كشف تقرير مرصد البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، الخاص بسنة 2013، والذي عرضه المكتب التنفيذي للمرصد أمام وسائل الإعلام أول أمس الخميس، عن جملة من النقاط السلبية التي تهدد المعالم البيئية والتاريخية للمدينة، ودق ناقوس الخطر من جديد حول «افتراس» التعمير للغابات والمحميات الطبيعية. وحسب التقرير فإن غابات طنجة، التي تتميز بعضها بتواجدها داخل المجال الحضري للمدينة، باتت تعرف تدهورا كبيرا بسبب تنامي البناء العشوائي من جهة، والبناء المعتمد على رخص الاستثناء من جهة أخرى، وكشف التقرير عن أن التعمير العشوائي بالغابات يتم بتواطؤ مع بعض العاملين في السلطات المحلية والجماعات المحلية. وأورد التقرير أن غابة الرهراه، التي فجرت «المساء» قبل أيام فضيحة ترخيص جماعة طنجة بتجزيء جزء كبير منها، تعد أكثر الغابات الحضرية تضررا، وأيضا الغابة الدبلوماسية التي فقدت ألف هكتار، أي حوالي نصف مساحتها، وذلك بسبب المشاريع السياحية والسكنية، ثم غابة «فدان شابو» التي تزايدت فيها عمليات البناء العشوائي. وحول محمية الرهراه، التي وقع عمدة طنجة لترخيص تجزيئها لصالح شركة عقارية، فقد أورد رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، ربيع الخمليشي، أن المرصد مستعد لتنظيم مسيرة احتجاجية إلى عين المكان في حال الشروع في بنائها، واصفا من يرخصون أو ينفذون البناء فوق المحميات الطبيعية أو يتغاضون عن ذلك، ب»المجرمين». التقرير حذر أيضا من أن غابة السلوقية مازالت مهددة بعمليات التعمير، وخاصة عبر 3 مشاريع متضمنة ببرنامج طنجة الكبرى، ويتعلق الأمر بكورنيش المنارتين والطريق الساحلي والطريق الروماني، وهي المشاريع التي قال أعضاء المرصد إن تفاصيلها مازالت مجهولة. من جهة أخرى، أورد التقرير أن حرائق الغابات تضاعفت خلال سنة 2013 ب3 مرات مقارنة بسنة 2012، حيث طالت 90 هكتارا من المساحات الغابوية، منبها إلى أن محدودية الموارد البشرية والمادية لدى المندوبية السامية للمياه والغابات تحد من المجهود المبذول للتغلب على الحرائق. وبخصوص المساحات الخضراء، فقد كشف التقرير عن أرقام صادمة، إذ سجل نقصا كبيرا في المساحات الخضراء بالمقارنة مع عدد السكان، حيث إن المعدل بطنجة هو 3.02 مترا مربعا لكل فرد، في حين أن المعدل العالمي هو 10 أمتار مربعة، ما يعني أن حجم الخصاص الكلي بطنجة يصل إلى حوالي 600 هكتار، أي مرتين ونصف المساحة الموجودة حاليا. والتقرير كشف أيضا عن أن عدد الأشجار التي غرستها الجماعة الحضرية سنة 2013 لا يتجاوز 3000 شجرة، وهو رقم بعيد جدا عما وعد به العمدة فؤاد العماري، الذي قال إنه سيغرس 150 ألف شجرة بطنجة مع متم برنامج طنجة الكبرى سنة 2017، 30 ألف شجرة في السنة، ما يعادل 10 أضعاف ما تم زرعه. تطرق التقرير أيضا إلى مشاكل تدبير النفايات الصلبة، التي لا يتم جمعها بنسبة مائة في المائة، وإلى المطرح العشوائي بمنطقة «مغوغة» الذي تجاوز عمره 40 سنة، والذي صار محاطا بالتجمعات السكنية، كما كشف عن افتقار المدينة لمطارح خاصة بالنفايات الصناعية أو الطبية أو نفايات المجازر أو مخلفات البناء. وأورد التقرير، من جهة أخرى، أن 7 من شواطئ طنجة غير صالحة للسباحة، في مقدمتها الشاطئ البلدي، في حين لم يمنح اللواء الأزرق السنة الماضية سوى ل3 شواطئ، هي أشقار، وصول، وبا قاسم، كما نبه إلى الخصاص الكبير في محطات معالجة النفايات السائلة، لافتا إلى أن محطة المعالجة «بوقنادل» دائمة التعطل، ما يؤدي إلى تلوث مياه الشاطئ البلدي، فيما محطة المنطقة الصناعية للمطار لم تعمل منذ بنائها. وبخصوص المآثر التاريخية، اعتبر التقرير أن سنة 2013 كانت سنة بيضاء، لم يسجل فيها أي تحسن بالمقارنة مع تقرير 2012، بل إن بعض المآثر زاد وضعها تدهورا، مثل «فيلا هاريس» التي تتعرض لتخريب ممنهج، حسب المرصد، وفندق سيسيل الذي تستمر عمليات تخريبه. وأورد التقرير أن جل المواقع الأثرية بطنجة تظل في وضعية حرجة ومقلقة وتتطلب التدخل العاجل لإنقاذها، لافتة في الوقت نفسه إلى «الظلم» التاريخي والثقافي الذي تتعرض له مدينة طنجة، إذ إنها أقدم مدينة مغربية، ورغم ذلك هي غير مصنفة كتراث إنساني.