لم تنتظر نقابة «الباطرونا» الطبخة حتى تبرد، فمباشرة بعد إعلان الحكومة عن قرار الزيادة في الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام والخاص، خرج الاتحاد العام ببلاغه الناري الذي وصف فيه القرار ب«السياسي» الذي يخدم أجندة ظرفية، داعيا إلى عقد قمة اجتماعية حقيقية حول تكلفة الشغل وتنافسية المقاولات في المغرب. هذه الخرجة غير المفهومة ل«الباطرونا» -خاصة وأن مريم بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، كانت حاضرة خلال الاجتماعات التي تم فيها الاتفاق على قرار الزيادة في الحد الأدنى للأجور- تؤكد أن الأمور ليست على ما يرام داخل الاتحاد، فالانقلاب بمعدل مائة وثمانين درجة بعد ساعات على اتخاذ القرار، الذي انتظرته الطبقة العاملة المسحوقة كثيرا، يعكس حالة الارتباك الكبير في مواقف نقابة «الباطرونا» والتي عكسها سابقا الإعلان عن دراسة لدعم تنافسية المقاولات أياما قليلة قبل الكشف عن مضامين الاستراتيجية الصناعية الجديدة من طرف وزير التجارة والصناعة مولاي حفيظ العلمي. كيفما كانت مبررات المقاولات للتحفظ على قرار الحكومة بالزيادة في الحد الأدنى للأجور، والتي يجملها الاتحاد في تآكل القدرة التنافسية للصناعة الوطنية والتأثير السلبي على مناصب الشغل في القطاع الصناعي، وكذا الرفع من خطر الدفع بالمقاولات إلى الوقوع في القطاع غير المهيكل، خاصة وأن القرار لم ترافقه إجراءات تسمح للشركات بخفض نفقاتها، فإنه لا تحق للباطرونا سرقة آمال فئة واسعة من العمال الذين فرحوا بقرار الزيادة في الأجور، مع العلم بأن هذا القرار أصلا لن يداوي سوى جزء صغير من جروح الفئات الفقيرة التي تأثرت بعشرات القرارات اللاشعبية لحكومة بنكيران.