للاغيثة الفهرية امرأة سليلة سد عالي تبارك الله. ورثت ثروة هائلة عن والدها، ولما تزوجت بسيدي عبد المولى، شي في شي، فاضت الشكارة وزاد الخير على زعير ! يملك زوجها، بل، زوجها، صناعة الكبسولات، جالوق منها أو فرشي. رزقا بنتا، أصالة، تعيش في كنفهما في فرنسا رفقة صديقها الفرنسي جوليان. مشكل، بل مأساة للاغيثة، معاناتها من «الستريس» الله يحفظ. فجأة وبلا سبب، «تادور ليها في الزيرو» لم تنفع لا حجيبات الفقيه عبد السلام ولا عيادة الطبيب النفساني الدكتور المنصوري في الحد من ضيق خاطرها، وهو ما يقابله الوسواس الخناس. لا يرتاح لها الخاطر إلا وهي في أحد المتاجر الفاخرة في باريس مثل كريستيان ديور، جيفانشي، أرماني، أنياس بي، وما عداها من المحلات ذات التوقيعات والتقليعات السحرية. تحجز للاغيثة إذن بطاقة من الدرجة الأولى، ولمدة أسبوع تخيط متاجر «اللوكس» لاقتناء ما تسميه الضاوية، «رفادات»، نهديات ب 250 أورو للفردة، فيما لا تتوفر صاحبتنا حتى على «صدر مبندر». ملابس داخلية، وبخاصة «سليبات» ب 400 أورو.. «دجينزات ضيقة، معاطف، أقمصة بألوان فاقعة إلخ... الحصيل في ظرف أسبوع تصرف للاغيثة ما قيمته 8000 أورو على «لحوايج» قبل أن تعود إلى بيتها، مؤقتا، راضية مرضية. نظيرات للاغيثة شلة وبلا قياس. بسبب أو بدونه، يأخذن الطائرة لمعالجة «الستريس» بصرف مبالغ مالية ما يجمعها غير الفم في التسوق إرضاء لنزوات نرجسية. وتبعا لتقييم الغلوبال روفيند، وهي أولى المؤسسات الدولية في مجال السلع المعفاة من الضرائب، فإن المغاربة يحتلون الدور السابع في قائمة المتسوقين العالميين الذين يحجون إلى فرنسا. يتربع الروس على رأس القائمة يليهم الصينيون، اليابانيون، الأمريكيون، البرازيليون، المغاربة، ثم الكوريون. وإن شكلت باريس مركز الثقل للمصروفات، فإن مناطق مثل لاكوت دازير والرون آلب، مع أمكنة مثل كورشوفيل، وميرابيل، تشكل بدورها قطب جاذبية لتسوق المغاربة. وفيما ترحل للاغيثة إذن إلى باريس لإفراغ «الستريس»، وجيبها، في كبريات المتاجر الفاخرة الفرنسية، فإن المكتب الوطني المغربي للسياحة عهد إلى شركة BDDP المتخصصة في الإشهار، بميزانية لم يكشف عن مبلغها، بجلب السياح الأوروبيين المصابين بالستريس الناتج عن «لاكريز» الحالية. وقد أطلقت الشركة في ربوع أوروبا حملة إشهارية واسعة (ملصقات، إعلانات عبر الأنترنيت، محطات الميترو والراديو تنتهي متم أبريل)، للمصابين بالستريس والانهيار العصبي، للخلود إلى الراحة في المغرب. وعلى الموقع الإلكتروني www.marocotherapie.com يمكن لكل من هو مصاب بانهيار نفسي أن يقوم باختبار لقياس درجة انهياره العصبي قبل أن يتدخل البروفيسور كرم، الذي يتقدم بصفته طبيبا استشفائيا مغربيا لتشخيص الداء وتقديم العلاج المناسب لذلك والذي يتمثل في وصفة بسيطة: «آراوا دوك الأوروات». وقد ركب مكتب السياحة برنامجا بالتعاون مع شركات الأسفار الأوروبية لتنظيم إقامات لصالح كل من يعاني من ضيقة النفس، وسواها من الأمراض التي نتجت عن لاكريز. بعد عمليات «تجباد لحناك» وكشط النهود والأرداف، التي أصبح المغرب محجا لها، بعد «حريك» شارفين وشارفات أوروبا إلى المغرب لمعالجة الروماتيزم، بوفالج، والاحتقان البولي إلخ.. ها نحن على أهبة استقبال عينة أخرى من الزبناء، ضحايا الأزمة لاستشفائهم من آثارها النفسية الوخيمة. فماذا لو التحقت للا غيثة ونظيراتها بركب ضحايا لاكريز، لربما شفيت في أحد مراكز العناية المخصصة لهذا الغرض، من الستريس، بدل إهدار مبالغ محترمة قد تعيل عائلات بأكملها، لاقتناء «شراوط» بعضها مثقوب عند الركبتين والبعض الآخر مكمش أو منتوف !