحث عن صيغة للرد واسترجاع سلطة الشعب، تلك التي أعادت محمد الخامس إلى عرشه، ونصبت الحسن الثاني بعد ذلك ملكا. الملك الذي قال لبوعبيد، كما كتب في مذكراته، «أنا مناضل مثلك، واشتراكي في العمق».
وجد الزعيم الاتحادي نفسه يعيش دوامة الفراغ الذي راهن عليه الحسن الثاني ربحا للوقت. لقد اختطف المهدي بن بركة في أكتوبر من سنة 1965، وقصف المتظاهرون في الدار البيضاء في مارس من نفس السنة. ثم أعلن عن حالة الاستثناء في يونيو من السنة ذاتها لتتوقف الحياة السياسية، ويضع الحسن الثاني كل السلط بين يديه، قبل أن ينتفض الجيش في 1971 للانقلاب على الملك في الصخيرات.
وقتها كانت قيادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية تبحث عن صيغة للرد. فالمستعمر الفرنسي بكل قوته وجيشه انهار أمام قوة المغاربة وإيمانهم، فكيف لا ينهار نظام الحسن الثاني. لذلك كانت الصيغة التي اعتبرها بوعبيد هي الأقرب إلى التنفيذ هي أن يضع الاتحاديون اليد في يد خصمهم التاريخي وخصم الحسن الثاني الجنرال أوفقير. كما كان التقارب الذي ظل واقعا بين رفاق بوعبيد وإدريس السلاوي منذ البدايات الأولى للاستقلال، قد ساعد على السير في وضع كل الترتيبات لانقلاب الثالث من مارس من سنة 1972 باختطاف الملك وتكوين مجلس وصاية بعد أن يتم إرغامه على الاستقالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.